فی تأسیس الأصل
المقام الثانی فی تأسیس الأصل
یقع الکلام فی تأسیس الأصل الذی یعوّل علیـه عند عدم الدلیل علی وقوع التعبّد بغیر العلم مطلقاً أو فی الجملـة . فنقول : ذکر الشیخ فی «الرسالـة» ما ملخّصـه : أنّ التعبّد بالظنّ الذی لم یدلّ علی التعبّد بـه دلیل محرّم بالأدلّـة الأربعـة .
یکفی من الکتاب قولـه تعالی : «قُلْ ءآللّٰـهُ أَذِنَ لَکُمْ أَمْ عَلی اللّٰـهِ تَفْتَرُونَ» دلّ علی أنّ ما لیس بإذن من اللّٰـه من إسناد الحکم إلی الشارع فهو افتراء .
ومن السنّـة : قولـه علیه السلام فی عداد القضاة من أهل النار : «ورجل قضی بالحقّ ، وهو لایعلم» .
ومن الإجماع : ما ادعاه الفرید البهبهانی من عدم کون الجواز بدیهیاً عند
کتابمعتمد الاصول (ج. ۱): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 434
العوامّ ، فضلاً عن العلماء .
ومن العقل : تقبیح العقلاء من یتکلّف من قبل مولاه بما لایعلم بوروده من المولی .
نعم ، فرق بین هذا وبین الاحتیاط الذی یستقلّ العقل بحسنـه ؛ لأنّـه فرق بین الالتزام بشیء من قبل المولی علی أنّـه منـه ، مع عدم العلم بأنّـه منـه ، وبین الالتزام بإتیانـه لاحتمال کونـه منـه .
والحاصل : أنّ المحرّم هو العمل بغیر العلم متعبّداً بـه ومتدیّناً بـه . وأمّا العمل بـه من دون تعبّد بمقتضاه فهو حسن إن کان لرجاء إدراک الواقع ما لم یعارضـه احتیاط آخر ، ولم یثبت من دلیل آخر وجوب العمل علی خلافـه ، کما لو ظنّ الوجوب ، واقتضی الاستصحاب الحرمـة ، انتهی موضع الحاجـة .
أقول : المراد بالإسناد إلی الشارع هو التشریع الذی کان قبحـه عقلاً وحرمتـه شرعاً مفروغاً عنـه عندهم ، ولکن کلّما تأمّلنا لم نعرف لـه معناً متصوّراً معقولاً ، إذ الالتزام الحقیقی بما یعلم عدم ورود التعبّد من الشارع ، أو لایعلم وروده منـه ممّا لایمکن أن یتحقّق ؛ لعدم کون الالتزامات النفسانیـة تحت اختیار المکلّف . نعم ، الإسناد إلی الشارع ـ الذی هو عبارة اُخری عن البدعـة ـ أمر ممکن معقول ، قد دلّ العقل والنقل علی خلافـه ، وأنّـه أمر قبیح محرّم .
وبالجملـة : فالتعبّد بمقتضی الأمارة الغیر العلمیـة التی لم یرد دلیل علی اعتبارها إن کان معناه هو العمل بمضمونها بعنوان أنّـه من الشارع فهو ممّا لایعقل ، مع عدم العلم بورود التعبّد بـه من الشارع ، وإن کان معناه هو إسناد مضمونها إلی الشارع قولاً فهو من مصادیق القول بغیر العلم الذی یحکم العقل بقبحـه قطعاً ،
کتابمعتمد الاصول (ج. ۱): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 435
والدلیل النقلی بحرمتـه شرعاً .
وماذکره من الأدلّـة الأربعـة لایستفاد منها أزید من ذلک ؛ لأنّ المراد بالافتراء فی قولـه تعالی هو الکذب ، کما هو معناه لغـة ، وکذا سائر الأدلّـة لایدلّ علی أزید من حرمـة القول بغیر علم ، ولایدلّ شیء منها علی حرمـة العمل بما لایعلم بعنوان أنّـه من المولی قطعاً .
