ا‏لأمر ا‏لثا‏لث‏: فی تداخل ا‏لأسباب وا‏لمسبّبات

الأمر الثالث : فی تداخل الأسباب والمسبّبات

‏ ‏

‏لو تعدّد الشرط واتّحد الجزاء ، فهل القاعدة تقتضی التداخل مطلقاً ، أو‏‎ ‎‏عدمـه کذلک ، أو یفصّل بین ما إذا اتّحد الجنس فالأوّل وما إذا تعدّد فالثانی ؟‏


کتابمعتمد الاصول (ج. ۱): تقریر ابحاث روح‏ الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 244
‏ولیقدّم اُمور :‏

الأوّل‏ : أنّ النزاع فی هذا الباب مبنی علی إحراز کون الشرطین مثلاً علّتین‏‎ ‎‏مستقلّتین بمعنی أنّ کلّ واحد منهما یؤثّر فی حصول المشروط مستقلاًّ من غیر‏‎ ‎‏مدخلیـة شیء آخر ، وأمّا بناء علیٰ کون الشرط هو مجموع الشرطین فلا مجال‏‎ ‎‏للنزاع فی التداخل وعدمـه ؛ إذ لایؤثّر الشرطان إلاّ فی شیء واحد ، کما هو‏‎ ‎‏واضح .‏

‏فالبحث فی المقام إنّما یجری بناء علیٰ غیر الوجـه الثالث من الوجوه‏‎ ‎‏الأربعـة المتقدّمـة فی الأمر السابق .‏

الثانی‏ : أنّ مورد البحث ما إذا کان متعلّق الجزاء طبیعـة قابلـة للتکثّر‏‎ ‎‏والتعدّد ، مثل الوضوء والغسل وأشباههما ، وأمّا إذا لم تکن قابلةً للتعدّد ، کقتل زید‏‎ ‎‏مثلاً ، فهو خارج عن محلّ النزاع ؛ لاستحالـة عدم التداخل ، فمثل قولـه : إن ارتدّ‏‎ ‎‏زید فاقتلـه ، وإن قتل مؤمناً فاقتلـه ، خارج عن المقام .‏

الثالث‏ : أنّ التداخل قد یکون فی الأسباب ، وقد یکون فی المسبّبات ،‏‎ ‎‏والمراد بتداخل الأسباب ـ الذی هو مورد النزاع فی المقام ـ هو تأثیرها مع کون‏‎ ‎‏کلّ واحد منها مستقلاًّ لو انفرد عن صاحبـه فی مسبّب واحد فی حال الاجتماع ،‏‎ ‎‏والمراد بتداخل المسبّبات هو الاکتفاء فی مقام الامتثال بإتیان الطبیعـة المتعلّقـة‏‎ ‎‏للحکم مرّة بعد الفراغ عن عدم تداخل الأسباب وتأثیرها فی المسبّبات الکثیرة‏‎ ‎‏حسب کثرتها ، وربّما مثّلوا لـه بمثل : قولـه : أکرم هاشمیّاً ، وأضف عالماً‏‎[1]‎‏ ، حیث‏‎ ‎‏إنّـه لا إشکال فی تحقّق الامتثال إذا أکرم العالم الهاشمی بالضیافـة .‏


کتابمعتمد الاصول (ج. ۱): تقریر ابحاث روح‏ الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 245
‏ولکن لایخفیٰ ما فیـه من النظر ؛ فإنّ الظاهر أنّ المراد بـه ـ کما یظهر من‏‎ ‎‏تذییل مبحث تداخل الأسباب بـه ـ هو ما إذا کان التکلیفان متعلّقین بعنوان واحد‏‎ ‎‏لابعنوانین ، کما لایخفیٰ .‏

الرابع‏ : أنّ مورد النزاع هو ما تقتضیـه القواعد اللفظیـة بعد الفراغ عن‏‎ ‎‏إمکان التداخل وعدمـه .‏

وحکی عن بعض الأعاظم المعاصرین‏ : استحالـة عدم التداخل ؛ نظراً إلی‏‎ ‎‏أنّـه یمکن تعقّل تعلّق أمر واحد بإیجاد الطبیعـة مرّتین من غیر تعلیق علیٰ شیء ،‏‎ ‎‏کما إذا قال : توضّأ وضوئین وکذا فیما إذا جمع السببین وأمر بإیجادهما مرّتین کما‏‎ ‎‏إذا قال : إن بلت ونمت فتوضّأ وضوئین ، وکذا یجوز تعلّق أمرین بطبیعـة واحدة فیما‏‎ ‎‏إذا کان السبب الثانی مترتّباً علی الأوّل دائماً ، وأمّا مع عدم الترتّب بینهما ـ کما هو‏‎ ‎‏المفروض فی المقام ـ فلا نتعقّل تعلّق أمرین بطبیعـة واحدة ؛ إذ لایمکن تقیید‏‎ ‎‏الثانی بمثل کلمـة الآخر ونحوه ؛ لإمکان حصول السبب الثانی قبل الأوّل .‏

‏ومنـه یظهر أنّـه لایمکن تقیید کلّ منهما بمثلها ، کما هو واضح‏‎[2]‎‏ .‏

هذا‏ ‏، ولکن لایخفیٰ‏ : أنّ منشأ الاستحالـة لو کان مجرّد عدم صحّـة التقیید‏‎ ‎‏بمثل کلمـة الآخر ، فالجواب عنـه واضح ؛ لعدم انحصار التقیید بمثلـه ، وذلک‏‎ ‎‏لإمکان أن یقیّد کلّ واحد منهما بالسبب الموجب لتعلّق التکلیف بالطبیعـة ، وذلک‏‎ ‎‏بأن یقال : إن بلت فتوضّأ وضوءاً من قِبَل البول ، وإن نمت فتوضّأ وضوءاً من قِبَل‏‎ ‎‏النوم .‏

‎ ‎

کتابمعتمد الاصول (ج. ۱): تقریر ابحاث روح‏ الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 246

  • )) فوائد الاُصول (تقریرات المحقّق النائینی) الکاظمی 1 : 497 .
  • )) الحاشیـة علی کفایـة الاُصول ، البروجردی 1 : 449 ـ 453 ، نهایـة الاُصول : 305 ـ 309 .