المقام الأوّل : إمکان الرجوع إلی الجمیع
ولیعلم أنّ ذلک إنّما هو بعد الفراغ عن إمکان رجوعـه إلی الکلّ مع أ نّـه قد یقال باستحالتـه ؛ نظراً إلی أنّ آلـة الاستثناء قد تکون حرفاً ، وقد تکون اسماً ، وعلی التقدیرین تارةً یکون المستثنیٰ عنواناً کلّیاً منطبقاً علیٰ کثیرین ، واُخریٰ یکون فرداً واحداً متصادقاً علیـه جمیع العناوین المستثنیٰ منها ، وثالثـة یکون أفراداً متعدّدة کلّ واحد منهما فرد لعنوان من تلک العناوین ، مثل ما إذا قال : أکرم العلماء وأهن الفسّاق وأضف الهاشمی إلاّ زیداً ، وکان زید المستثنیٰ مردّداً بین زید العالم وزید الفاسق وزید الهاشمی وبین خصوص الأخیر .
أمّا إذا کانت أداة الاستثناء اسماً وکان المستثنیٰ عامّاً ، فالإخراج من الجمیع
کتابمعتمد الاصول (ج. ۱): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 331
من دون ملاحظـة الوحدة بینهما یستلزم استعمال اللّفظ فی أکثر من معنیٰ واحد ، وهو مستحیل ، وکذا فیما لو کان المستثنیٰ فرداً واحداً .
وأمّا لو کان المستثنیٰ أفراداً متعدّدة ، فمضافاً إلیٰ ذلک یلزم استعمال المستثنیٰ أیضاً فی أکثر من معنیٰ واحد .
وأمّا لو کانت أداة الاستثناء حرفاً ، فبناءً علیٰ کونـه موضوعاً للجزئیّات ، فاستعمالها فی أکثر من فرد واحد مستلزم لذلک المحذور الذی جریانـه فی الحروف أوضح ؛ لأنّ اندکاکها فی متعلّقاتها أشدّ من فناء الألفاظ فی معانیها الاسمیـة .
أقول : قد عرفت أنّ استعمال اللّفظ فی الأکثر من معنیٰ واحد بمکان من الإمکان ، وأنّ الوجوه التی استندوا إلیها لإثبات الاستحالـة لم تکن ناهضةً لإثباتها ، والموضوع لـه فی الحروف وإن لم یکن عامّاً إلاّ أ نّـه لا إشکال فی استعمالها فی أکثر من واحد ، والجامع بین معانیها وإن کان منتفیاً ، ضرورة عدم وجود الجامع الحقیقی بین الابتداءات الخارجیّـة مثلاً ، ومفهوم الابتداء الذی هو معنی اسمی لم یکن ابتداء حقیقةً إلاّ أ نّـه مع ذلک یمکن استعمالها فی أکثر من واحد تبعاً للأسماء ومتعلّقاتها ؛ نظیر قولـه : سر من کل نقطـة من البصرة فإنّ الکثرة ـ التی هی مفاد الکلّ ـ تسری إلی «من» أیضاً فیفید وجوب السیر مبتدئاً من کلّ نقطـة .
ومنـه یظهر أنّ جواز استعمال الحرف فی أکثر من واحد أوضح من جواز استعمال الاسم کذلک ؛ لما عرفت من تبعیّـة المقتضیـة لسرایـة مدلولـه إلیـه ، کما هو واضح .
کتابمعتمد الاصول (ج. ۱): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 332
بل یمکن أن یقال بعدم استلزام الرجوع إلی الجمیع ؛ لتعدّد الإخراج حتّیٰ یبتنی علی القول بجواز استعمال الحروف فی أکثر من معنیٰ .
أمّا فیما کان المستثنیٰ مشتملاً علی الضمیر : فلأنّ الموضوع لـه فی باب الضمائر هو الإشارة إلیٰ مرجعـه ، ومن الممکن أن یکون فی المقام إشارة فی جمیع الجُمل المتقدّمـة ، ویکون الإخراج واحداً ، ولایلزم تجوّز فی ناحیـة الضمیر فی أکثر من معنیٰ واحد ؛ لأنّ الإشارة واحدة وإن کان المشار إلیـه کثیراً .
وأمّا فیما إذا لم یکن مشتملاً علی الضمیر : فلأنّ استعمال المستثنیٰ أکثر من واحد لایوجب أن یکون الإخراج متعدّداً حیث یلزم استعمال أداة الاستثناء فی أکثر من واحد کما هو .
کتابمعتمد الاصول (ج. ۱): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 333