المسمّاة بزکاة الفطرة ، التی یتخوّف الموت علیٰ من لم تدفع عنه ، وهی من تمام الصوم کما أنّ الصلاة علی النبیّ صلی الله علیه و آله وسلم من تمام الصلاة . والکلام فیمن تجب علیه وفی جنسها وفی قدرها وفی وقتها وفی مصرفها .
القول فیمن تجب علیه
(مسألة 1) : تجب زکاة الفطرة علی المکلّف الحرّ الغنیّ فعلاً أو قوّةً ، فلاتجب علی الصبیّ والمجنون ولو کان أدواریّاً ، ولایجب علیٰ ولیّهما أن یؤدّی عنهما من مالهما ، بل یقویٰ سقوطها عنهما بالنسبة إلیٰ من یعولان به أیضاً ، ولا علیٰ من أهلّ شوّال علیه وهو مغمیٰ علیه مثلاً ، ولا علی المملوک ، ولا علی الفقیر الذی لایملک مؤونة سنته له ولعیاله زائداً علیٰ ما یقابل الدین ومستثنیاته لا فعلاً ولا قوّة . نعم الأحوط لمن زاد علیٰ مؤونة یومه ولیلته
[[page 295]]صاع إخراجها ، بل یستحبّ للفقیر مطلقاً إخراجها ولو بأن یدیر صاعاً علیٰ عیاله ثمّ یتصدّق به علی الأجنبیّ بعد أن ینتهی الدور إلیه .
(مسألة 2) : إنّما یعتبر وجود الشرائط المزبورة عند دخول لیلة العید ، فلایکفی وجودها قبله إذا زال عنده ، ولا بعده لو لم تکن عنده ، فلو اجتمعت الشرائط عند الغروب بعد فقدها تجب الفطرة کما لو بلغ الصبیّ أو زال جنونه أو أفاق من الإغماء أو ملک ما به صار غنیّاً أو تحرّر ، بخلاف ما إذا فقدت عنده بعدما کان موجوداً قبله کما لو جنّ أو اُغمی علیه أو صار فقیراً قبل الغروب ولو بلحظة أو مقارناً له ، فإنّه لاتجب علیهم ، وکذا لو حصلت بعده کما لو بلغ أو زال جنونه مثلاً بعد الغروب ، نعم یستحبّ إذا کان ذلک قبل الزوال من یوم العید .
(مسألة 3) : یجب علیٰ من استکمل الشرائط المزبورة إخراجها عن نفسه وعمّن یعول به ؛ من مسلم وکافر وحرّ وعبد وصغیر وکبیر حتّی المولود الذی یولد قبل هلال شوّال ولو بلحظة ، وکذا کلّ من یدخل فی عیلولته قبل الهلال حتّی الضیف علی الأحوط وإن لم یتحقّق منه الأکل ، بخلاف المولود بعد الهلال ، وکذا کلّ من دخل فی عیلولته کذلک فإنّه لایجب علیه فطرتهم ، نعم هو مستحبّ إذا کان قبل الزوال .
(مسألة 4) : کلّ من وجبت فطرته علیٰ غیره لضیافة أو عیلولة سقطت عنه ولو کان غنیّاً جامعاً لشرائط الوجوب لو انفرد ، نعم یقویٰ وجوبها علیه لو کان غنیّاً والمضیف أو المعیل فقیراً ، بل الأحوط إخراجه عن نفسه لو علم بعدم إخراج الغیر الذی قد خوطب بها نسیاناً أو عصیاناً ، بل الأحوط فی الضیف الذی وجبت علیه لو انفرد إخراجها ولو مع إخراج المضیف أیضاً إذا لم یعدّ من عیاله عرفاً لطول مقامه والبناء علی البقاء عنده
[[page 296]]مدّة . والحاصل أنّ الأحوط فی هذه الصورة إخراجهما معاً .
(مسألة 5) : الغائب عن عیالاته یجب علیه أن یخرجها عنهم إلاّ إذا وکّلهم فی أن یخرجوا فطرتهم من ماله الذی ترکه عندهم .
(مسألة 6) : الظاهر أنّ المدار فی العیال علی العیلولة الفعلیّة لا علیٰ وجوب النفقة وإن کان الأحوط مراعاة أحد الأمرین . ولو کانت له زوجة دائمة فإن کانت فی عیلولته وجبت فطرتها علیه وإن لم تجب نفقتها علیه لنشوز وغیره ، وأمّا مع عدم العیلولة لاتجب فطرتها علیه وإن وجبت نفقتها علیه ، وحینئذٍ إن عالها غیر الزوج یجب علیٰ ذلک الغیر وإن لم یعلها أحد وکانت غنیّة ففطرتها علیٰ نفسها وإن کانت فقیرة لم تجب فطرتها علیٰ أحد ، وکذلک الحال فی المملوک .
(مسألة 7) : لو کان شخص فی عیال اثنین یجب فطرته علیهما مع یسارهما ، ومع یسار أحدهما یجب علیه حصّته دون الآخر .
(مسألة 8) : یحرم فطرة غیر الهاشمیّ علی الهاشمیّ ، والمدار علی المعیل لا العیال والأحوط مراعاة کلیهما .
(مسألة 9) : یجب فیها النیّة کغیرها من العبادات ، ویجوز أن یتولّیٰ إخراجها من خوطب بها بنفسه أو بتوکیل غیره ، ویتولّی الوکیل النیّة وإن کان قصد التقرّب من الموکّل بتوکیله له ، نعم لو کان الغیر وکیلاً فی الإیصال دون الإخراج یکون المتولّی للنیّة هو نفسه . ویجوز أن یوکّل غیره فی الدفع من ماله والرجوع إلیه ، فیکون بمنزلة التوکیل فی دفعه من مال الموکّل . وأمّا التوکیل فی دفعه من ماله بدون الرجوع إلیه فهو توکیل فی التبرّع عنه ، وهو لایخلو عن إشکال کأصل التبرّع بها .