ثمّ إنّ المبحوث عنـه فی المقام هو تأسیس الأصل فیما لا دلیل علی اعتباره ، حتّی یتبع فی موارد الشکّ ، فالاستدلال علی أنّ الأصل هو عدم الحجّیـة بقبح التشریع وحرمتـه ـ کما عرفت فی کلام الشیخ ـ مبنی علی دعوی الملازمـة بین الحجّیـة وصحّـة الإسناد ، بمعنی أنّـه کلّما صحّ الإسناد ـ أیإسناد مقتضاه إلی الشارع ـ فهو حجّـة ، وکلّما لم یصحّ لایکون بحجّـة ، فإذا قام الدلیل علی حرمـة التشریع الذی یرجع إلی الإسناد إلی الشارع فیما لایعلم یستفاد من ذلک عدم کونـه حجّـة .
هذا ، وقد یورد علی دعوی الملازمـة بالنقض بموارد :
أحدها : ما أفاده المحقّق الخراسانی فی «الکفایـة» من أنّ الظنّ علی تقدیر الحکومـة حجّـة عقلاً ، مع أنّـه لایصحّ إسناد المضمون إلی الشارع فیـه .
هذا ، ولکن یرد علیـه : عدم تمامیـة النقض ، بناءً علی مبناه فی تقریر مقدّمات الانسداد من أنّ أحدها العلم الإجمالی بوجود التکالیف ؛ لأنّـه بناءً علی ذلک لایکون الظنّ حجّـة ، بل الحجّـة هو العلم الإجمالی . غایـة الأمر : أنّـه حیث لایمکن ـ أو لایجب ـ الاحتیاط فی جمیع أطرافـه فاکتفی بالعمل
کتابمعتمد الاصول (ج. ۱): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 436
بالمظنونات فقط ، فالعمل بها لیس لکون الظنّ حجّـة ، بل لکونـه أقرب إلی الوصول إلی الواقع ، کما لایخفی .
ثانیها : ما ذکره المحقّق العراقی ـ علی ما فی تقریرات بحثـه ـ من النقض باحتمال التکلیف قبل الفحص ، وبإیجاب الاحتیاط فی الشبهات البدویـة .
ولکن یرد علیـه : أنّ احتمال التکلیف قبل الفحص لایکون حجّـة ، بل الحجّـة هی بیان التکلیف المذکور فی مظانّـه الذی یعلم بـه بعد الفحص . غایـة الأمر : أنّ العقل یحکم بقبح العقاب بلابیان فیما إذا تفحّص ولم یجد ، فعدم الفحص لایقتضی أزید من عدم حکم العقل بقبحـه فی مورده ، لا أن یکون الاحتمال معـه حجّـة ، کما أنّ إیجاب الاحتیاط فی الشبهات البدویـة یمکن أن یقال بعدم کونـه حجّـة ، بل إنّما هو رافع لحکم العقل بقبح العقاب الذی کان ثابتاً عند عدم إیجاب الاحتیاط ؛ لأنّـه لو شرب التتن مثلاً مع وجوب الاحتیاط علیـه ، وکان فی الواقع حراماً فهو یعاقب علی الإتیان بالمنهیّ عنـه ، لا علی مخالفـة الاحتیاط .
وبالجملـة : فلم یوجد مورد یتحقّق الانفکاک فیـه بین الحجّیـة وصحّـة الإسناد . نعم ، یرد علی الشیخ : أنّ ادعاء الملازمـة بینهما إنّما هو مجرّد دعوی یحتاج إلی إقامـة برهان ، کما لایخفی .
