حکم ما لو اشتریٰ عبداً بجاریة فقال أعتقتهما
فنقول : لو تصرّف فیهما تصرّفاً اعتباریاً ، کما لو اشتریٰ عبداً بجاریـة مع ا لخیار لـه ، فقا ل : «أعتقتهما» قاصداً بـه ا لفسخ وا لإبرام ، لو فرضنا إمکانـه ، کما لو کان غافلاً ، أو کان ا لتصرّف منـه فی أحدهما ، ومن وکیلـه ا لمطلق فی الآخر فی زمان واحد :
فلا شبهـة فی عدم حصول ا لفسخ ولا ا لإبرام لو قلنا : بأنّ إنشاء ا لعتق تسبیب لهما .
ودعویٰ تقدیم ا لفسخ علی ا لإبرام ، واضحـة ا لضعف ، کما أفاده ا لشیخ ا لأعظم قدس سره فی ردّها .
وإنّما ا لکلام وا لإشکا ل فی عتق ا لعبد ، بعد وضوح عدم حصول ا لفسخ وا لإبرام ، وعدم تحقّق عتق ا لجاریة ؛ لتوقّفـه علی الانفساخ ا لمفروض عدم تحقّقه .
[[page 424]]فنقول : یمکن أن یقا ل : بانعتاق ا لعبد ؛ لأنّ إنشاءه متحقّق ، ولا مانع من تأثیره .
توضیحـه : أنّ ا لإنشاء ا لجدّی فی عتق ا لعبد ـ مع ا لغضّ عن عتق ا لجاریـة یترتّب علیـه أثران فی زمان واحد ، ورتبـة واحدة ، أحدهما : حصول ا لانعتاق ، وثانیهما : تحقّق ا لإبرام ، فهما أثران مترتّبان علیـه فی عرض واحد .
وأ مّا فی عتق ا لجاریـة ، فلا أثر لـه إ لاّ ا لفسخ ، فیترتّب ذلک علیـه عند تمام ا لإنشاء ، وهو تمام أثره .
وأ مّا ترتّب ا لعتق علیـه ، فموقوف علیٰ حصول ا لملکیّـة ، ا لمتوقّفـة علی ا لانفساخ ، فلیس انعتاقها أثراً مترتّباً علیٰ إنشاء عتقها ، بل علیٰ فرض عدم ا لمزاحم ، تحصل ا لملکیّـة با لانفساخ ا لحاصل من ا لإیقاع ا لإنشائی ، ویترتّب علیـه عتقها .
فعلیٰ ذلک : یکون لعتق ا لعبد أثران ؛ ا لإبرام والانعتاق ، ولعتق ا لجاریـة أثر واحد ؛ هو ا لانفساخ .
لا إشکا ل فی تنافی ا لإبرام وا لفسخ ، ا لمترقّب حصولهما با لعتق ، کما لا إشکا ل فی عدم ا لمزاحمـة بین ا لعتقین ا لإنشائیّین .
وکذا فی عدم ا لمزاحم لعتق ا لعبد ؛ فإنّ ا لمزاحم إنّما هو للأثر الآخر ؛ وهو ا لإبرام ، فلعتقـه أثر یزاحم بمقابلـه ، وأثر لایکون لـه مزاحم فی هذا ا لحا ل ، ولمّا کانت ا لمزاحمـة بین ا لإبرام وا لفسخ ، مانعـة عن تحقّقهما ، فیرتفع موضوع ا لمزاحم لملکیّـة ا لعبد للبائع وا لتحریر وا لانعتاق .
فما فی بعض ا لکلمات : من أنّ ا لفسخ لـه حیثیّتان ؛ ذاتـیّـة ، وعرضیّـة بلحاظ مقتضاه ، فهو منافٍ ومزاحم للعتق بلحاظ حیثیّتـه ا لعرضیّـة ؛ أی حصول ا لملکیّـة للبائع مقارنـة لتمام ا لإنشاء ، وزوال ا لرقیّـة وا لملکیّـة عنـه رأساً ، [[page 425]]
فا لمزاحمـة وإن لم تکن ذاتـیّـة ، لکن تکون بحیثیّتـه ا لعرضیّـة .
کأ نّـه غیر وارد ؛ فإنّ معنی ا لمزاحمـة ا لعرضیّـة ، أنّ ا لمزاحمـة حقیقـة بین الآثار ، وإنّما تنسب إ لی ا لفسخ با لعرض وا لمجاز ، فا لفسخ لایزاحم ا لعتق حقیقـة ، بل ا لأثر ا لمترتّب علیـه مزاحم لأثره ، وعلیٰ ما أشرنا إ لیـه ؛ من استلزام ا لمزاحمـة ا لذاتـیّـة بین ا لإبرام وا لفسخ بطلانَهما معاً ، یدفع موضوع ا لمزاحمـة ا لعرضیّـة .
