ا‏لمقام ا‏لثانی: إذا ورد مطلق ومقیّد مع ذکر ا‏لسبب

المقام الثانی : إذا ورد مطلق ومقیّد مع ذکر السبب

‏ ‏

‏وأمّا مع ذکره فتارةً یذکر فی کلٍّ منهما ، واُخریٰ یکون مذکوراً فی خصوص‏‎ ‎‏أحدهما ، وعلی التقدیر الأوّل فإمّا أن یتّحد السبب وأمّا أن یختلف فالصور ثلاثـة :‏

الصورة الاُولیٰ‏ : ما إذا کان السبب مذکوراً فی کلیهما مع اتّحاده ، کقولـه : إن‏‎ ‎‏ظاهرت فاعتق رقبـة ، وإن ظاهرت فأعتق رقبـة مؤمنـة ، ولا إشکال فی حمل‏‎ ‎‏المطلق علی المقیّد ؛ لوحدة التکلیف ، وعدم کون الجمع بحمل الأمر فی المقیّد‏‎ ‎‏علی الإرشاد إلی أفضلیـة بعض الأفراد جمعاً مقبولاً عند العقلاء ، کما عرفت .‏

الصورة الثانیـة‏ : هذه الصورة مع اختلاف السبب ، کقولـه : إن ظاهرت‏‎ ‎‏فأعتق رقبـة ، وإن أفطرت فأعتق رقبـة مؤمنـة .‏

‏وقد یقال بأ نّـه لا إشکال فی أ نّـه لایحمل المطلق علی المقیّد ؛ لعدم التنافی‏‎ ‎‏بینهما .‏

‏ولکن لایخفیٰ أ نّـه بعدما کان المطلق والمقیّد غیر متغایرین ـ کما عرفت ـ‏‎ ‎‏فیستحیل تعلّق تکلیفین بهما ولو کان سببهما متغایرین ؛ إذ قد یجتمعان ، کما فی‏‎ ‎‏المثال ، فإنّ مع اجتماع الإفطار والظهار یجتمع الوجوبان علی الأمر الواحد ، وهو‏‎ ‎‏مستحیل کما عرفت فی مسألـة تداخل الأسباب ، إلاّ أنّ ذلک لایوجب حمل‏‎ ‎‏المطلق علی المقیّد ، بل یتحقّق التنافی بین المتعلّقین بتقیید کلٍّ منهما بقید ، وهذا‏‎ ‎‏التصرّف أولیٰ عند العقلاء من الحمل والتقیید ، کما لایخفیٰ .‏

الصورة الثالثـة‏ : ما إذا کان السبب مذکوراً فی خصوص أحدهما ، کما لو‏‎ ‎‏قال : أعتق رقبـة ، بلا ذکر السبب ، وقال : إن ظاهرت فأعتق رقبـة مؤمنـة ، أو‏‎ ‎‏بالعکس بأن ذکر السّبب فی المطلق دون المقیّد .‏

وقد یقال‏ ـ کما فی التقریرات ـ بأ نّـه یشکل حمل المطلق علی المقیّد فی‏

کتابمعتمد الاصول (ج. ۱): تقریر ابحاث روح‏ الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 364
‏هذه الصورة ؛ للزوم الدور .‏

قال فی بیانـه ما ملخّصـه‏ : أنّ هنا إطلاقین ومقیّدین : أحدهما فی ناحیـة‏‎ ‎‏الواجب ، وهو عتق الرقبـة وعتق الرقبـة المؤمنـة ، ثانیهما فی ناحیـة الوجوب‏‎ ‎‏والتکلیف ، وهو وجوب العتق غیر مقیّد بسبب ، ووجوبـه مقیّداً بسبب ، کالظهار فی‏‎ ‎‏المثال ، وتقیید کلٍّ من الإطلاقین یتوقّف علیٰ تقیید الإطلاق الآخر ، وذلک لأنّ‏‎ ‎‏حمل المطلق علی المقیّد یتوقّف علیٰ وحدة التکلیف ، وفی المثال تقیید أحد‏‎ ‎‏الوجوبین بصورة تحقّق سبب الآخر یتوقّف علیٰ وحدة المتعلّق ؛ إذ مع اختلافـه لا‏‎ ‎‏موجب لحمل أحد التکلیفین علی الآخر ، کما هو واضح ، ووحدة المتعلّق فی‏‎ ‎‏المقام یتوقّف علی حمل أحد التکلیفین علی الآخر ؛ إذ لو لم یحمل أحدهما علی‏‎ ‎‏الآخر ولم یقیّد وجوب العتق المطلق بخصوص صورة الظهار لم یتحقّق وحدة‏‎ ‎‏المتعلّق‏‎[1]‎‏ . انتهیٰ .‏

أقول‏ : توقّف تقیید أحد الوجوبین بصورة تحقّق سبب الآخر علیٰ وحدة‏‎ ‎‏متعلّق التکلیفین ممّا لاریب فیه ؛ إذ مع اختلاف المتعلّقین لا ربط لإحدی القضیّتین‏‎ ‎‏بالاُخریٰ ؛ إذ لو قال : إن ظاهرت فأعتق رقبـة ، ثمّ قال : أطعم ستّین مسکیناً ، مثلاً ،‏‎ ‎‏لایتوهّم أحد تقیید وجوب الإطعام بصورة تحقّق الظهار ، کما هو واضح .‏

‏وأمّا توقّف وحدة المتعلّق علیٰ تقیید التکلیف المطلق بصورة وجود القید ،‏‎ ‎‏فلانعرف لـه وجهاً أصلاً ، فإنّ اتّحاد المتعلّقین وتغایرهما أمر وجدانیّ واقعی‏‎ ‎‏لایتوقّف علیٰ شیء أصلاً ؛ فإنّ تغایر الإطعام مع العتق واتّحاد عتق الرقبـة مع عتق‏‎ ‎‏الرقبـة المؤمنـة لایتوقّف إحرازه علی إحراز وحدة التکلیف أصلاً ؛ وحینئذٍ فمن‏‎ ‎‏وحدة المتعلّق المحرزة بالوجدان یستکشف وحدة الحکم ، وهی توجب حمل‏

کتابمعتمد الاصول (ج. ۱): تقریر ابحاث روح‏ الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 365
‏أحد التکلیفین علی الآخر ، کما هو واضح .‏

‏هذا ، مضافاً إلی أنّ لزوم الدور ـ علی تقدیر تسلیمـه ـ لایقدح بالجمع‏‎ ‎‏العرفی لو تحقّق هنا .‏

والتحقیق أن یقال‏ : إنّ العرف والعقلاء لایرون التنافی بین المطلق والمقیّد‏‎ ‎‏فی مثل المقام ، ولایحملون الأوّل علی الثانی أصلاً ، بل یعملون بمقتضیٰ ظاهر‏‎ ‎‏الدلیلین من تعدّد التکلیف ، کما فیما إذا ذکر السبب فی کلّ منهما مع اختلافـه .‏

‏ ‏

‎ ‎

کتابمعتمد الاصول (ج. ۱): تقریر ابحاث روح‏ الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 366

  • )) فوائد الاُصول (تقریرات المحقّق النائینی) الکاظمی 1 : 580 ـ 581 .