ا‏لوجـه ا‏لثانی: ما هو ا‏لمعروف بین ا‏لمتأخّرین

الوجـه الثانی : ما هو المعروف بین المتأخّرین

‏ ‏

‏وقد استدلّ لإثباتها بوجوه :‏

الأوّل‏ : دعویٰ تبادر العلّیـة المنحصرة من کلمـة «إن» وأخواتها ، ولایخفی‏‎ ‎‏أنّ إثبات ذلک موقوف علیٰ إثبات دلالـة القضیـة الشرطیـة علی الارتباط بین‏‎ ‎‏الشرط والجزاء ، ثمّ کون ذلک الارتباط بنحو اللزوم ، ثمّ کون اللزوم بنحو الترتّب ،‏‎ ‎‏أی ترتّب الجزاء علی الشرط لا العکس ، ولا مجرّد الملازمـة من دون ترتّب ، کما‏‎ ‎‏فی المعلولین لعلّـة واحدة ، ثمّ کون الترتّب بنحو ترتّب المعلوم علیٰ علّتـه ، ثمّ‏‎ ‎‏کون تلک العلّـة علّةً مستقلّة ، ثمّ کونها مع الاستقلال منحصرة ، ومن الواضح أنّ‏‎ ‎‏إثبات جمیع هذه الاُمور فی غایـة الإشکال ، بل نقول : إنّ المقدار الذی یصحّح‏‎ ‎‏استعمال کلمـة الشرطیـة هو مجرّد الارتباط بین الشرط والجزاء ولو لم یکن ذلک‏‎ ‎‏بنحو اللزوم .‏

‏ألا تری أنّـه یصحّ أن یقال : إذا جاء زید فمعـه عمرو ، فیما لو کان مصاحباً‏‎ ‎‏لـه نوعاً من دون رعایـة علاقـة أصلاً ، کما أنّـه یستعمل کثیراً فی موارد اللزوم‏‎ ‎‏وفی المراتب التی بعده .‏

‏وکیف کان فالإنصاف أنّ دعویٰ ذلک خلاف الوجدان .‏

الثانی‏ : الانصراف ، وممّا ذکرنا فی التبادر یظهر أنّ دعواه أیضاً ممّا لا دلیل‏‎ ‎‏علی إثباتـه .‏

الثالث‏ : التمسّک بإطلاق کلمـة «إن» وأخواتها الموضوعـة للّزوم بتقریب‏‎ ‎‏أنّ مقدّمات الحکمـة تقتضی الحمل علی الفرد الذی لایحتاج إلی مؤونـة التقیید ،‏‎ ‎‏وهو هنا اللزوم بنحو العلّیـة المنحصرة ، کما أنّ قضیّـة إطلاق صیغـة الأمر هو‏‎ ‎‏الوجوب النفسی .‏


کتابمعتمد الاصول (ج. ۱): تقریر ابحاث روح‏ الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 238
‏ولکن لایخفیٰ أنّـه لایکون الحکم فی المقیس علیـه مسلّماً ، وقد ذکرنا‏‎ ‎‏ذلک فی مبحث الأوامر .‏

‏وحاصلـه : أنّ انقسام الطبیعـة بالأقسام إنّما یتحقّق مع إضافـة القیود إلیـه ،‏‎ ‎‏سواء کانت وجودیّـة أو عدمیّـة ، فبإضافـة کلّ قید یتحقّق قسم من الطبیعـة ،‏‎ ‎‏ولایعقل أن یکون بعض الأقسام عین المقسم ؛ إذ کونـه قسماً یساوق عدم‏‎ ‎‏اجتماعـه مع القسم الآخر أو الأقسام الاُخر ، وکونـه عین المقسم یساوق اتّحاده‏‎ ‎‏معها ؛ لأنّ الطبیعـة اللابشرط یجتمع مع ألف شرط ، ولایعقل اجتماع الوصفین‏‎ ‎‏المتناقضین علیـه ، کما هو واضح .‏