وإن شئت قلت : إنّ ا لعتق وقع علیٰ ملکـه وعلیٰ ملک غیره دفعـة ، ووقوعـه علیٰ ملکـه یوجب ا لانعتاق ؛ لعدم ا لمزاحم ، لکونـه مدفوعاً بمزاحمـه .
وبتقریب آخر : لا إشکا ل فی حصول عتق ا لعبد ، فیما لو اُحرز عدم تحقّق ا لفسخ للمزاحمـة ؛ فإنّ ا لقطع بعدم ا لفسخ ، ملازم للقطع بعدم ا لخروج عن ملکـه ، وا لقطعِ بحصول شرط ا لعتق .
وأ مّا مع ا لشکّ فیـه ؛ لاحتما ل کون أحدهما مؤثّراً واقعاً ، دون الآخر ، فأصا لـة عدم تحقّق ا لفسخ ، معارضـة بأصا لـة عدم تحقّق ا لإبرام ، ولا معارضـة بینها وبین أصا لـة بقاء ملک ا لمشتری ؛ لأنّ ا لشکّ فی بقاء ملکـه ، مسبّب عن ا لشکّ فی تحقّق ا لفسخ .
فحینئذٍ یمکن تصحیح ا لعتق بوجهین :
أحدهما : أصا لـة عدم ا لفسخ وا لإبرام ؛ فإنّ ا لأثر ا لمشترک للمتعارضین ، لا مانع من ثبوتـه ، وهذا بناءً علیٰ کون بقاء ملکیّـة ا لمشتری للعبد ، أثراً شرعیاً لعدم حلّ ا لعقد ، وعدم إبرامـه .
ولو قیل : بعدم کون أصل عدم ا لإبرام ، مثبتاً للملکیّـة .
یقا ل : إنّ أصا لـة عدم ا لفسخ کافیـة ، ولا معارض لها فی هذا ا لأثر .
[[page 426]]
ثانیهما : أصا لـة بقاء ا لملک ، ولا إشکا ل فیها بعد سقوط ا لأصل ا لحاکم با لمعارضـة ، وشبهـة ا لمثبتیّـة فیـه ؛ بأن یقا ل : إنّ عدم ا لفسخ لازمـه ا لعقلی بقاء ا لعقد وبقاء ا لملکیّـة ، بخلاف أصا لـة بقاء ا لملک ؛ فإنّها محرزة لموضوع ا لحکم ا لشرعی ، وهو قولـه صلی الله علیه و آله وسلم : «لا عتق إ لاّ فی ملک» فتدبّر جیّداً .
و ممّا ذکرنا ، یظهر ا لإشکا ل فی کلام ا لشیخ ا لأعظم قدس سره : من أنّ عتق ا لعبد ، موقوف علیٰ عدم عتق ا لجاریـة ، وبا لعکس فإنّ ا لموقوف علیـه فی جانب عتق ا لعبد محقّق ، وهو عدم عتق ا لجاریـة .
ولو أعتقهما وأراد بـه ا لإبرام ، فلا إشکا ل فی تحقّق عتق ا لعبد ، وعدم تحقّق عتق ا لجاریـة .
ولو أراد بـه ا لفسخ ، فقد یقا ل : بوقوعـه ، وکذا وقوع عتق ا لجاریـة ؛ لما تقدّم من أنّ ا لعتق ا لإنشائی ، موجب للفسخ ، وتترتّب علیـه ملکیّـة ا لجاریـة للفاسخ ، وحصول شرط ا لعتق ، ولا دلیل شرعاً أو عقلاً علیٰ بطلانـه ، وقد تقدّم حا ل توهّم مزاحمـة ا لفسخ وعدم وقوع عتق ا لعبد .
لکنّ ا لأقویٰ وقوع عتق ا لعبد ، وعدم وقوع ا لفسخ ، ولا عتق ا لجاریـة ؛ وذلک للتنافی بین مقتضی ا لفسخ ، ومقتضیٰ عتق ا لعبد ؛ لامتناع ا لجمع بین ا لانعتاق ، وحصولِ ا لملک للبائع با لفسخ فی حا ل واحد .
[[page 427]]وعلیـه فلو فرض ا لعلم ببطلانهما معاً ؛ لأجل ا لتنافی ، وسقوطهما معاً ، لم یکن إشکا ل فی بطلان ا لجمیع ، لکن لیس لنا علم بذلک ، غایـة ا لأمر ا لعلم بعدم إمکان صحّتهما ؛ لاحتما ل صحّـة ا لفسخ ، ووقوع عتق ا لجاریـة ، وبطلان عتق ا لعبد ، وبا لعکس ، ومعـه لابدّ من ا لرجوع إ لی ا لاُصول .
[[page 428]]