أقسام ا‏لماهیّـة

‏ ‏

أقسام الماهیّـة

‏ ‏

‏ثمّ إنّهم قسّموا الماهیّـة إلی الأقسام الثلاثـة : الماهیّـة اللاّبشرط والماهیّـة‏‎ ‎‏البشرط شیء والماهیّـة البشرط لا ؛ نظراً إلیٰ أ نّـه إذا لوحظت الماهیّـة مع أمر‏‎ ‎‏خارج عنها فإمّا أن تلاحظ مع وجودها أو مع عدمها أو لا مع وجودها ولا مع‏‎ ‎‏عدمها‏‎[1]‎‏ .‏

‏وقد اُشکل علیـه بأنّ القسم الأوّل ـ وهی الماهیّـة اللاّبشرط ـ عین‏‎ ‎‏المقسم ، فالتقسیم تقسیم إلی نفسـه وإلی غیره‏‎[2]‎‏ .‏

‏واُجیب عن ذلک بالفرق ؛ فإنّ المقسم هو اللاّبشرط المقسمی ، والقسم هو‏

کتابمعتمد الاصول (ج. ۱): تقریر ابحاث روح‏ الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 343
‏اللاّبشرط القسمی‏‎[3]‎‏ .‏

وقیل فی بیانـه‏ : إنّ التقسیم إلی الأقسام الثلاثـة المذکورة لیس تقسیماً‏‎ ‎‏لنفس الماهیّـة ، بل المقسم إنّما هو لحاظها ، وحینئذٍ فالمراد بالماهیّـة اللاّبشرط‏‎ ‎‏هو لحاظها کذلک ، فالتفاوت بین المقسم والقسم إنّما هو باعتبار أنّ الأوّل هو‏‎ ‎‏مجرّد لحاظ الماهیّـة من دون ملاحظـة شیء معها ، والثانی هو لحاظها مجرّداً عن‏‎ ‎‏قید آخر وجودیّاً کان أم عدمیّاً ، کما أنّ المراد بالماهیّـة البشرط شیء هو لحاظها‏‎ ‎‏مشروطاً بـه ، وبالماهیّـة البشرط لا هو لحاظها مشروطاً بعدمـه‏‎[4]‎‏ .‏

هذا ولایخفیٰ‏ : أنّ لازم کون التقسیم للحاظ الماهیّـة لا لنفسها أنّ کلّ أمر‏‎ ‎‏خارج عنها إذا لوحظت الماهیّـة بالقیاس إلیها ، یمکن اعتبار الأقسام الثلاثـة‏‎ ‎‏فیـه ، فإنّ باب اللّحاظ واسع ، فیمکن ملاحظـة الماهیّـة بالنسبـة إلی کلّ قید‏‎ ‎‏مشروطاً بوجوده أو بعدمـه أو غیر مشروطٍ بشیءٍ منهما ، مع أنّ ذلک مستبعد جدّاً ؛‏‎ ‎‏فإنّـه کیف یمکن أن یکون مراد أساطین الحکمـة المتعرّضین لهذا التقسیم ذلک‏‎ ‎‏المعنی الذی هو مجرّد الاعتبار وصرف اللّحاظ وإن کان ظاهر عبائرهم فی بیان‏‎ ‎‏التقسیم ذلک ، لکنّـه لیس بمرادهم ، فالتحقیق أنّ هذا تقسیم لنفس الماهیّـة .‏

وتوضیحـه‏ : أنّ کلّ ماهیّـة إذا لوحظت مع أمر من الاُمور الخارجـة عنها‏‎ ‎‏فإمّا أن تکون مشروطةً بوجوده واقعاً بحیث لایعقل الانفکاک بینهما فی نفس الأمر‏‎ ‎‏ولو مع عدم لحاظها کذلک ، وإمّا أن تکون مشروطةً بعدمـه واقعاً بحیث یستحیل‏‎ ‎‏اجتماعهما کذلک ، وإمّا أن لاتکون مشروطةً بوجوده ولابعدمـه ، بل یکون ذلک الأمر‏‎ ‎‏من العوارض التی قد یجتمع معها وقد یفترق عنها ولو مع لحاظها مشروطةً بوجوده‏

کتابمعتمد الاصول (ج. ۱): تقریر ابحاث روح‏ الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 344
‏أو بعدمـه .‏

فالأوّل‏ : هی الماهیّـة البشرط شیء ، ومثالـه : ماهیّـة الجسم بالنسبـة إلی‏‎ ‎‏التحیّز ، فإنّها تکون دائماً مشروطـة بـه ، ویستحیل تحقّق الانفکاک بینهما‏‎ ‎‏ولولم تلاحظ کذلک .‏

والثانی‏ : هی الماهیّـة البشرط لا ، ومثالـه : ماهیّـة الجسم بالنسبـة إلی‏‎ ‎‏التجرّد مثلاً ، فإنّها تکون دائماً متفرّقـة عنـه ، ولایعقل اجتماعهما .‏

والثالث‏ : هی الماهیّـة اللاّبشرط ، ومثالـه : ماهیّـة الإنسان بالنسبـة إلی‏‎ ‎‏الکتابـة ، فإنّها لا تکون مشروطةً بوجودها دائماً بحیث کان الانفکاک مستحیلاً ،‏‎ ‎‏ولابعدمها بحیث کان الاجتماع محالاً ، بل ربّما توجد معها وربّما توجد منفکّة عنها .‏

وممّا ذکرنا یظهر‏ : أنّ الماهیّـة بالنسبـة إلیٰ کلّ قید لوحظ معها لها أحد‏‎ ‎‏الأقسام الثلاثـة علیٰ سبیل المنفصلـة الحقیقیـة ، ولایعقل اجتماعها بالنسبـة إلیٰ‏‎ ‎‏قید واحد ، کما لایخفیٰ ، کما أ نّـه ظهر ثبوت المغایرة بین المقسم والقسم ، فإنّ‏‎ ‎‏المقسم هی نفس الماهیّـة المحفوظـة فی جمیع الأقسام الثلاثـة ، وبإضافـة شیء‏‎ ‎‏من الخصوصیّات المأخوذة فی الأقسام یتحقّق قسم منها ، کما لایخفیٰ .‏

‏ثمّ إنّـه أفاد المحقّق النائینی ـ علیٰ ما فی التقریرات ـ هنا کلاماً فی معنی‏‎ ‎‏الأقسام وبیان الفرق بین اللاّبشرط القسمی والمقسمی‏‎[5]‎‏ .‏

‏وفیـه ـ مضافاً إلی المناقضـة بین الصدر والذیل ـ وجوه من الخلل ، کما‏‎ ‎‏یظهر لمن راجعـه وتأمّل .‏

‏والإنصاف أنّ ما ذکرنا هو التقسیم المعقول الذی یمکن أن یکون مقصوداً‏‎ ‎‏لأساطین الحکمـة ، کما عرفت .‏

‎ ‎

کتابمعتمد الاصول (ج. ۱): تقریر ابحاث روح‏ الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 345

  • )) الحکمـة المتعالیـة 2 : 16 ، شرح المنظومـة ، قسم الحکمـة : 95 وما بعدها .
  • )) الحکمـة المتعالیـة 2 : 19 .
  • )) نفس المصدر .
  • )) نهایـة الدرایـة 2 : 490 ـ 494 .
  • )) فوائد الاُصول (تقریرات المحقّق النائینی) الکاظمی 1 : 569 .