جواب آخر عن انحلال ا‏لعلم ا‏لإجما‏لی

جواب آخر عن انحلال العلم الإجمالی

‏ ‏

‏وأمّا ما أجاب بـه عن الانحلال ممّا هذه عبارتـه : إنّ مقدار المعلوم کمّاً وإن‏‎ ‎‏کان بالأخرة معلوماً بحیث ینتهی الزائد منـه إلی الشکّ البدوی ، ولکن هذا المقدار‏

کتابمعتمد الاصول (ج. ۱): تقریر ابحاث روح‏ الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 309
‏إذا کان مردّداً بین محتملات متبائنات منتشرات فی أبواب الفقـه من أوّلـه إلی‏‎ ‎‏آخره ، یصیر جمیع الشکوک فی تمام الأبواب طرف هذا العلم ، فیمنع عن الأخذ‏‎ ‎‏بـه قبل فحصـه ، وفی هذه الصورة لایفید الظفر بالمعارض بمقدار المعلوم ؛ إذ مثل‏‎ ‎‏هذا العلم الحاصل جدیداً بکون المعلوم بالإجمال فی غیر هذه الشکوک الباقیـة‏‎ ‎‏التی کانت ظرفاً من الأوّل للاحتمال فی المتبائنات نظیر العلوم الحاصلـة بعد‏‎ ‎‏العلم الإجمالی غیر قابلـة للانحلال ، فقهراً الاحتمال القائم فی المورد الموجب‏‎ ‎‏لکونـه من الأوّل طرفاً للعلم منجّز للواقع بمقدار استعداده ، فلا محیص أن یفحص‏‎ ‎‏کی یعدم ظفره بالمخصّص بکشف خروجـه عن دائرة العلم المزبور من الأوّل ،‏‎ ‎‏وهذه الجهـة هی النکتـة فی أخذ هذا القید فی دائرة العلم ، وإلاّ فیلزم عدم‏‎ ‎‏الاکتفاء بالفحص ولو ظفرنا بمقدار المعلوم فضلاً عمّا لو لم نظفر کما هو ظاهر‏‎[1]‎‏ .‏‎ ‎‏انتهیٰ .‏

فیرد علیـه‏ : أ نّـه إذا ظفرنا بعد التفحّص بالمخصّصات المنتشرة فی أبواب‏‎ ‎‏الفقـه بمقدار المعلوم یقیناً ، فلا وجـه لعدم انحلال العلم الإجمالی بسبب ذلک ؛‏‎ ‎‏لأنّـه یصیر کالعلم تفصیلاً بنجاسـة أحد من الإناءین اللذین علم بنجاسـة أحدهما‏‎ ‎‏إجمالاً ؛ إذ بعده یصیر الإناء الآخر مشکوک النجاسـة التی هی مجریٰ قاعدة‏‎ ‎‏الطهارة ؛ لکون الشکّ فی نجاستـه شکّاً بدویّاً .‏

‏نعم لو علم تفصیلاً بنجاسـة حادثـة غیر النجاسـة المعلومـة بالإجمال ،‏‎ ‎‏لایرتفع أثر العلم الإجمالی بالنسبـة إلی الطرف الآخر بذلک ، ولکنّ المقام من‏‎ ‎‏قبیل الصورة الاُولیٰ کما هو واضح .‏

‏هذا ، وأمّا إذا ظفرنا بعد التفحّص بمقدار المعلوم إجمالاً فی بعض الأبواب‏

کتابمعتمد الاصول (ج. ۱): تقریر ابحاث روح‏ الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 310
‏فقط ، فلا محالـة یکشف ذلک إمّا عن بطلان العلم بالانتشار فی جمیع الأبواب‏‎ ‎‏الذی أوجب الفحص فی الجمیع ، وإمّا عن کون مقدار المعلوم بالإجمال أزید ممّا‏‎ ‎‏ظفرنا بـه من المخصّصات ؛ إذ مع اجتماع العلم بالانتشار والعلم بذلک المقدار‏‎ ‎‏یمتنع الظفر بـه فی خصوص بعض الأبواب ، فإذا بطل الأوّل ، فلایبقیٰ مجال‏‎ ‎‏للفحص فی الزائد عنـه ، وإذا بطل الثانی بحدوث علم آخر ، فیقع الإشکال فی‏‎ ‎‏الزائد عن ذلک المقدار الذی لابدّ أن یکون مقداراً معیّناً ؛ إذ حینئذٍ یصیر الشکّ فی‏‎ ‎‏الزائد شکّاً بدویّاً ، فتدبّر جیّداً .‏

‏فالإنصاف أنّ هذا الجواب نظیر سابقـه فی الضعف .‏

‏ثمّ إنّ مقدار الفحص اللاّزم ـ بناء علی الاستدلال علیـه بما ذکره فی‏‎ ‎‏الکفایـة‏‎[2]‎‏ واخترناه تبعاً لها ـ هو الفحص بمقدار یخرج معـه العامّ عن معرضیـة‏‎ ‎‏التخصیص بالیأس عن الظفر بـه ، وأمّا بناء علی الاستدلال بالعلم الإجمالی ،‏‎ ‎‏فالمقدار اللازم منـه هو الذی خرج معـه المورد عن أطرافـه ، کما لایخفیٰ .‏

‎ ‎

کتابمعتمد الاصول (ج. ۱): تقریر ابحاث روح‏ الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 311

  • )) مقالات الاُصول 1 : 455 ـ 456 .
  • )) کفایـة الاُصول : 265 .