ا‏لإشکالات ا‏لمختصّـة بالآیة

أمّا الإشکالات المختصّـة بالآیـة

‏ ‏

فمنها‏ : معارضـة المفهوم مع عموم التعلیل الواقع فی ذیلها ، وهو قولـه‏‎ ‎‏تعالی : ‏‏«‏أَنْ تُصِیبُوا قَوْماً بِجَهالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلیٰ مٰا فَعَلْتُمْ نٰادِمِینَ‏»‏‏ فإنّ الجهالة هی‏‎ ‎‏عدم العلم بالواقع ، وهو مشترک بین إخبار الفاسق وغیره . فمقتضی التعلیل وجوب‏

کتابمعتمد الاصول (ج. ۱): تقریر ابحاث روح‏ الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 470
‏التبیّن عن خبر العادل أیضاً ، وهو یعارض مع مفهوم الصدر ، والتعلیل أقوی .‏

ودعوی‏ : أنّ النسبـة بینهما عموم من وجـه ، فیتعارضان فی مادّة الاجتماع ،‏‎ ‎‏وهی خبر العادل الغیر المفید للعلم ، ویجب حینئذٍ تقدیم عموم المفهوم وإدخال‏‎ ‎‏مادّة الاجتماع فیـه ؛ إذ لو خرج عنـه ، وانحصر مورده بالخبر العادل المفید للعلم‏‎ ‎‏لکان لغواً ؛ لأنّ خبر الفاسق المفید للعلم أیضاً واجب العمل ، بل نقول : إنّ الخبر‏‎ ‎‏المفید للعلم خارج عن الآیـة مفهوماً ومنطوقاً ، فیکون المفهوم أخصّ مطلق من‏‎ ‎‏عموم التعلیل ، فیجب تخصیصـه بـه .‏

مدفوعـة‏ : بأنّ المدعی إنّما هو التعارض بین ظهور التعلیل فی العموم‏‎ ‎‏وظهور الجملـة الشرطیـة فی ثبوت المفهوم ، وحینئذٍ فالأخذ بظاهر التعلیل أولی‏‎ ‎‏من تخصیصـه بعد ثبوت المفهوم ؛ خصوصاً بعد کونـه آبیاً عن التخصیص . وبعبارة‏‎ ‎‏اُخری : لاینعقد للآیـة مفهوم ، حتّی تعارض مع عموم التعلیل‏‎[1]‎‏ .‏

هذا‏ ‏، والحقّ أن یقال‏ : إنّ الآیـة الشریفـة لا مجال للاستدلال بها للمقام ، فإنّ‏‎ ‎‏المراد بالنبأ لیس مطلق الخبر ، بل الخبر العظیم ، والنبأ الذی یترتّب علیـه اُمور‏‎ ‎‏کثیرة . والدلیل علیـه ـ مضافاً إلی التعبیر بالنبأ لابالخبر ـ ملاحظـة التعلیل ، فإنّ‏‎ ‎‏من الواضح أنّ العمل بخبر الفاسق فی غیر الاُمور العظیمـة ممّا لایترتّب علیـه‏‎ ‎‏الندامـة ، فإنّـه لو اُخبر بمجیء زید فرتّب المخاطب آثار المجیء بمجرّد إخباره‏‎ ‎‏لایوجب ذلک إصابـة القوم بجهالـة الموجبـة للندامـة ، ویدلّ علی ذلک ملاحظـة‏‎ ‎‏مورد نزول الآیـة أیضاً ، ومن المعلوم أنّ فی تلک الاُمور العظیمـة التی یترتّب‏‎ ‎‏علیها قتل الرجال ، وسبی النساء والصبیان ، وتصرّف الأموال لایجوز الاکتفاء فیها‏‎ ‎‏بخبر العادل أیضاً ، فالآیـة الشریفـة بعیدة عن المقام بمراحل .‏


کتابمعتمد الاصول (ج. ۱): تقریر ابحاث روح‏ الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 471
‏هذا ، مضافاً إلی أنّـه علی تقدیر تسلیم کون المراد بالنبأ هو مطلق الخبر‏‎ ‎‏نقول : إنّـه لا مجال لدعوی المفهوم فیها ، فإنّ التعلیل إنّما یدلّ علی کون الحکم‏‎ ‎‏معلّلاً بمضمونـه ، ومعـه لا مجال لدعوی کون التعلیق فی القضیـة الشرطیـة ظاهراً‏‎ ‎‏فی کون الشرط علّـة ، فضلاً عن کونـه علّـة منحصرة ؛ إذ هذا الظهور إنّما نشأ من‏‎ ‎‏إطلاق الأداة أو إطلاق الشرط أو إطلاق الجزاء ـ کما قد قرّر فی باب المفاهیم ـ‏‎ ‎‏ومع التصریح بالعلّیـة لم یکن للقضیـة ظهور فی الإطلاق ، بل لایکون لها ظهور‏‎ ‎‏فی مجرّد علّیـة الشرط ، فضلاً عن انحصارها . ولعمری إنّ هذا الإشکال ممّا‏‎ ‎‏لایمکن الذبّ عنـه ، فتدبّر .‏

‏هذا ، وأمّا ما یظهر من بعض من دعوی أنّ الجهالـة لیس بمعنی عدم العلم ،‏‎ ‎‏بل بمعنی السفاهـة والرکون إلی ما لاینبغی الرکون إلیـه‏‎[2]‎‏ فهو ظاهر الفساد ،‏‎ ‎‏وبعد وضوح کونـه من اشتقاقات مادّة الجهل ، مضافاً إلی تصریح أهل اللغـة بـه‏‎ ‎‏أیضاً‏‎[3]‎‏ .‏

ومنها‏ : أنّـه یلزم خروج المورد عن عموم المفهوم ؛ لأنّ مورد نزول الآیـة‏‎ ‎‏الشریفـة هو الإخبار بالارتداد ، وهو لایثبت إلاّ بالبیّنـة ، فاللازم خروجـه عن‏‎ ‎‏العموم ، مع أنّـه نصّ فی المورد ، فلابدّ من رفع الید عن المفهوم لئلاّ یلزم‏‎ ‎‏التخصیص الشنیع‏‎[4]‎‏ ، وهذا الإشکال أیضاً ممّا لایمکن الذبّ عنـه ، وإن تصدّی‏‎ ‎‏للجواب عنـه المحقّق النائینی ـ علی ما فی التقریرات‏‎[5]‎‏ـ ولکنّـه لایندفع بـه ،‏‎ ‎‏فتأمّل فیـه .‏

‎ ‎

کتابمعتمد الاصول (ج. ۱): تقریر ابحاث روح‏ الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 472

  • )) فرائد الاُصول 1 : 118 .
  • )) فوائد الاُصول (تقریرات المحقّق النائینی) الکاظمی 3 : 171 .
  • )) مجمع البحرین 5 : 345 ، القاموس المحیط 3 : 363 ، الصحاح 4 : 1663 .
  • )) اُنظر فرائد الاُصول 1 : 124 .
  • )) فوائد الاُصول (تقریرات المحقّق النائینی) الکاظمی 3 : 174 .