فالأولی فی تقریر الأصل ما أفاده فی «الکفایـة» ممّا حاصلـه : أنّ مع الشکّ فی حجّیـة شیء لایترتّب علیـه آثار الحجّیـة قطعاً ؛ ضرورة أنّ احتجاج المولی علی العبد لایجوز إلاّ بما یعلم العبد بکونـه حجّـة منـه علیـه ، فالآثار المرغوبـة من الحجّـة لا تکاد تترتّب إلاّ علی ما اُحرز اتصافها بالحجّیـة الفعلیـة ؛ لقبح المؤاخذة علی مخالفـة التکلیف مع الشکّ فی حجّیـة الأمارة المصیبـة ، ونحو
کتابمعتمد الاصول (ج. ۱): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 437
ذلک من الآثار . فعدم حجّیـة الأمارة التی شکّ فی اعتبارها شرعاً أمر مقطوع ، یحکم بـه العقل جزماً .
ومن هنا یظهر الخلل فی استدلال الشیخ علی أصالـة عدم الحجّیـة بالأدلّـة الأربعـة ، فإنّ الکلام هنا فی تأسیس الأصل الذی یتبع فی موارد الشکّ ، ولم یقم بعد دلیل علی حجّیـة ظواهر الکتاب أو السنّـة الغیر القطعیـة أو الإجماع مثلاً ، حتّی یتمسّک بها علی أنّ الأصل فی موارد الشکّ یقتضی عدم الحجّیـة . نعم ، لابأس بالتمسّک بالعقل لو کان حکمـه بذلک قطعیاً ، کما لایخفی .
ثمّ إنّـه قد یستدلّ علی أنّ الأصل عدم الحجّیـة باستصحاب عدم الحجّیـة وعدم وقوع التعبّد بـه ، وإیجاب العمل علیـه . وأورد علیـه الشیخ قدس سره بأنّ الأصل وإن کان کذلک إلاّ أنّـه لایترتّب علی مقتضاه شیء ، فإنّ حرمـة العمل بالظنّ یکفی فی موضوعها مجرّد عدم العلم بورود التعبّد ، من غیر حاجـة إلی إحراز عدمـه .
والحاصل : أنّ أصالـة عدم الحادث إنّما یحتاج إلیها فی الأحکام المترتّبـة علی عدم ذلک الحادث ، وأمّا الحکم المترتّب علی عدم العلم بذلک الحادث فیکفی فیـه الشکّ فیـه ، ولایحتاج إلی إحراز عدمـه بحکم الأصل ، وهذا نظیر قاعدة الاشتغال الحاکمـة بوجوب الیقین بالفراغ ، فإنّـه لایحتاج فی إجرائها إلی أصالـة عدم فراغ الذمّـة ، بل یکفی فیها عدم العلم بالفراغ ، انتهی .
واستشکل علی هذا الکلام المحقّق الخراسانی فی «التعلیقـة» بما حاصلـه : أنّ الحجّیـة وعدمها ، وکذا إیجاب التعبّد وعدمـه بنفسهما ممّا یتطرّق إلیـه الجعل ، وتنالـه ید التصرّف من الشارع ، وما کان کذلک یکون الاستصحاب فیـه جاریاً ،
کتابمعتمد الاصول (ج. ۱): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 438
کان هناک أثر شرعی یترتّب علی المستصحب أو لا .
هذا ، مع أنّـه لو کان الحجّیـة وعدمها من الموضوعات الخارجیـة التی لایصحّ الاستصحاب فیها إلاّ بملاحظـة الآثار الشرعیـة المترتّبـة علیها فإنّما لایکون مجال لاستصحاب عدم الحجّیـة فیما إذا لم یکن حرمـة العمل إلاّ أثر الشکّ فیها ، لا لعدمها واقعاً . وأمّا إذا کانت أثراً لـه أیضاً فالمورد وإن کان فی نفسـه قابلاً لکل من الاستصحاب والقاعدة المضروبـة لحکم هذا الشکّ إلاّ أنّـه لایجری فعلاً إلاّ الاستصحاب ؛ لحکومتـه علیها .
والضابط : أنّـه إذا کان الحکم الشرعی مترتّباً علی الواقع لیس إلاّ ، فلامجال إلاّ للاستصحاب ، وإذا کان مترتّباً علی الشکّ فیـه کذلک فلا مجال إلاّ للقاعدة ، وإذا کان مترتّباً علی کلیهما ، فالمورد وإن کان قابلاً لهما إلاّ أنّ الاستصحاب جار دونها ؛ لحکومتـه علیها .
