ا‏لأمر ا‏لخامس‏: فیما عدّ من ا‏لألفاظ ا‏لدالّـة علی العموم

الأمر الخامس : فیما عدّ من الألفاظ الدالّـة علی العموم

‏ ‏

‏قد عدّ من الألفاظ الدالّـة علی العموم : النکرة فی سیاق النفی ، أو النهی ،‏‎ ‎‏وکذا اسم الجنس الواقع فی سیاق أحدهما ، بتقریب أ نّـه لا تکاد تکون الطبیعـة‏‎ ‎‏معدومـة إلاّ إذا کانت معدومةً بجمیع أفرادها ، وإلاّ فهی موجودة ، وظاهره تسلیم‏‎ ‎‏أ نّـه لایدلّ علی العموم لفظاً ، وهو کذلک ، ضرورة أنّ قولـه : لیس رجل فی الدار ،‏‎ ‎‏لایکون شیء من ألفاظـه دالاًّ علی العموم ، فإنّ کلمـة النفی موضوعـة لنفی‏‎ ‎‏مدخولـه ، ورجل یدلّ علیٰ نفس الطبیعـة ، وتنوینـه المسمّیٰ بتنوین التنکیر یدلّ‏‎ ‎‏علیٰ تقیّد الطبیعـة بالوحدة اللاّبعینها ، وتوهّم ثبوت الوضع لمجموع الجملـة ممّا‏‎ ‎‏لاینبغی أن یصغیٰ إلیـه ، فاللّفظ لایدلّ علی العموم أصلاً .‏

‏وأمّا دلالتـه علیـه عقلاً فقد عرفت سابقاً من أنّ ما اشتهر بینهم من وجود‏‎ ‎‏الطبیعـة بوجود فرد مّا وانعدامها بانعدام جمیع الأفراد خلاف حکم العقل ؛ فإنّ‏‎ ‎‏الطبیعـة کما توجد بوجود فرد کذلک تنعدم بانعدام فردمّا ، ولاینافی انعدامها‏‎ ‎‏وجودها بوجود فرد آخر ، ولایلزم التناقض ؛ لأنّها متکثّرة حسب تکثّر الأفراد .‏‎ ‎‏نعم هو مقتضیٰ حکم العرف لا العقل .‏

‏هذا ، ولکن لایخفیٰ أنّ دلالتـه علیـه مبنیـة علیٰ کونها مأخوذةً بنحو‏‎ ‎‏الإرسال ، وأمّا إذا اُخذت مبهمةً قابلة للتقیید ، فلایستفاد منـه العموم .‏

‏ومن هنا تعرف أنّ عدّ النکرة الکذائیـة من جملـة ألفاظ العموم ممّا لایصحّ ،‏‎ ‎‏بل غایتـه الدلالـة علی الإطلاق بعد جریان مقدّمات الحکمـة فی مدخول النفی‏‎ ‎‏وضمّ حکم العرف ، کما لایخفیٰ .‏

‏وهکذا الحال فی المفرد المعرّف باللاّم ، فإنّ توهّم دلالتـه علی العموم‏‎ ‎‏وضعاً مندفع بوضوح الفرق بین قولـه : ‏‏«‏أحلّ اللّٰـه البیع‏»‏‏ وقولـه : أحلّ اللّٰـه کلّ‏

کتابمعتمد الاصول (ج. ۱): تقریر ابحاث روح‏ الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 268
‏بیع ، بل لایدلّ إلاّ علی الإطلاق بعد جریان المقدّمات ، فهو أیضاً لایکون من‏‎ ‎‏الألفاظ الدالّـة علی العموم .‏

‏وأمّا الجمع المحلّی باللاّم : فالظاهر أنّ دلالتـه علی العموم بحسب الوضع‏‎ ‎‏ممّا لا إشکال فیـه ، إلاّ أنّ الکلام فی کون مدلولـه هل هو العموم الاستغراقی أو‏‎ ‎‏المجموعی ؟ قد یقال بالثانی ؛ نظراً إلی أنّ مدخول اللاّم هو الجمع ، وهو لاینطبق‏‎ ‎‏علیٰ کلّ فرد فرد بل علیٰ جماعـة جماعـة من الثلاثـة فما فوق وغایـة ما یستفاد‏‎ ‎‏من اللاّم هو أقصیٰ مراتب الجمع مع حفظ معنی الجمعیـة .‏

‏هذا ، ولکن لایخفیٰ أنّ الجمع کعلماء مثلاً لایدلّ علیٰ کون أفراد العالم‏‎ ‎‏ملحوظاً بنحو الاجتماع ، فالألف واللاّم التی یرد علیـه لایقتضی إلاّ استغراق أفراد‏‎ ‎‏العالم بلا ملاحظـة الوحدة بینهما أصلاً ، ومن هنا تعرف أنّ ما أجاب بـه المحقّق‏‎ ‎‏النائینی علیٰ ما فی التقریرات لایتمّ أصلاً ، فراجع .‏

‎ ‎

کتابمعتمد الاصول (ج. ۱): تقریر ابحاث روح‏ الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 269