فیما أفاده ا‏لشیخ ا‏لأعظم فی هذا ا‏لمقام

فیما أفاده الشیخ الأعظم فی هذا المقام

‏ ‏

‏وفی تقریرات الشیخ أنّ محصّل هذا الوجـه ینحلّ إلیٰ مقدّمات ثلاث :‏

‏أحدها : دعویٰ تأثیر السبب الثانی .‏

‏ثانیها : أنّ أثره غیر الأثر الأوّل .‏

‏ثالثها : أن تعدّد الأثر یوجب تعدّد الفعل ، والقائل بالتداخل لابدّ لـه من منع‏

کتابمعتمد الاصول (ج. ۱): تقریر ابحاث روح‏ الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 247
‏إحدی المقدّمات علیٰ سبیل منع الخلوّ ، وقد فصّل فی إثبات تلک المقدّمات ودفع‏‎ ‎‏ما اُورد علیها‏‎[1]‎‏ .‏

أمّا المقدّمـة الاُولیٰ‏ : فقد ذکر فی إثباتها کلاماً طویلاً أخذ کلٌّ من‏‎ ‎‏المتأخّرین عنـه شیئاً منـه ، وجعلـه دلیلاً مستقلاًّ علی القول بعدم التداخل .‏

فمنهم‏ ‏: المحقّق الهمدانی فی المصباح‏ ، حیث قال فیـه ما ملخّصـه : إنّ‏‎ ‎‏مقتضی إطلاق الجزاء وإن کان کفایـة ما یصدق علیـه الطبیعـة من غیر تقیید بالفرد‏‎ ‎‏المأتی بـه أوّلاً إلاّ أنّ ظهور القضیـة الشرطیـة فی السببیّـة المستقلّـة مقدّم علیـه ؛‏‎ ‎‏لأنّ الظهور فی الأوّل إطلاقی یتوقّف علیٰ مقدّماتـه التی منها عدم البیان ، ومن‏‎ ‎‏المعلوم أنّ إطلاق السبب منضمّاً إلیٰ حکم العقل بأنّ تعدّد المؤثّر یستلزم تعدّد‏‎ ‎‏الأثر یکون بیاناً للجزاء ، ومعـه لا مجال للتمسّک بإطلاقـه ، ولیس المقام من قبیل‏‎ ‎‏تحکیم أحد الظاهرین علی الآخر حتّیٰ یطالب بالدلیل ، بل لأنّ وجوب الجزاء‏‎ ‎‏بالسبب الثانی یتوقّف علی إطلاق سببیّتـه ، ومعـه یمتنع إطلاق الجزاء بحکم‏‎ ‎‏العقل ، فوجوبـه ملزوم لعدم إطلاقـه .‏

‏نعم التمسّک بالإطلاق إنّما یحسن فی الأوامر الابتدائیـة المتعلّقـة بطبیعـة‏‎ ‎‏واحدة لا فی ذوات الأسباب ؛ فإنّ مقتضی إطلاق الجمیع کون ما عدا الأوّل تأکیداً‏‎ ‎‏لـه ، واحتمال التأسیس ینفیـه أصالـة الإطلاق‏‎[2]‎‏ . انتهیٰ .‏

‏وإلیـه یرجع ما ذکره فی الکفایـة وجهاً للقول بعدم التداخل‏‎[3]‎‏ .‏

ومنهم‏ ‏: المحقّق النائینی‏ ، فإنّـه ذکر فی تقریراتـه ما حاصلـه : أنّ الأصل‏‎ ‎‏اللفظی یقتضی عدم تداخل الأسباب ؛ لأنّ تعلّق الطلب بصرف الوجود من‏

کتابمعتمد الاصول (ج. ۱): تقریر ابحاث روح‏ الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 248
‏الطبیعـة وإن کان مدلولاً لفظیاً إلاّ أنّ عدم قابلیّـة صرف الوجود للتکرّر لیس‏‎ ‎‏مدلولاً لفظیاً ، بل من باب حکم العقل بأنّ المطلوب الواحد إذا امتثل لایمکن‏‎ ‎‏امتثالـه ثانیاً ، وأمّا أنّ المطلوب واحد أو متعدّد فلایحکم بـه العقل ، فإذا دلّ ظاهر‏‎ ‎‏الشرطیّتین علیٰ تعدّد المطلوب ، لایعارضـه شیء أصلاً .‏

