تنبیه‏: فی جعل ا‏لصحّـة وا‏لفساد

تنبیـه : فی جعل الصحّـة والفساد

‏ ‏

‏لاینبغی الإشکال فی أنّ الصحّـة والفساد أمران واقعیّان یستقلّ بهما العقل‏‎ ‎‏بلا فرق بین العبادات والمعاملات ، ولابین الإتیان بالمأمور بـه بالأمر الواقعی‏‎ ‎‏الأوّلی أو بالأمر الاضطراری والظاهری أصلاً ؛ لأنّهما وصفان للموجود الخارجی‏‎ ‎‏باعتبار موافقتـه مع المجعول الشرعی ، عبادةً کان أو معاملةً وعدمها ؛ إذ لایعقل‏‎ ‎‏الصحّـة والفساد فی وادی الجعل والإنشاء ، بل إنّما یتصوّران فی وادی الامتثال‏‎ ‎‏والإیجاد ، وهذا واضح ، ومن المعلوم أنّـه لا فرق من هذه الجهـة بین المعاملـة‏‎ ‎‏والعبادة أصلاً .‏

‏فما فی الکفایـة ، من التفصیل بینهما لا وجـه لـه ، وکذا التفصیل بین‏

کتابمعتمد الاصول (ج. ۱): تقریر ابحاث روح‏ الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 212
‏الصحّـة والفساد فی الإتیان بالمأمور بـه بالأمر الواقعی ، وبینهما فی الإتیان‏‎ ‎‏بالمأمور بـه بالأمر الظاهری أو الاضطراری بالقیاس إلی الأمر الواقعی بعدم‏‎ ‎‏معقولیـة الجعل فی الأوّل دون الثانی‏‎[1]‎‏ ممّا لا سبیل إلیـه ؛ فإنّـه یرد علیـه ـ‏‎ ‎‏مضافاً إلیٰ ما عرفت من أنّ مسألـة الصحّـة والفساد لا ربط لها بمسألـة الإجزاء‏‎ ‎‏وعدمـه ، فإنّهما إنّما یعتبران بالقیاس إلی نفس الأمر الظاهری والاضطراری ،‏‎ ‎‏وتلک المسألـة إنّما تکون متعرّضةً لحالـه من حیث الإجزاء وعدمـه بالنسبـة إلی‏‎ ‎‏أمر آخر ـ أنّ معنی الأمر الظاهری مثلاً لو کان راجعاً إلی التصرّف فی المأمور بـه‏‎ ‎‏بالأمر الواقعی سعةً وضیقاً بحیث کان مرجع تجویز الصلاة مع الطهارة‏‎ ‎‏المستصحبـة مثلاً إلی التصرّف فی دلیل اعتبار الطهارة فی الصلاة بعدم کون‏‎ ‎‏المعتبر فیها هو خصوص الطهارة الواقعیـة بل الأعمّ منها ومن الطهارة الظاهریـة ،‏‎ ‎‏فلایعقل جعل الصحّـة للمأتی بـه فی الخارج مع الطهارة المستصحبـة مثلاً ؛ لأنّ‏‎ ‎‏موافقتـه مع المجعول الشرعی أمر واقعی نفس الأمری ، ولایعقل فیـه الجعل ولو‏‎ ‎‏لم یکن معنی الأمر الظاهری راجعاً إلیٰ ما ذکرنا ، بل المراد منـه مجرّد تجویز‏‎ ‎‏الصلاة معها مثلاً تسهیلاً للعباد بعدم لزوم التفحّص ، أو تحصیل الطهارة الیقینیـة ما‏‎ ‎‏دام لم ینکشف الخلاف ، فلایعقل جعل الصحّـة إذا انکشف بعد عدم عمومیـة‏‎ ‎‏الطهارة المعتبرة فی الصلاة وکون الشرط هو خصوص الطهارة الواقعیـة لفساد‏‎ ‎‏العبادة واقعاً ؛ لعدم کونها موافقةً للمجعول الشرعی ، کما هو واضح .‏

‏فالحق أنّ الصحّـة والفساد مطلقاً من الاُمور الواقعیّـة الغیر القابلـة للجعل ،‏‎ ‎‏ولا فرق بین الموارد أصلاً ، فتأمّل جیّداً .‏

‎ ‎

کتابمعتمد الاصول (ج. ۱): تقریر ابحاث روح‏ الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 213

  • )) کفایـة الاُصول : 220 ـ 221 .