فی تعریف ا‏لمفهوم

مقدّمـة فی تعریف المفهوم

‏ ‏

‏اعلم أنّ المفهوم عندهم عبارة عن القضیـة الخبریـة أو الإنشائیـة‏‎ ‎‏المستفادة من قضیّـة اُخریٰ ، والاختلاف بینهم إنّما هو فی منشأ الاستفادة ،‏‎ ‎‏فالمنسوب إلی القدماء أنّ وجـه استفادتـه أنّ القیود الواقعـة فی الکلام ، الصادرة‏‎ ‎‏من المتکلّم المختار إنّما هو لکونها دخیلاً فی ثبوت الحکم ، وإلاّ یلزم أن یکون‏‎ ‎‏لغواً‏‎[1]‎‏ ، وسیأتی التعرّض لـه علی التفصیل .‏

‏والمعروف بین محقّقی المتأخّرین أنّ وجـه استفادة المفهوم هو کون أدوات‏‎ ‎‏الشرط دالـة علی العلّیـة المنحصرة إمّا بالوضع أو بقرینـة عامـة‏‎[2]‎‏ ، وعلیـه یکون‏‎ ‎‏المفهوم من المدلولات الالتزامیـة للقضایا التی لها مفهوم ، فکما أنّ المفردات لها‏‎ ‎‏مدلولات التزامیـة ، وهی المعانی التی ینتقل إلیها النفس بمجرّد تصوّر معانی تلک‏

کتابمعتمد الاصول (ج. ۱): تقریر ابحاث روح‏ الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 233
‏المفردات ، فکذلک للقضایا مدلولات التزامیـة ینتقل إلیها الذهن بمجرّد تصوّر‏‎ ‎‏معانیها المطابقیـة .‏

‏وعلی الأوّل لایکون وصف المفهومیـة وصفاً للمدلول أو الدلالـة ؛ لعدم‏‎ ‎‏استفادتـه من اللّفظ أصلاً ، بل إنّما هو حکم العقل بأنّ المتکلّم العاقل المختار إذا‏‎ ‎‏تکلّم بکلام وأخذ فیـه قیوداً لایکون أخذه لها لغواً ، بل لکونها دخیلاً فیترتّب‏‎ ‎‏الحکم .‏

‏وأمّا علی الثانی فیصیر نظیر وصف الالتزامیـة والتضمّنیـة والمطابقیـة فی‏‎ ‎‏مدالیل المفردات بمعنی أنّـه یمکن أن یتّصف بها المدلول ، ویمکن أن یتّصف بها‏‎ ‎‏الدلالـة ، کما یمکن أن یتّصف بها الدال ؛ لأنّـه کما تکون الدلالـة بالمطابقـة کذلک‏‎ ‎‏یکون المعنیٰ مطابقاً ـ بالفتح ـ واللّفظ مطابقاً ـ بالکسر ـ وهکذا فی الالتزام‏‎ ‎‏والتضمّن .‏

‏وفی المقام نقول : إنّ وصف المفهومیـة یمکن أن یکون وصفاً لتلک القضیـة‏‎ ‎‏المستتبعـة ، ویمکن أن یکون وصفاً للدلالـة باعتبار أنّ الدلالـة علیٰ تلک القضیـة‏‎ ‎‏دلالـة مستفادة من الدلالـة علی القضیـة المنطوقیـة ، وبهذا الاعتبار یمکن أن‏‎ ‎‏یتّصف بها الدال ، کما لایخفیٰ .‏

‏ثمّ إنّ النزاع علیٰ قول المتأخّرین إنّما یکون فی الصغریٰ ؛ إذ الکلام إنّما هو‏‎ ‎‏فی دلالـة أدوات الشرط مثلاً علی العلّیـة المنحصرة المستتبعـة للقضیـة الاُخریٰ‏‎ ‎‏قهراً ، وأمّا علیٰ فرض تسلیم الدلالـة فلا إشکال فی حجّیـة تلک القضیـة ، کما هو‏‎ ‎‏واضح .‏

‏وأمّا علی قول القدماء فقد یقال بأنّ النزاع بناء علیـه إنّما یکون فی الکبریٰ ؛‏‎ ‎‏نظراً إلی أنّ لزوم حمل القیود علیٰ معنیٰ حذراً من اللغویـة یقتضی ثبوت المفهوم ،‏

کتابمعتمد الاصول (ج. ۱): تقریر ابحاث روح‏ الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 234
‏ولکن الکلام فی حجّیتـه ، ولایخفی أنّ ذلک المعنی الذی یجب الحمل علیـه حذراً‏‎ ‎‏منها لاینحصر بالمفهوم ، فالنزاع فی وجوب الحمل علیٰ خصوصـه وعدمـه ، وأمّا‏‎ ‎‏علیٰ فرض الحمل علیـه فلا إشکال فی حجّیتـه أصلاً ، کما هو واضح ، فالنزاع بناء‏‎ ‎‏علیٰ کلا القولین صغروی لا کبروی ، فتأمّل جیّداً .‏

‏إذا عرفت ذلک ، فالکلام یقع فی مقامین :‏

‎ ‎

کتابمعتمد الاصول (ج. ۱): تقریر ابحاث روح‏ الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 235

  • )) الحاشیـة علی کفایـة الاُصول ، البروجردی 1 : 438 ، نهایـة الاُصول : 291 .
  • )) فوائد الاُصول (تقریرات المحقّق النائینی) الکاظمی 1 : 476 ـ 478 ، الحاشیـة علی کفایـة الاُصول ، البروجردی 1 : 436 .