تقریر محطّ ا‏لبحث ومحلّ ا‏لنزاع

تقریر محطّ البحث ومحلّ النزاع

‏ ‏

‏ولیکن محلّ البحث ممحّضاً فی أنّ أصالـة العموم هل یکون متّبعةً مطلقاً ، أو‏‎ ‎‏بعد الفحص والیأس ؟ بعد الفراغ عن حجّیتها من باب الظنّ النوعی وعدم‏‎ ‎‏اختصاص حجّیتها بالمشافهین ، ولم یکن العامّ معلوم التخصیص تفصیلاً أو‏‎ ‎‏إجمالاً ، کما أنّ الظاهر اختصاصـه بالمخصّص المنفصل ، وأمّا المتّصل فلایکون‏‎ ‎‏احتمالـه مانعاً من التمسّک بها مطلقاً ؛ لأنّـه نظیر قرینـة المجاز ، وقد قام الإجماع‏‎ ‎‏علیٰ عدم الاعتناء باحتمالها .‏

‏إذا ظهر لک ذلک ، فاعلم أنّ التحقیق یقتضی التفصیل فی الموارد ، کما فی‏‎ ‎‏الکفایـة‏‎[1]‎‏ والقول بلزوم الفحص فیما إذا کان العامّ فی معرض التخصیص ، نظیر‏‎ ‎

کتابمعتمد الاصول (ج. ۱): تقریر ابحاث روح‏ الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 302
‏العمومات الواقعـة فی القوانین التی یجعلها العقلاء لنظام اُمورهم علیٰ ما هو‏‎ ‎‏المتداول بینهم ، فإنّ جعل القانون یقتضی أن یجعل فی الأوّل أمراً کلیّاً ثمّ بیان‏‎ ‎‏المخصّصات والمستثنیات فی الفصول المتأخّرة والقوانین الموضوعـة فی‏‎ ‎‏الشریعـة إنّما هی علیٰ هذا المنوال ، ولم تکن مجعولةً علیٰ غیر النهج المتعارف‏‎ ‎‏بین العقلاء المقنّنین للقوانین الدنیویـة التی یکون المقصود بها انتظام اُمورهم ،‏‎ ‎‏وهذا بخلاف العمومات الواقعـة فی ألسنـة أهل المحاورات التی لو کان المقصود‏‎ ‎‏بها غیر ما هو ظاهرها لاتّصل بـه ما یدلّ علیٰ ذلک نوعاً ، ولم یکن دأبهم بیان‏‎ ‎‏العموم ثمّ ذکر المخصّص لو کان مخصّصاً فی البین ، فأصالـة العموم فی هذا النحو‏‎ ‎‏من العمومات متّبعـة مطلقاً ، بخلاف ما کان من قبیل الأوّل ، فإنّ جریانها فیـه‏‎ ‎‏مشروط بالفحص والیأس عن الظفر بالخاصّ .‏

ومن هنا یظهر‏ : أنّ الفحص هنا أیضاً یکون عمّا لا حجّیـة للعامّ بدون‏‎ ‎‏الفحص عنـه نظیره فی الاُصول العملیـة التی لم تکن حجّةً قبل الفحص أصلاً ؛ لما‏‎ ‎‏عرفت من أنّ جریانها مشروط بالفحص فقبلـه لایکون هنا حجّـة أصلاً ؛ لتوقّف‏‎ ‎‏الحجیّـة علیٰ إحراز کون مدلول الکلام مراداً جدّیاً للمولیٰ ، وهذا المعنیٰ إنّما یثبت‏‎ ‎‏بعد جریان أصالـة العموم التی تکون مشروطةً بالفحص ، فعدم جریانها قبلـه‏‎ ‎‏یوجب عدم حجّیـة العامّ .‏

‏فظهر أنّ العامّ قبل الفحص عن المخصّص لایکون حجّةً أصلاً ، کما أنّ‏‎ ‎‏الاُصول العملیـة أیضاً کذلک .‏

فانقدح بذلک‏ : فساد ما فی الکفایـة‏‎[2]‎‏ من الفرق بین الفحص فی المقامین‏‎ ‎‏بأنّ الفحص هنا عمّا یزاحم الحجّیـة ، بخلافـه هناک ؛ فإنّـه بدونـه لا حجّـة .‏


کتابمعتمد الاصول (ج. ۱): تقریر ابحاث روح‏ الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 303
‏وجه الفساد ما عرفت من أنّ العامّ قبل الفحص أیضاً لایکون حجّةً ؛ لما مرّ .‏

‏ثمّ لایخفیٰ أ نّـه وإن لم یکن حجّـة قبلـه إلاّ أنّ ظهوره فی العموم قد انعقد‏‎ ‎‏واستقرّ ولو بعد التخصیص ، سواء کانت العمومات من قبیل الأوّل أو الثانی ؛ إذ‏‎ ‎‏مجرّد جری العادة علیٰ ذکر المخصّصات منفصلاً لایوجب إلاّ عدم حجّیـة العامّ‏‎ ‎‏قبل الفحص عنها ، لا عدم انعقاد ظهور لـه فی العموم ، وعلیـه فلو کان الخاصّ‏‎ ‎‏دائراً بین الأقلّ والأکثر ، لایسری إجمالـه إلی العامّ أصلاً بل یرفع الید عن ذلک‏‎ ‎‏الظهور بالمقدار الذی یکون الخاصّ فیـه حجّةً ، ویحکم فی الباقی بتطابق الإرادة‏‎ ‎‏الجدّیة مع الاستعمالیـة .‏

‏فما فی الدّرر ـ من أنّ حال المخصّص المنفصل فی کلام المتکلّم الذی‏‎ ‎‏جرت عادتـه علیٰ بیان الخاصّ منفصلاً حال المخصّص المتّصل فی کلام غیره ،‏‎ ‎‏فیسری إجمالـه فی الفرض المذکور إلی العامّ‏‎[3]‎‏ـ محلّ نظر بل منع ، فتدبّر .‏

‏ ‏

‎ ‎

کتابمعتمد الاصول (ج. ۱): تقریر ابحاث روح‏ الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 304

  • )) کفایـة الاُصول : 265 .
  • )) کفایـة الاُصول : 265 ـ 266 .
  • )) درر الفوائد ، المحقّق الحائری : 223 .