وحینئذٍ نقول‏ : إنّ معنی الإطلاق الثابت بمقدّمات الحکمـة هو کون‏‎ ‎‏المقصود هی الطبیعـة اللاّبشرط ، ولو فرض عدم إمکان کونها مقصودةً بل کان‏‎ ‎‏الغرض متعلّقاً ببعض أقسامها ، فالحمل علیٰ بعض الأقسام دون البعض الآخر مع‏‎ ‎‏کونها فی عرض واحد ترجیح من دون مرجّح .‏

‏نعم ، لو کان بعض الأقسام أقلّ مؤونـة من الآخر ، لوجب الحمل علیـه ،‏‎ ‎‏ولکنّـه لایکون فی أمثال المقام کذلک ؛ ضرورة أنّ أقسام اللزوم فی عرض واحد‏‎ ‎‏ولایعقل أن یکون بعضها عین المقسم ، فتأمّل جیّداً .‏

الرابع‏ : التمسّک بإطلاق الشرط بتقریب أنّـه لو لم یکن بمنحصر ، یلزم‏‎ ‎‏تقییده ؛ ضرورة أنّـه لو قارنـه أو سبقـه الآخر ، لما أثّر وحده ، ومقتضی إطلاقها‏‎ ‎‏أنّـه یؤثّر کذلک مطلقاً .‏

‏وذکر فی الکفایـة أنّـه لایکاد ینکر الدلالـة علی المفهوم مع إطلاقـه کذلک‏‎ ‎‏إلاّ أنّـه من المعلوم ندرة تحقّقـه لو لم نقل بعدم اتّفاقـه‏‎[1]‎‏ . انتهیٰ .‏


کتابمعتمد الاصول (ج. ۱): تقریر ابحاث روح‏ الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 239
‏ولکن یظهر جوابـه ممّا تقدّم فی جواب إثبات المفهوم من الطریق المنسوب‏‎ ‎‏إلی القدماء .‏

‏وحاصلـه : أنّ مقتضی الإطلاق هو کون الموضوع المذکور تامّاً من حیث‏‎ ‎‏الموضوعیـة لحکمـه المجعول بمعنی أنّـه لا مدخلیـة لشیء آخر أصلاً ، وهذا‏‎ ‎‏لایدلّ علی المفهوم ؛ لأنّـه لابدّ فی إثباتـه من کون الموضوع المذکور منحصراً فی‏‎ ‎‏الموضوعیـة ، ومجرّد تمامیّتـه لایثبت الانحصار ، کما هو واضح .‏

الخامس‏ : التمسّک بإطلاق الشرط بتقریب آخر ، وهو أنّ مقتضی إطلاق‏‎ ‎‏الشرط : تعیّنـه ، کما أنّ مقتضی إطلاق الأمر : تعیّن الوجوب .‏

‏ویظهر جوابـه ممّا تقدّم فی الجواب عن الوجـه الثالث .‏

‏وحاصلـه : أنّا لا نسلّم ثبوت الحکم فی المقیس علیـه ؛ لأنّـه لایعقل أن‏‎ ‎‏یکون الوجوب التعیینی عین طبیعـة الوجوب ، التی هی مقسم لها وللوجوب‏‎ ‎‏التخییری ، بل کلّ واحد منهما لا محالـة یشتمل علیٰ قید وجودی أو عدمی زائد‏‎ ‎‏علی أصل الطبیعـة ، والإطلاق لایثبت شیئاً منهما .‏

‏نعم ، قد ذکرنا فی مبحث الأوامر أنّ للمولی الاحتجاج علی العبد لو اعتذر‏‎ ‎‏باحتمال کونـه تخییریّاً ؛ لأنّ البعث الصادر منـه لابدّ لـه من الجواب بإتیان‏‎ ‎‏متعلّقـه ، ولکن هذا لایثبت التعیّنیـة ، کما تقدّم .‏

السادس‏ : التمسّک بإطلاق الجزاء .‏

‏وینبغی التنبیـه علیٰ اُمور :‏

‎ ‎

کتابمعتمد الاصول (ج. ۱): تقریر ابحاث روح‏ الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 240

  • )) کفایـة الاُصول : 233 .