الجهـة الثانیـة : المخصّص اللفظی المجمل مصداقاً
وأمّا إذا کان مجملاً بحسب المصداق بأن اشتبـه فرد وتردّد بین أن یکون مصداقاً للخاص أو باقیاً تحت العامّ للشبهـة الخارجیـة ، فلایجوز التمسّک بالعامّ ، سواء کان الخاصّ متّصلاً أو منفصلاً .
أمّا إذا کان المخصّص متّصلاً ، فلوضوح أ نّـه لاینعقد ظهوره حینئذٍ إلاّ فی غیر عنوان الخاصّ . وبعبارة اُخریٰ : یصیر الموضوع لوجوب الإکرام أمر واحد ، وهو العالم غیر الفاسق ، فالتمسّک بالعامّ حینئذٍ یصیر من قبیل التمسّک بـه فی الشبهـة المصداقیـة لنفس العامّ ؛ إذ لا فرق حینئذٍ بین أن یتردّد أمر زید مثلاً بین أن یکون عالماً أو لا ، وبین أن یتردّد أمره بعد العلم بکونـه عالماً بین أن یکون فاسقاً أو لا ، فکما لایجوز التمسّک بـه فی الفرض الأوّل کذلک لایجوز فی الفرض الثانی ؛ لأنّ عنوان غیر الفاسق أیضاً یکون جزءاً للموضوع ، وهذا واضح .
وأمّا إذا کان المخصّص منفصلاً ، فالظاهر عدم جواز التمسّک بالعامّ أیضاً .
وقبل الخوض فیـه لابدّ من بیان أنّ الکلام ممحّض فی خصوص العامّ والخاصّ ، ولا ارتباط لـه بباب المطلق والمقیّد أصلاً . فما وقع من بعضهم من الخلط بینهما فی هذا المقام ونظائره حیث قال ـ کما فی التقریرات المنسوبـة إلی المحقّق النائینی ـ بأنّ ورود التخصیص بقولـه : لا تکرم الفسّاق من العلماء ، بعد ورود قولـه : أکرم العلماء ، یدلّ علی أنّ الموضوع للحکم یکون مرکّباً من العالم وعنوان الغیر الفاسق ، فکما لایجوز التمسّک بـه فیما إذا شکّ فی الجزء الأوّل
کتابمعتمد الاصول (ج. ۱): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 279
کذلک لایجوز فیما إذا شکّ فی الجزء الآخر ، ممّا لایصحّ أصلاً ؛ لأنّ التخصیص لیس کالتقیید فی تضییق دائرة الموضوع ، فإنّ الموضوع فی المثال هو جمیع أفراد العالم بلا قید إلاّ أنّ التخصیص یکشف عن عدم تعلّق الإرادة الجدّیـة بجمیع ما هو مراد استعمالاً ، وقد عرفت أنّ المراد بالعامّ قبل ورود التخصیص وبعده هو جمیع الأفراد ، وإلاّ یلزم المجازیـة .
وبالجملـة ، فالموضوع فی باب العلم هو الأفراد لا الطبیعـة ، کما فی باب المطلق ، والتخصیص لایوجب التضییق ، بخلاف التقیید .
کتابمعتمد الاصول (ج. ۱): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 280