وفیما نحن فیـه وإن کان حکم حرمـة العمل والتعبّد مترتّباً علی الشکّ فی الحجّیـة إلاّ أنّـه یکون مترتّباً أیضاً علی عدمها ؛ لمکان ما دلّ علی حرمـة الحکم بغیر ما أنزل اللّٰـه ، فیکون المتبع هو الاستصحاب .
ومن هنا انقدح الحال فی استصحاب الاشتغال وقاعدتـه ، وأنّها لا تجری معـه ؛ لوروده علیها ، انتهی ملخّصاً .
وقد أورد علی هذا الاستشکال المحقّق النائینی ـ علی ما فی تقریرات بحثـه ـ بما ملخّصـه : أنّ ما أفاده أولاً من أنّ الحجّیـة بنفسها من الأحکام ، فلایتوقّف جریان استصحاب عدمها علی أن یکون وراء المؤدّی أثر عملی .
ففیـه : أنّ ما اشتهر من أنّ الاُصول الحکمیـة لایتوقّف جریانها علی أن
کتابمعتمد الاصول (ج. ۱): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 439
یکون فی البین أثر عملی إنّما هو لأجل أنّ المؤدّی بنفسـه من الآثار العملیـة ، وإلاّ فلایمکن أن تجری الاُصول .کیف ، وهی وظائف عملیـة ، والحجّیـة وإن کانت من الأحکام الوضعیّـة ، وکانت بنفسها ممّا تنالها ید الجعل إلاّ أنّها بوجودها الواقعی لایترتّب علیها أثر عملی أصلاً ، والآثار المترتّبـة علیها منها ما یترتّب علیها بوجودها العلمی ، ککونها منجّزة وعذراً ، ومنها ما یترتّب علی نفس الشکّ فی حجّیتها ، کحرمـة التعبّد بها ، وعدم جواز إسناد مؤدّاها إلی الشارع .
فعدم الحجّیـة الواقعیـة بنفسـه لایقتضی الجری العملی ، حتّی یجری استصحاب العدم ؛ إذ لیس لإثبات عدم الحجّیـة أثر إلاّ حرمـة التعبّد بها ، وهو حاصل بنفس الشکّ فی الحجّیـة وجداناً ؛ لما عرفت من أنّ الشکّ تمام الموضوع لحرمـة التشریع وعدم جواز التعبّد .
فجریان الاستصحاب لإثبات هذا الأثر یکون من تحصیل الحاصل ، بل أسوأ حالاً منـه ؛ فإنّ تحصیل الحاصل فیما إذا کان المحصّل والحاصل من سنخ واحد ، کلاهما وجدانیان أو تعبّدیان ، وفی المقام یلزم إحراز ما هو محرز بالوجدان بالتعبّد ، فهو أسوأ حالاً منـه .
وأمّا ما أفاده ثانیاً من أنّ حرمـة التعبّد بالأمارة کما تکون أثراً للشکّ فی حجّیتها کذلک یکون أثراً لعدم حجّیتها واقعاً ، ففی ظرف الشکّ یجری کلّ من الاستصحاب والقاعدة ، ویقدّم الأوّل ؛ لحکومتـه .
ففیـه : أنّـه لایعقل أن یکون الشکّ فی الواقع موضوعاً للأثر فی عرض الواقع ، مع أنّـه علی هذا الفرض لایجری الاستصحاب أیضاً ؛ لأنّ الأثر یترتّب بمجرّد الشکّ لتحقّق موضوعـه ، فلایبقی مجال لجریان الاستصحاب ؛ لأنّـه لا تصل النوبـة إلی إثبات بقاء الواقع ؛ لیجری فیـه الاستصحاب ، فإنّـه فی المرتبـة السابقـة علی هذا الإثبات تحقّق موضوع الأثر ، وترتّب علیـه . فأیّ فائدة فی
کتابمعتمد الاصول (ج. ۱): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 440
جریان الاستصحاب ؟ !