‏وممّا ذکرنا انقدح ما فی تقدیم ظهور القضیّتین من جهـة کونـه بیاناً لإطلاق‏‎ ‎‏الجزاء ، لأنّـه علیٰ ما ذکرنا ظهور الجزاء فی الاکتفاء بالمرّة لیس من باب‏‎ ‎‏الإطلاق أصلاً حتّیٰ یقع التعارض ، بل یکون ظهور الشرطیـة فی تأثیر الشرط‏‎ ‎‏مستقلاًّ رافعاً حقیقـة لموضوع حکم العقل ووارداً علیـه ، بل علیٰ فرض ظهور‏‎ ‎‏الجزاء فی المرّة یکون ظهور الشرطیـة حاکماً علیـه ، کما لایخفیٰ‏‎[4]‎‏ . انتهیٰ .‏

والجواب عنـه وعن سابقـه‏ : أنّ استفادة استقلال الشرط فی السببیّـة إنّما‏‎ ‎‏هو من إطلاق الشرط ، کما عرفت فی صدر مبحث المفهوم ، فهنا إطلاقان : إطلاق‏‎ ‎‏الشرط الدالّ علی السببیّـة المستقلّـة ، وإطلاق الجزاء الدالّ علیٰ تعلّق الطلب‏‎ ‎‏بنفس الطبیعـة ، ولا تعارض بین الإطلاقین فی کلّ قضیّـة مع قطع النظر عن‏‎ ‎‏القضیّـة الاُخریٰ ، ضرورة عدم المنافاة بین استقلال النوم مثلاً بالسببیّـة وکون‏‎ ‎‏المسبّب هو وجوب طبیعـة الوضوء .‏

‏نعم بعد ملاحظـة اجتماع القضیّتین معاً یقع التعارض بینهما ؛ لاستحالـة أن‏‎ ‎‏یؤثّر سببان مستقلاّن فی إیجاد حکمین علیٰ طبیعـة واحدة ، فاللاّزم فی مقام‏‎ ‎‏التخلّص عن المحذور العقلی أحد أمرین : إمّا رفع الید عن إطلاق الشرط فی کلٍّ‏‎ ‎‏منهما ، وإمّا رفع الید عن إطلاق الجزاء کذلک ، ولا ترجیح للثانی علی الأوّل أصلاً .‏

‏نعم الظاهر أنّ المتفاهم عند العرف من أمثال هذا النحو من القضایا‏

کتابمعتمد الاصول (ج. ۱): تقریر ابحاث روح‏ الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 249
‏الشرطیـة عدم التداخل ، وتأثیر کلّ سبب فی مسبّب واحد من غیر التفات إلی‏‎ ‎‏إطلاق متعلّق الجزاء ، ولزوم تقییده .‏

‏ولعلّ کون المتفاهم بنظر العرف کذلک ممّا لا مجال لإنکاره إلاّ أنّ الکلام فی‏‎ ‎‏منشأ استفادتهم ، فیمکن أن یکون الوجـه فیـه قیاس العلل التشریعیّـة بالعلل‏‎ ‎‏التکوینیّـة التی یوجب کلّ علّـة معلولاً مستقلاًّ أو استفادة الارتباط بین الشرط‏‎ ‎‏ومتعلّق الجزاء بمعنی اقتضاء البول مثلاً للوضوء واستحقاقـه لـه ، فعند الاجتماع‏‎ ‎‏یقتضی کلّ واحد من الشرطین وضوءاً مستقلاًّ ، أو غیر ذلک ممّا لم نعرفـه ، فإنّ‏‎ ‎‏العمدة هی ثبوت أصل الظهور بنظر العرف ، وقد عرفت أنّـه لا إشکال فیـه ، کما‏‎ ‎‏أشار إلیـه المحقّق الخراسانی فی حاشیـة الکفایـة فی هذا المقام‏‎[5]‎‏ .‏

وأمّا المقدّمـة الثانیـة‏ : فیمکن منعها بتقریب أنّ الشرط إنّما یکون سبباً‏‎ ‎‏لوجوب الوضوء لا لوجوده ، کما هو ظاهر القضیّـة الشرطیـة .‏

‏مضافاً إلی أنّـه لو کان علّةً لـه لا للوجوب ، یلزم عدم الانفکاک بینهما ، مع‏‎ ‎‏أنّ من المعلوم خلافـه ، فتعدّد الشرط یوجب تعدّد الوجوب ، وهو لایستلزم‏‎ ‎‏وجوب إیجاد الفعل متعدّداً ؛ لإمکان أن یکون الوجوب الثانی تأکیداً للوجوب‏‎ ‎‏الأوّل ؛ إذ البعث التأکیدی لیس مغایراً للبعث التأسیسی ، والفارق مجرّد تعدّد‏‎ ‎‏الإرادة ووحدتها ، ومع إمکان ذلک لابدّ من إثبات کون البعث للتأسیس .‏

