ا‏لاُولی‏: أقسام ا‏لقضایا بلحاظ ا‏لنسبـة

الاُولی : أقسام القضایا بلحاظ النسبـة

‏ ‏

‏فنقول : قد اشتهر بینهم بل اتّفقوا علی أنّ القضیّـة متقوّمـة بثلاثـة أجزاء :‏‎ ‎‏الموضوع والمحمول والنسبـة ، ولکن لایخفیٰ أنّ هذا المعنیٰ لایصحّ علیٰ نحو‏‎ ‎‏الکلّیـة ؛ فإنّ القضایا مختلفـة ، فبعضها مشتملـة علی النسبـة المتقوّمـة‏‎ ‎‏بالمنتسبین ، وبعضها بل أکثرها خالیـة عن النسبـة بین الشیئین .‏

‏توضیح ذلک : أنّ القضایا الحملیـة علیٰ قسمین : الحملیّات المستقیمـة الغیر‏

کتابمعتمد الاصول (ج. ۱): تقریر ابحاث روح‏ الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 291
‏المأوّلـة ، مثل : زید موجود ، والإنسان حیوان ناطق ، والحملیّات المأوّلـة ، مثل :‏‎ ‎‏زید لـه البیاض ، وعمرو علی السطح ، ومناط الحمل فی الأوّل هو الهوهویـة ،‏‎ ‎‏ولایکون بین الموضوع والمحمول فیها نسبـة ؛ لأنّ النسبـة إنّما تتحقّق بین‏‎ ‎‏الشیئین المتغایرین ؛ إذ لایعقل تحقّقها بین الشیء ونفسـه .‏

وحینئذٍ نقول‏ : إنّ القضیـة إنّما تحکی عن الواقع ، فلابدّ من ملاحظتـه لیظهر‏‎ ‎‏حالها ، وملاحظتـه تقضی بعدم کون «زید» و«موجود» فی الواقع شیئین ، وعدم‏‎ ‎‏کون الإنسان شیئاً والحیوان الناطق شیئاً ، وکذا لایکون فی الواقع مغایرة بین‏‎ ‎‏الجسم وبین الأبیض ، ومع اتّحادهما بحسب الواقع لایعقل النسبـة بینهما ؛ لما‏‎ ‎‏عرفت من أنّ قوامها إنّما هو بالمنتسبین ، وإذا کان الواقع کذلک فالقضیّـة المعقولـة‏‎ ‎‏وکذا الملفوظـة إنّما هما کذلک ؛ لأنّهما حاکیتان عنـه ، ومرآتان لـه ، فلایعقل‏‎ ‎‏النسبـة فیهما ، بل ملاک الحمل فیها إنّما هو الهوهویـة والاتّحاد المنافی للمغایرة‏‎ ‎‏المحقّقـة للنسبـة ، بل نقول : إنّ الأصل فی الحملیّات إنّما هو هذا القسم الذی‏‎ ‎‏لایکون فیـه نسبـة ، ولذا نسمّیها بالحملیّات الغیر المأوّلـة .‏

‏وأمّا غیرها من الحملیّات فمشتملـة علی النسبـة ؛ لأنّ البیاض لایعقل أن‏‎ ‎‏یتّحد مع زید ویتحقّق بینهما الهوهویـة ، نعم لـه ارتباط وإضافـة إلیـه باعتبار‏‎ ‎‏کونـه محلاًّ لـه ، وهو حالّ فیـه عارض علیـه ، وهذا القسم هو الحملیّات‏‎ ‎‏المأوّلـة ، نحو : زید فی الدار ، ووجـه التسمیـة بذلک أ نّها مأوّلـة ؛ لأنّ تقدیره : زید‏‎ ‎‏کائن فی الدار ؛ إذ لایحمل المحمول فیها علیٰ موضوعها بدون تقدیر الکون‏‎ ‎‏والحصول ونحوهما .‏

هذا فی الموجبات‏ ‏، وأمّا السوالب‏ : فالتحقیق أ نّها خالیـة عن النسبـة‏‎ ‎‏مطلقاً ؛ لما ذکرنا من أ نّها أیضاً حاکیـة عن الواقع ، ومن الواضح أ نّـه خالٍ عن‏‎ ‎‏النسبـة ، فقولـه : زید لیس بقائم ، یرجع إلی أنّ الواقع خالٍ عن النسبـة بین زید‏

کتابمعتمد الاصول (ج. ۱): تقریر ابحاث روح‏ الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 292
‏وبین القیام ، لا أ نّـه لـه نسبـة إلی عدم القیام ، فهذه القضایا متضمّنـة لسلب الحمل ،‏‎ ‎‏لا أ نّها یکون السلب فیها محمولاً .‏

‏ثمّ إنّ ما ذکرنا إنّما هو فی الحملیّات الغیر الموجبـة المأوّلـة ، وأمّا‏‎ ‎‏السوالب الغیر المأوّلـة : فالسلب فیها إنّما یتعلّق بالهوهویـة ، بمعنی أنّ السوالب‏‎ ‎‏علیٰ قسمین أیضاً : قسم یتعلّق السلب بالهوهویـة ، کزید لیس بموجود ، وقسم‏‎ ‎‏یکون السلب وارداً علی النسبـة ، کقولـه : زید لیس لـه القیام ، فقولنا بخلوّها عن‏‎ ‎‏النسبـة إنّما یکون النظر فیـه إلی السوالب التی لو کانت موجبات تکون فیها‏‎ ‎‏النسبـة ، ضرورة أنّ غیرها لایتوهّم فیها النسبـة بعد منعها فی الموجبات منها ، کما‏‎ ‎‏لایخفیٰ .‏

‎ ‎

کتابمعتمد الاصول (ج. ۱): تقریر ابحاث روح‏ الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 293