[[page 297]]
القول فی جنسها
(مسألة 1) : الضابط فی جنسها ما غلب فی القوت لغالب الناس کالحنطة والشعیر والتمر والزبیب والأرز والاُقط واللبن ، والأحوط الاقتصار علیها وإن أجزأ غیرها کالذرة ونحوها ، إلاّ أنّ الأحوط دفع غیرها قیمة ، وأحوط منه الاقتصار علی الأربعة الاُوَل مع اللبن ، وأحوط منه الأربعة ودفع ما عداها قیمة ، بل الأحوط دفع الدقیق والخبز قیمة فضلاً عن غیرهما .
(مسألة 2) : یعتبر فی المدفوع فطرة أن یکون صحیحاً ، فلایجزی المعیب ، کما لایجزی الممزوج بما لا یتسامح فیه إلاّ علیٰ جهة القیمة ؛ لأنّ الأقویٰ الاجتزاء بالقیمة عنها . وتعتبر بحسب حال وقت الإخراج وبلده .
(مسألة 3) : الأفضل إخراج التمر ثمّ الزبیب ثمّ غالب قوت البلد ، وقد یترجّح الأنفع بملاحظة المرجّحات الخارجیّة کما یرجّح لمن یکون قوته من البرّ الأعلی الدفع منه لا من البرّ الأدون ولا من الشعیر .
[[page 298]]
القول فی قدرها
وهو صاع من جمیع الأقوات حتّی اللبن ، والصاع أربعة أمداد وهی تسعة أرطال بالعراقی وستّة بالمدنی ، وهی عبارة عن ستّمائة وأربعة عشر مثقالاً صیرفیّاً وربع مثقال ، فیکون بحسب حقّة النجف - التی هی تسعمائة مثقال وثلاثة وثلاثون مثقالاً وثلث مثقال - نصف حقّة ونصف وقیّة وأحد وثلاثون مثقالاً إلاّ مقدار حمّصتین ، وبحسب حقّة إسلامبول - و هی مائتان وثمانون مثقالاً - حقّتان وثلاثة أرباع الوقیّة ومثقال وثلاثة أرباع المثقال ، وبحسب المنّ الشاهی - وهو ألف ومائتان وثمانون مثقالاً - نصف منّ إلاّ خمسة وعشرون مثقالاً وثلاثة أرباع المثقال .
القول فی وقت وجوبها
وهو دخول لیلة العید ، ویستمرّ وقت دفع الفطرة من حین وجوبها إلیٰ وقت الزوال . والأفضل النهار قبل صلاة العید ، بل لایترک الاحتیاط بالنسبة إلیٰ قبلیّة الصلاة لو صلّیٰ ؛ فإن خرج وقت الفطرة وکان قد عزلها دفعها لمستحقّها ، وإن لم یکن قد عزلها فالأحوط الأقویٰ عدم سقوطها ، بل یؤدّیها ناویاً بها القربة من غیر تعرّض للأداء والقضاء .
(مسألة 1) : لایجوز تقدیمها علیٰ وقتها فی غیر شهر رمضان ، بل فیه أیضاً علی الأحوط ، نعم لابأس بإعطاء الفقیر قرضاً ثمّ احتسابه علیه فطرة عند مجیء وقتها .
(مسألة 2) : یجوز عزل الفطرة وتعیینها فی مال مخصوص من الأجناس أو غیرها بقیمتها ، ولو عزل أقلّ منها اختصّ الحکم به وبقی البقیّة غیر معزولة . ولو عزلها فی الأزید ففی انعزالها بذلک حتّیٰ یکون المعزول مشترکاً بینه وبین الزکاة إشکال ، نعم لو عیّنها فی مال مشترک بینه وبین غیره مشاعاً فالأظهر انعزالها بذلک إذا کان حصّته بقدرها أو أقلّ
[[page 299]]منها . وعلیٰ کلّ حال إن خرج الوقت وقد عزلها فی الوقت جاز تأخیر دفعها إلی المستحقّ خصوصاً مع ملاحظة بعض المرجّحات ؛ وإن کان یضمنه مع التمکّن ووجود المستحقّ لو تلف ، بخلافه فیما إذا لم یتمکّن فإنّه لایضمن إلاّ مع التعدّی والتفریط فی حفظه کسائر الأمانات .
(مسألة 3) : الأحوط عدم نقلها بعد العزل إلیٰ بلد آخر مع وجود المستحقّ وعدم تأخیرها کذلک ، وإن کان الأقوی الجواز مع الضمان .
القول فی مصرفها
والأحوط الاقتصار علیٰ دفعها للفقراء المؤمنین وأطفالهم ، بل المساکین منهم وإن لم یکونوا عدولاً . ویجوز إعطاؤها للمستضعفین من المخالفین عند عدم وجود المؤمنین وإن لم نقل به فی زکاة المال . والأحوط أن لایدفع للفقیر أقلّ من صاع أو قیمته وإن اجتمع جماعة لا تسعهم کذلک . ویجوز أن یعطی الواحد أصواعاً بل ما یغنیه . ویستحبّ اختصاص ذوی الأرحام والجیران وأهل الهجرة فی الدین والعفّة والعقل وغیرهم ممّن یکون فیه أحد المرجّحات ، ولا یشترط العدالة فیمن یدفع إلیه ، نعم الأحوط أن لایدفع إلیٰ شارب الخمر والمتجاهر بالمعصیة والهاتک لجلباب الحیاء ، کما أنّه لایجوز أن یدفع إلیٰ من یصرفها فی المعصیة .
[[page 300]]