‏وبالجملـة ، یقع التعارض بین إطلاق متعلّق الجزاء وإطلاق الشرط فی‏‎ ‎‏السببیّـة المستقلّـة لو کان الوجوبان تأسیسیّین ، وأمّا لو کان أحدهما تأکیداً للآخر ،‏‎ ‎‏فلا تعارض أصلاً ، ولا ترجیح لرفع الید عن إطلاق متعلّق الجزاء وإبقاء الوجوب‏‎ ‎‏علیٰ ظاهره لو لم نقل بترجیح العکس ؛ نظراً إلی أنّ ظهوره فی التأسیسیـة لایکون‏

کتابمعتمد الاصول (ج. ۱): تقریر ابحاث روح‏ الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 250
‏بالغاً إلیٰ حدّ یعارض الإطلاق ، وعلیٰ فرض التعارض فلابدّ علی المستدلّ من‏‎ ‎‏إثبات العکس ، ورفع احتمال الحمل علی التأکید .‏

وأجاب عنـه فی التقریرات بما حاصلـه‏ : أنّا نسلّم کون الأسباب الشرعیـة‏‎ ‎‏أسباباً لنفس الأحکام لا لمتعلّقاتها ، ومع ذلک یجب تعدّد إیجاد الفعل فی الخارج ،‏‎ ‎‏فإنّ المسبّب هو اشتغال الذمّـة بإیجاد الفعل ، ولاشکّ أنّ السبب الأوّل یقتضی‏‎ ‎‏ذلک ، فإذا فرضنا وجود مثلـه فیوجب اشتغالاً آخر ؛ إذ لو لم یقتضی ذلک فإمّا أن‏‎ ‎‏یکون بواسطـة نقص فی السبب أو فی المسبّب ، ولیس شیء منهما .‏

‏أمّا الأوّل : فلما هو المفروض .‏

‏وأمّا الثانی : فلأنّ تعدّد الاشتغال ووحدتـه یتبع قبول الفعل المتعلّق لـه‏‎ ‎‏وعدمـه ، والمفروض فی المقام القبول .‏

‏نعم ما ذکره یتمّ فی الأوامر الابتدائیـة مع قبول المحلّ أیضاً ؛ لأنّ مجرّد‏‎ ‎‏القابلیـة غیر قاضیـة بالتعدّد ، والاشتغال الحاصل بالأمر الثانی لا نسلّم مغایرتـه‏‎ ‎‏للأمر الأوّل .‏

‏هذا إن اُرید من التأکید تأکید مرتبـة الطلب والوجوب وإن کان حصولـه‏‎ ‎‏بواسطـة لحوق جهـة مغایرة للجهـة الاُولیٰ ، کما فی مثل تحریم الإفطار بالمحرّم‏‎ ‎‏فی شهر رمضان ، وإن اُرید التأکید نحو الحاصل فی الأوامر الابتدائیـة ، ففساده‏‎ ‎‏أظهر من أن یخفیٰ ؛ فإنّ الأمر الثانی مرتّب علی الأوّل ووارد فی مورده ، بخلاف‏‎ ‎‏المقام ، ضرورة حصول الاشتغال والوجوب علیٰ وجـه التعدّد قبل وجود السبب‏‎ ‎‏بنفس الکلام الدالّ علی السببیّـة ، فتکون تلک الوجوبات کلّ واحد منها فی عرض‏‎ ‎‏الآخر ، فهناک إیجابات متعدّدة ، ویتفرّع علیها وجوبات متعدّدة علیٰ وجـه التعلیق ،‏‎ ‎‏وبعد حصول المعلّق علیـه یتحقّق الاشتغال بأفراد متعدّدة .‏

‏ویمکن أن یجاب بالتزام أنّها أسباب لنفس الأفعال لا لأحکامها ، ولکنّـه‏

کتابمعتمد الاصول (ج. ۱): تقریر ابحاث روح‏ الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 251
‏سبب جعلی لا عقلی ولا عادی ، ومعنی السبب الجعلی هو أنّ لها نحو اقتضاء فی‏‎ ‎‏نظر الجاعل بحیث لو انقدح فی نفوسنا لکنّا جازمین بالسببیّـة ، إلاّ أنّ الإنصاف‏‎ ‎‏أنّـه لایسمن ؛ فإنّ معنیٰ جعل السببیّـة لیس إلاّ مطلوبیـة المسبّب عند وجود‏‎ ‎‏السبب ، فالتعویل علی الوجـه الأوّل‏‎[6]‎‏ . انتهیٰ ملخّصاً .‏

