ا‏لمقام ا‏لثانی: فی تخصیص ا‏لعامّ با‏لمفهوم ا‏لمخا‏لف

المقام الثانی : فی تخصیص العامّ بالمفهوم المخالف

‏ ‏

‏وأمّا المفهوم المخالف فقد اختلف فی جواز تخصیص العامّ بـه .‏

‏وینبغی أن یعلم أنّ محلّ النزاع إنّما هو فیما إذا کان هنا عامّ وکان المفهوم‏‎ ‎‏معارضاً لـه بالعموم والخصوص .‏

‏وأمّا فرضـه فیما إذا کان هنا مطلق ومقیّد ثمّ إجراء أحکام تلک المسألـة‏‎ ‎‏علیـه ، مثل قولـه ‏‏صلی الله علیه و آله وسلم‏‏ : ‏«خلق اللّٰـه الماء طهوراً لاینجّسـه شیء»‎[1]‎‏ الحدیث ،‏‎ ‎‏وقولـه ‏‏علیه السلام‏‏ : ‏«إذا کان الماء قدر کرّ لم ینجّسـه شیء»‎[2]‎‏ حیث إنّ ظاهر الدلیل‏‎ ‎‏الأوّل کون تمام الموضوع للطهوریّـة والاعتصام هو نفس الماء ، وظاهر الدلیل‏‎ ‎‏الثانی مدخلیّـة الکرّیـة أیضاً ، فیجب حمل المطلق علی المقیّد ، ففیـه : أ نّـه خارج‏

کتابمعتمد الاصول (ج. ۱): تقریر ابحاث روح‏ الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 327
‏عن محلّ البحث ؛ فإنّ مورده هو ما إذا کان المفهوم معارضاً للعامّ بالعموم‏‎ ‎‏والخصوص .‏

‏مثالـه : ما إذا قال : أکرم العلماء ، ثمّ قال : إذا جاءک زید العالم فأکرمـه ، فإنّ‏‎ ‎‏مفهومـه أ نّـه إذا لم یجئک فلایجب إکرامـه ، وهو یخالف العموم .‏

‏إذا عرفت ذلک ، فاعلم أ نّـه إذا ورد العامّ وما لـه المفهوم فی کلام واحد ودار‏‎ ‎‏الأمر بین تخصیص العموم أو إلغاء المفهوم ، فإن کان کلّ واحد منهما مستفاداً من‏‎ ‎‏الإطلاق بقرینـة مقدّمات الحکمـة ، أو کان کلٌّ منهما بالوضع ، فالظاهر إجمال‏‎ ‎‏الدلیل ، ووجوب الرجوع إلی الاُصول العملیّـة ، وإلاّ فلو کان واحد منهما مستفاداً‏‎ ‎‏من الإطلاق ، والآخر بالوضع ، فلاشبهـة فی کون الترجیح مع الظهور الوضعی ؛‏‎ ‎‏لعدم تمامیـة مقدّمات الحکمـة معـه .‏

‏وأمّا لو کانا فی کلامین لایصلح أن یکون واحد منهما قرینةً متّصلة للآخر ،‏‎ ‎‏فإن کان أحدهما مستفاداً من الإطلاق والآخر مدلولاً علیـه بالوضع ، فلاشبهـة فی‏‎ ‎‏تقدیمـه علی الأوّل لو کان عدم البیان المأخوذ فی مقدّمات الحکمـة أعمّ من‏‎ ‎‏البیان المتّصل ، وعلیٰ تقدیر الاختصاص بـه یتمّ الإطلاق ، ویعارض الآخر ، مثل‏‎ ‎‏ما إذا کان کلّ واحد منهما مستفاداً من الإطلاق أو مدلولاً علیـه بالوضع ، والترجیح‏‎ ‎‏فیـه یدور مدار الأظهریـة ، کما لایخفیٰ .‏

‎ ‎

کتابمعتمد الاصول (ج. ۱): تقریر ابحاث روح‏ الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 328

  • )) المعتبر : 8 / السطر 32 ، وسائل الشیعـة 1 : 135 ، کتاب الطهارة ، أبواب الماء المطلق ، الباب 1 ، الحدیث 9 .
  • )) تهذیب الأحکام 1 : 39 / 107 ، الاستبصار 1 : 6 / 1 ، وسائل الشیعـة 1 : 158 ، کتاب الطهارة ، أبواب الماء المطلق ، الباب 9 ، الحدیث 1 و 2 .