وما قرع سمعک من أنّ الاستصحاب یکون حاکماً علی القاعدة المضروبـة لحال الشکّ فإنّما هو فیما إذا کان ما یثبتـه الاستصحاب مغایراً لما تثبتـه القاعدة ، انتهی ملخّصاً .
أقول : والتحقیق أن یقال : إنّـه قد ظهر من مطاوی ما ذکرنا أنّ هنا عناوین ثلاثـة ، قد وقع الخلط بینها فی الکلمات التی نقلناها عن الأعلام :
أحدها : القول بغیر علم الذی یدلّ علی حرمتـه الآیـة والروایـة والعقل ، ومن الواضح أنّ الموضوع فیـه إنّما هو نفس الشکّ وعدم العلم .
ثانیها : البدعـة والتشریع ، بمعنی إدخال ما لیس من الدین فی الدین ، وإظهار أنّـه منـه ، وهذا أمر واقعی لا ربط لـه بعلم المکلّف وجهلـه ، فإنّ المکلّف قد یدخل فی الدین ما لایکون باعتقاده منـه ، مع أنّـه کان فی الواقع من الدین ، فهذا لایکون تشریعاً ، ولایعاقب علیـه حینئذٍ . نعم ، لو قلنا باستحقاق المتجرّی للعقاب یترتّب علیـه عقوبتـه ، وقد یدخل فی الدین ما یکون باعتقاده منـه ، مع أنّـه لیس فی الواقع منـه ، فهذا تشریع واقعاً ، ولکنّ المکلّف معذور فی ارتکاب هذا الحرام ؛ لجهلـه بـه .
ثالثها : عنوان الکذب الذی هو أعمّ من البدعـة ؛ إذ تختصّ هی بما إذا اُدخل فی الدین والشریعـة أو نقّص منـه ، والأوّل أعمّ منها ومن الکذب فی غیر الأحکام الشرعیـة . ولایخفی أنّ الکذب أیضاً عنوان واقعی ؛ لأنّـه لیس إلاّ مخالفـة القول للواقع ، لا للاعتقاد ، فقد یتحقّق مع اعتقاد خلافـه ، وقد لایتحقّق مع اعتقاد ثبوتـه .
کتابمعتمد الاصول (ج. ۱): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 441
إذا عرفت ذلک فاعلم : أنّـه مع الشکّ فی حجّیـة أصل أو أمارة یجری استصحاب عدم الحجّیـة الراجع إلی عدم کونـه من الدین ، فیترتّب علیـه أنّـه لو أدخل فی الدین یکون تشریعاً وبدعـة ، فیخرج عن موضوع القول بغیر علم ؛ لأنّ المراد بالعلم المأخوذ أعمّ من العلم الوجدانی والظنّ الذی قام الدلیل علی اعتباره ، فإذا ثبت بالاستصحاب عدم کونـه من الدین ، فیصیر من جملـة ما علم أنّـه لیس منـه ، فلو ارتکبـه بأن أدخلـه فی الدین یعاقب علی البدعـة والتشریع والکذب مع المصادفـة ، ولایعاقب علی أنّـه قال بغیر علم .
نعم ، لو أسند إلی الشارع مضمون الأمارة التی شکّ فی حجّیتها ، مع قطع النظر عن استصحاب عدم الحجّیـة یعاقب علی القول بغیر العلم ، ولایعاقب علی البدعـة ؛ لأنّـه کانت الشبهـة شبهـة مصداقیـة لها ، ولایکون الحکم حجّـة فی الشبهات المصداقیـة لموضوعاتها ، کما لایخفی .
فانقدح : أنّ الشکّ فی الحجّیـة کما أنّـه موضوع لحرمـة التعبّد والنسبـة إلی الشارع ، کذلک موضوع لاستصحاب عدم الحجّیـة لما یترتّب علی عدمها من الأثر ، وهوحرمـة إدخالـه فی الدین بعنوان أنّـه منـه ، کما عرفت .
کتابمعتمد الاصول (ج. ۱): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 442