أقول‏ : المراد بتعدّد الاشتغال الحاصل من کلّ سبب لابدّ وأن یکون هو‏‎ ‎‏الوجوب الجائی عقیبـه ، وقد عرفت أنّ تعدّد الوجوب لایستلزم تعدّد الواجب ؛‏‎ ‎‏لاحتمال أن یکون الوجوب الثانی تأکیداً للأوّل ، فتعدّد الاشتغال بهذا المعنیٰ‏‎ ‎‏لایوجب تعدّد المشتغل بـه .‏

ثمّ إنّ قولـه‏ : هذا إن اُرید من التأکید إلی آخره ، یرد علیـه : أنّ هذا الفرض‏‎ ‎‏خارج عن باب التأکید ؛ لما قد حقّق سابقاً فی مبحث اجتماع الأمر والنهی من أنّ‏‎ ‎‏متعلّق الأحکام هی الطبائع لا الوجودات ، فالطبیعـة المتعلّقـة لأحد التحریمین‏‎ ‎‏فی المثال تغایر الطبیعـة المتعلّقـة للآخر ؛ ضرورة أنّ أحدهما یتعلّق بالإفطار ،‏‎ ‎‏والآخر بشرب الخمر مثلاً ، فأین التأکید ؟‏

‏ثمّ إنّ اعتبار الترتّب فی تحقّق معنی التأکید ـ کما عرفت فی کلامـه ـ مندفع‏‎ ‎‏بأنّ الوجوب التأکیدی لیس بمعنی استعمال الهیئـة ـ مثلاً ـ فی التأکید حتّیٰ‏‎ ‎‏یستلزم وجود وجوب قبلـه بل المستعملـة فیـه هو نفس الوجوب والتأکید ینتزع‏‎ ‎‏من تعلّق أزید من واحد بشیء واحد .‏

‏ألا تریٰ أنّـه یتحقّق التأکید بقول : اضرب ، والإشارة بالید إلیـه فی آنٍ واحد‏‎ ‎‏من دون تقدّم وتأخّر .‏

‏ثمّ إنّ الجواب الأخیر ـ الذی ذکر أنّ الإنصاف أنّـه لایسمن ـ قد جعلـه‏

کتابمعتمد الاصول (ج. ۱): تقریر ابحاث روح‏ الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 252
‏المحقّق العراقی جواباً مستقلاًّ عن الإشکال ، واعتمد علیـه ، وقد عرفت منّا سابقاً‏‎ ‎‏استظهاره ، ولکنّـه لایندفع بـه الإشکال ؛ لأنّ الشرطین إنّما یقتضیان نفس طبیعـة‏‎ ‎‏متعلّق الجزاء ، وبعد حصولها مرّة بعدهما قد عمل بمقتضاهما معاً ، کما لایخفیٰ .‏

‏هذا کلّـه فی الأنواع المتعدّدة ، وأمّا التداخل وعدمـه بالنسبـة إلی فردین‏‎ ‎‏من نوع واحد ، فقد یقال بابتناء ذلک علی أنّ الشرط هل هو الطبیعـة أو الأفراد .‏

‏فعلی الأوّل فلابدّ من القول بالتداخل ؛ لأنّ الفردین أو الأفراد من طبیعـة‏‎ ‎‏واحدة لایعدّ بنظر العرف إلاّ فردان أو أفراد منها ، فزید وعمرو بنظر العرف فردان‏‎ ‎‏من الإنسان ، لا إنسانان ، کما هو کذلک بنظر العقل .‏

‏وعلی الثانی فلابدّ من القول بعدم التداخل ؛ لظهور الشرطیـة فی کون کلّ‏‎ ‎‏فرد سبباً مستقلاًّ للجزاء .‏

‏هذا ، ولکن لایخفیٰ أنّ مورد النزاع هو ما إذا کان کلّ واحد من الأفراد سبباً‏‎ ‎‏مستقلاًّ ، وإلاّ فلایشملـه النزاع فی المقام ، فدخولـه فیـه یبتنی علیٰ کون الشرط‏‎ ‎‏هی الأفراد ، لا أنّ القول بعدم التداخل مبنیّ علیـه ، کما هو صریح ذلک القول‏‎ ‎‏المحکی ، وحینئذٍ فیجری فیـه جمیع ما تقدّم فی النوعین والأنواع المختلفـة ،‏‎ ‎‏والظاهر أنّ المتفاهم منها بنظر العرف أیضاً عدم التداخل بالنسبـة إلی الأفراد من‏‎ ‎‏جنس واحد ، فتأمّل .‏

