قول اللّغوی
الأمر الثانی قول اللّغوی
واستدلّ علی حجّیتـه بأنّ اللغوی من أهل الخبرة والصناعـة ، وبناء العقلاء علی الرجوع إلی أهل الخبرة من کلّ صنعـة فیما اختصّ بها ، فإنّ رجوع الجاهل إلی العالم من الارتکازیات التی لاریب فیها عند العقلاء ، ولم یثبت من الشارع ردع عن هذا البناء ، فمن ذلک یستکشف رضاه بالمراجعـة إلی اللغـة ، وتشخیص موضوعات الأحکام منها ، کما لایخفی .
هذا ، وقد اُجیب عن ذلک بمنع کون اللغوی من أهل الخبرة ؛ ضرورة أنّ همّـه تشخیص موارد الاستعمال ، وأنّ اللّفظ الفلانی قد استعمل فی معنی واحد أو متعدّد ، وأمّا تعیین الحقائق من المجازات والمشترکات من غیرها فلایستفاد من کتب اللغـة أصلاً ، بل ولایدعیـه لغوی أیضاً .
هذا ، ولکن لایخفی : أنّـه لو سلّمنا الصغری ، وأنّ اللغوی من أهل الخبرة والصناعـة فإثبات الکبری فی غایـة الإشکال ؛ لما هو واضح من أنّ حجّیـة بناء
کتابمعتمد الاصول (ج. ۱): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 449
العقلاء فی الاُمور الشرعیـة إنّما یتوقّف علی إحراز رضا الشارع بتبعیـة ذلک البناء ، ولو کان ذلک مستکشفاً من عدم الردع عنـه ، مع کونـه بمرئی ومسمع منـه .
ومن المعلوم أنّ کاشفیـة عدم الردع عن الرضا إنّما هو فیما لو کان بناء العقلاء علی أمر متصلاً بزمان الشارع ، وثابتاً فیـه ، وإثبات ذلک فی المقام مشکل ؛ لعدم إحراز أنّـه کان فی زمن الشارع علم مدوّن مورد لمراجعـة الناس ، وکان ذلک بمنظرٍ منهم ، فإنّ الظاهر أنّ علم اللغـة من العلوم المستحدثـة فی القرون المتأخّرة عن زمن الشارع ، فلیس ذلک کالبناء علی العمل بخبر الواحد والید وأصالـة الصحّـة ، بل والتقلید ، فإنّ الظاهر ثبوتـه فی زمان الأئمّـة علیهم السلام ، کما یظهر من الروایات .
وبالجملـة : فلم یثبت مراجعـة الناس إلی أهل اللغـة فی زمانهم علیهم السلام ، حتّی یستکشف من عدم الردع الرضا والإمضاء ، کما لایخفی .
کتابمعتمد الاصول (ج. ۱): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 450