ا‏لأمر ا‏لأوّل : وجوب متابعـة ا‏لقطع وحجّیتـه

وجوب متابعـة القطع وحجّیتـه

‏ ‏

‏ ‏

‏ ‏

الأمر الأوّل وجوب متابعـة القطع وحجّیتـه

‏ ‏

‏لاشبهـة فی وجوب العمل علی وفق القطع ، ولزوم الحرکـة علی طبقـه‏‎ ‎‏عقلاً . ولایخفی أنّ المراد بالقطع الذی یجب العمل علی وفقـه إن کان هو نفس‏‎ ‎‏صفـة القطع التی هی من صفات النفس فلا معنی للعمل علی طبقـه ؛ لأنّـه لا عمل‏‎ ‎‏لـه ، کما هو واضح ، وإن کان المراد بـه هو الشیء المقطوع بـه فوجوب العمل‏‎ ‎‏علی وفقـه عقلاً وإن کان ممّا لاریب فیـه إلاّ أنّ هذا الحکم لیس من أحکام القطع ،‏‎ ‎‏مثلاً لو قطع بوجوب صلاة الجمعـة فالعقل وإن کان یحکم بلزوم الإتیان بها ؛ نظراً‏‎ ‎‏إلی لزوم إطاعـة المولی إلاّ أنّ لزوم الإتیان بها لیس من أحکام القطع .‏

‏وإن شئت قلت : إنّـه لیس فی البین إلاّ حکم العقل بوجوب إطاعـة المولی ،‏‎ ‎‏وهو من المسائل الکلامیـة الغیر المرتبطـة بالمقام .‏

‏نعم ، ما یصحّ أن یعدّ من أحکام القطع هو کونـه منجّزاً للواقع علی تقدیر‏‎ ‎‏الإصابـة ؛ بحیث لایبقی للمکلّف القاطع عذر أصلاً ، کما هو واضح .‏

‏وأمّا ثبوت العذر علی تقدیر عدم الإصابـة فلایکون أیضاً من أحکام‏‎ ‎‏القطع ؛ لأنّ المعذوریـة إنّما هو بسبب الجهل بالواقع ، وعدم الطریق إلیـه ،‏

کتابمعتمد الاصول (ج. ۱): تقریر ابحاث روح‏ الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 373
‏لابسبب القطع بالخلاف .‏

ثمّ إنّهم ذکروا‏ : أنّ الحجّیـة والکاشفیـة من لوازم القطع ، ولایحتاج إلی‏‎ ‎‏جعل جاعل ؛ لعدم جعل تألیفی حقیقـة بین الشیء ولوازمـه ، وظاهرهم : أنّ ذلک‏‎ ‎‏من لوازم ماهیـة القطع ، کما یظهر من تنظیر بعضهم ذلک بالزوجیـة بالنسبـة إلی‏‎ ‎‏الأربعـة‏‎[1]‎‏ .‏

ولایخفی ما فیـه‏ : أمّا صفـة الکاشفیـة والطریقیـة فلو کانت من لوازم القطع‏‎ ‎‏التی لاتنفکّ عنـه ، کما هو الشأن فی لوازم الماهیـة فاللازم أن لایتحقّق القطع‏‎ ‎‏علی خلاف الواقع أصلاً ، مع أنّا نری بالوجدان تحقّقـه علی کثرة ، فکیف یمکن أن‏‎ ‎‏تعدّ هذه الصفـة من الأوصاف التی تلازم طبیعـة القطع ؟ !‏

‏نعم ، الکاشفیـة بحسب نظر القاطع ثابتـة فی جمیع الموارد ، ولکن هذا‏‎ ‎‏التقیید یخرجها عن کونها ذاتیـة للقطع ؛ لأنّ الذاتیات لا فرق فیها ؛ من حیث‏‎ ‎‏الأنظار أصلاً ، کما لایخفی .‏

‏وإن شئت قلت : إنّ الکاشفیـة بحسب نظر القاطع من لوازم وجود القطع ،‏‎ ‎‏لاماهیتـه ، ولوازم الوجود کلّها مجعولـة . نعم ، لا معنی لتعلّق الجعل التشریعی‏‎ ‎‏بـه ، مع کونـه من لوازم الوجود ؛ للزوم اللغویـة .‏

‏وأمّا الحجّیـة فهی حکم عقلی مترتّب علی القطع ، بمعنی أنّ العقل والعقلاء‏‎ ‎‏لایرون القاطع معذوراً فی المخالفـة أصلاً ، ویصحّ عندهم أن یحتجّ بـه المولی‏‎ ‎‏علی العبد ، ویعاقب العبد بسبب مخالفـة القطع .‏

‏ومن هنا لایصحّ للشارع جعل الحجّیـة لـه ؛ لکونـه لغواً ، لا لکونـه من‏‎ ‎‏لوازم الماهیـة ، فتدبّر .‏


کتابمعتمد الاصول (ج. ۱): تقریر ابحاث روح‏ الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 374
‏ولایصحّ لـه نفی الحجّیـة عنـه ، لا لما ذکره فی «الکفایـة» من لزوم اجتماع‏‎ ‎‏الضدّین ، اعتقاداً مطلقاً وحقیقـة فی صورة الإصابـة‏‎[2]‎‏ ؛ لما عرفت فی مبحث‏‎ ‎‏اجتماع الأمر والنهی من عدم التضادّ بین الأحکام ونظائره من الاُمور الاعتباریـة‏‎ ‎‏ـ کیف ، ولو کانت الأحکام متضادّة لکان من المستحیل تعلّق أکثر من واحد بشیء‏‎ ‎‏واحد ، ولو کان من شخصین ، مع أنّا نری بالوجدان کون شیء واحد مأموراً بـه‏‎ ‎‏لشخص ، ومنهیاً عنـه لشخص آخر ـ بل لاستحالـة تعلّق البعث والزجر إلی شیء‏‎ ‎‏واحد من شخص واحد بنظر العقل إمّا لعدم قدرة العبد علی الامتثال ، أو لعدم‏‎ ‎‏إمکان ثبوت مبادئهما فی نفس المولی ، کما لایخفی .‏

‎ ‎

کتابمعتمد الاصول (ج. ۱): تقریر ابحاث روح‏ الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 375

  • )) کفایـة الاُصول : 297 ، فوائد الاُصول (تقریرات المحقّق النائینی) الکاظمی 3 : 6 .
  • )) کفایـة الاُصول : 297 .