وأمّا المقدّمـة الثالثـة‏ الراجعـة إلی أنّ تعدّد الأثر یوجب تعدّد الفعل التی‏‎ ‎‏یعبّر عنها بعدم تداخل المسبّبات : فقد ذکر الشیخ فی التقریرات : أن لا مجال‏‎ ‎‏لإنکارها بعد تسلیم المقدّمتین السابقتین ؛ لأنّا قد قرّرنا فی المقدّمـة الثانیـة أنّ‏‎ ‎‏متعلّق التکالیف حینئذٍ هو الفرد المغایر للفرد الواجب بالسبب الأوّل ، ولایعقل‏‎ ‎‏تداخل فردین من ماهیّـة واحدة ، بل ولایعقل ورود دلیل علی التداخل أیضاً علی‏‎ ‎‏ذلک التقدیر ، إلاّ أن یکون ناسخاً لحکم السببیّـة ، وأمّا تداخل الأغسال فبواسطـة‏

کتابمعتمد الاصول (ج. ۱): تقریر ابحاث روح‏ الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 253
‏تداخل ماهیّاتها ، کما کشف عنـه روایـة الحقوق ، مثل تداخل الإکرام والضیافـة‏‎ ‎‏فیما إذا قیل : إذا جاء زید فأکرم عالماً ، وإن سلّم علیک فأضف هاشمیّاً ، فعند وجود‏‎ ‎‏السببین یمکن الاکتفاء بإکرام العالم الهاشمی علیٰ وجـه الضیافـة ، وأین ذلک من‏‎ ‎‏تداخل الفردین‏‎[7]‎‏ . انتهیٰ ملخّصاً .‏

‏ولایخفیٰ أنّ المراد بکون متعلّق التکالیف هو الفرد المغایر للفرد الواجب‏‎ ‎‏بالسبب الأوّل إن کان هو الفرد الخارجی ، فعدم اجتماع الفردین مسلّم لاریب‏‎ ‎‏فیـه ، إلاّ أنّـه لاینبغی الإشکال فی بطلانـه ؛ لأنّ الموجود الخارجی یستحیل أن‏‎ ‎‏یتعلّق التکلیف بـه بعثاً کان أو زجراً ، کما قد حقّقناه سابقاً فی مبحث اجتماع الأمر‏‎ ‎‏والنهی بما لا مزید علیـه ، وإن کان المراد هو العنوان الذی یوجب تقیید الطبیعـة ،‏‎ ‎‏فنقول : إنّ القیود المقسّمـة للطبیعـة علیٰ نوعین : نوع تکون النسبـة بین القیود‏‎ ‎‏التخالف بحیث لا مانع من اجتماعها علیٰ شیء واحد ، کتقیید الإنسان مثلاً‏‎ ‎‏بالأبیض والرومی ، ونوع تکون النسبـة بینها التباین ، کتقییده بالأبیض والأسود ،‏‎ ‎‏ومرجع القول بعدم التداخل إلی استحالـة تعلّق تکلیفین بطبیعـة واحدة ، ولزوم‏‎ ‎‏تقییدها فی کلّ تکلیف بقید یغایر القید الآخر ، وأمّا لزوم کون التغایر علیٰ نحو‏‎ ‎‏التباین ، فممنوع جدّاً ، بل یستفاد من ورود الدلیل علی التداخل کون التغایر بنحو‏‎ ‎‏التخالف الغیر المانع من الاجتماع ، فلایلزم أن یکون ناسخاً لحکم السببیّـة ، کما‏‎ ‎‏أفاده فی کلامـه .‏

‏نعم مع عدم ورود الدلیل علیـه لا مجال للاعتناء باحتمال کون التغایر بنحو‏‎ ‎‏التخالف فیمقام الامتثال ؛ لأنّ التکلیف الیقینییقتضی البراءة الیقینیّـة ، ومع الإتیان‏‎ ‎‏بوجود واحد لایحصل الیقین بالبراءة عن التکلیفین المعلومین ، کما هو واضح .‏

‎ ‎

کتابمعتمد الاصول (ج. ۱): تقریر ابحاث روح‏ الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 254

  • )) مطارح الأنظار : 177 / السطر 22 وما بعده .
  • )) مصباح الفقیـه ، الطهارة : 126 / السطر 9 .
  • )) کفایـة الاُصول : 239 ـ 240 .
  • )) فوائد الاُصول (تقریرات المحقّق النائینی) الکاظمی 1 : 493 ـ 494 .
  • )) کفایـة الاُصول : 242 ، الهامش 3 .
  • )) مطارح الأنظار : 180 / السطر 1 ـ 16 .
  • )) مطارح الأنظار : 180 ـ 181 .