ا‏لأمر ا‏لخامس‏: فی تحقیق ا‏لأصل فی ا‏لمسأ‏لـة

الأمر الخامس : فی تحقیق الأصل فی المسأ لـة

‏ ‏

‏لا أصل فی نفس المسأ لـة الاُصولیـة حتّیٰ یحرز بـه الاقتضاء أو عدمـه ؛‏‎ ‎‏لأنّـه لو کان النزاع فی دلالـة النهی وعدمها ، فلاشبهـة فی أنّـه لایکون لأحد‏‎ ‎‏الطرفین حالـة سابقـة متیقّنـة حتّیٰ تستصحب ، ضرورة أنّها مشکوکـة من حین‏‎ ‎‏الوضع .‏

ودعوی‏ : أنّ کلمـة «لا» مثلاً قبل الترکیب وانضمام اللاّم مع الألف ـ یعنی‏‎ ‎‏حین وضع المفردات ـ لم یکن یدلّ علی الفساد ؛ لعدم عروض الوضع الترکیبی‏‎ ‎‏علیـه ، فتستصحب تلک الحالـة .‏

مدفوعـة‏ : بأنّ النزاع فی لفظـة «لا» لا «اللاّ» مع الألف ، وهی من أوّل‏‎ ‎‏وضعها کانت مشکوکـة الدلالـة علی الفساد ، ولو کان النزاع فی الملازمـة بین‏

کتابمعتمد الاصول (ج. ۱): تقریر ابحاث روح‏ الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 214
‏الحرمـة والفساد وعدمها ، فلاشبهـة أیضاً فی أنّـه لایکون لها حالـة سابقـة‏‎ ‎‏متیقّنـة ، لا لأنّ الملازمـة وعدمها من الاُمور الأزلیـة ، فإنّ هذا فاسد ؛ لأنّ‏‎ ‎‏الملازمـة من الأوصاف الوجودیـة ، ولایعقل تحقّقها من دون تحقّق طرفیها ،‏‎ ‎‏وعروضها للمعدوم غیر معقول ، بل لکونها مشکوکةً من حین تحقّق النهی .‏

ودعویٰ‏ : کونها معدومةً ومنتفیةً قبلـه ولو بانتفاء الموضوع .‏

مدفوعـة‏ : بأنّ هذا لایصحّح جریان الاستصحاب ؛ لأنّـه من قبیل‏‎ ‎‏استصحاب عدم القرشیـة ، وقد حقّق فی محلّـه عدم جریانـه .‏

‏ثمّ إنّـه لو سلّمنا وجود الحالـة السابقـة ، فالظاهر أیضاً عدم جریان‏‎ ‎‏الاستصحاب ؛ لأنّـه یعتبر فی جریانـه فی الموضوعات أن تکون موضوعةً للآثار‏‎ ‎‏والأحکام الشرعیـة . وبعبارة اُخریٰ : مندرجةً تحت بعض الکبریات الشرعیة ،‏‎ ‎‏ومن المعلوم أنّـه لیس فی المقام کذلک ؛ لأنّ استصحاب عدم الدلالـة أو عدم‏‎ ‎‏الملازمـة لایثبت الصحّـة أصلاً ؛ لأنّ ترتّب الصحّـة إنّما هو بحکم العقل بعد‏‎ ‎‏ملاحظـة ثبوت المقتضی وعدم المانع ، کما هو الحال فی جمیع الموارد ، فإنّ‏‎ ‎‏الحاکم بترتّب المقتضی علی المقتضی بعد عدم ثبوت المانع إنّما هو العقل لا غیر .‏

‏هذا کلّـه فیما یتعلّق بجریان الأصل فی نفس المسألـة الاُصولیـة .‏

وأمّا المسألـة الفرعیـة‏ : فالأصل فی المعاملات الفساد لو لم یکن عموم أو‏‎ ‎‏إطلاق یقتضی الصحّـة ، وأمّا العبادة فلو اُحرز من طریق ثبوت الملاک فیها ،‏‎ ‎‏فالظاهر الصحّـة بناءً علی کفایـة الملاک فی صحّـة العبادة ، کما هو الحقّ ، وقد‏‎ ‎‏سبق ، ولو لم یحرز ذلک ، فالعبادة فاسدة ، والوجـه فیـه واضح .‏

ثمّ لایخفیٰ‏ : أنّـه لا فرق فیما ذکرنا بین تعلّق النهی بنفس العبادة مثلاً أو‏‎ ‎‏جزئها أو شرطها ؛ لأنّ محلّ الکلام إنّما هو کون تعلّق النهی بشیء عبادةً کان أو‏‎ ‎‏معاملـة یوجب فساد متعلّقـه من حیث هو أم لا ، وأمّا سرایـة الفساد منـه إلی‏

کتابمعتمد الاصول (ج. ۱): تقریر ابحاث روح‏ الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 215
‏مجموع العبادة فیما کان متعلّق النهی جزءَ العبادة وعدم السرایـة ، فهو أمر خارج‏‎ ‎‏عن موضوع البحث ، کما لایخفیٰ .‏

‏ومنـه یظهر أنّ الأمر الثامن الذی عقده فی الکفایـة لإثبات موارد السرایـة‏‎ ‎‏وعدمها‏‎[1]‎‏ خارج عن محلّ الکلام ، ولا ربط لـه أصلاً .‏

‎ ‎

کتابمعتمد الاصول (ج. ۱): تقریر ابحاث روح‏ الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 216

  • )) کفایـة الاُصول : 222 ـ 223 .