ا‏لأمر ا‏لثا‏لث‏: لزوم اجتماع ا‏لصلاح وا‏لفساد

الأمر الثالث : لزوم اجتماع الصلاح والفساد

‏ ‏

‏وأمّا لزوم اجتماع الصلاح والفساد فی شیء واحد ، فیدفعـه أنّ الصلاح‏‎ ‎‏والفساد لیسا من الاُمور الحقیقیّـة القائمـة بالفعل بحیث یتحقّقان بتحقّقـه ، بل إنّما‏‎ ‎‏هما نظیر الحسن والقبح المتّصف بهما الأشیاء ، ومن المعلوم أنّـه لاریب فی‏‎ ‎‏إمکان اتّصاف شیء بالحسن لأجل انطباق عنوان حسن علیـه ، وبالقبح أیضاً‏‎ ‎‏لأجل انطباق عنوان قبیح علیـه ، فکذا فی المقام نقول بأنّـه لابأس أن یتّصف شیء‏

کتابمعتمد الاصول (ج. ۱): تقریر ابحاث روح‏ الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 196
‏واحد بکونـه ذا صلاح وفساد معاً لأجل انطباق عنوانین علیـه : أحدهما ذا‏‎ ‎‏مصلحـة ، والآخر ذا مفسدة .‏

‏وبالجملـة ، فاتّصاف الشیء بکونـه ذا مصلحـة إنّما هو لکونـه مصداقاً‏‎ ‎‏للعنوان الذی یکون کذلک ، وکذا اتّصافـه بکونـه ذا مفسدة ، فإذا جاز أن یکون‏‎ ‎‏شیء واحد مصداقاً لعنوانین متغایرین ـ کما هو المفروض ـ فلِمَ لایجوز أن یتّصف‏‎ ‎‏بالصلاح والفساد معاً لأجل کونـه مصداقاً لهما ؟ فهل یشکّ العقل فی صلاح حفظ‏‎ ‎‏ولد المولیٰ مثلاً من الهلکـة فی دار الغیر ؟ من حیث إنّـه حفظ لـه وفی فساده من‏‎ ‎‏حیث التصرّف فی مال الغیر ، ولایجوز المدح من الحیثیّـة الاُولیٰ ، والذمّ من‏‎ ‎‏الحیثیّـة الثانیـة .‏

ومن هنا تظهر المناقشـة فیما ذکرناه سابقاً‏ : من عدم ترتّب صحّـة الصلاة فی‏‎ ‎‏الدار المغصوبـة علی القول بجواز الاجتماع ؛ لاستحالـة أن یکون المبعّد مقرّباً .‏

‏بیانها : أنّ معنی البعد والقرب لیس هو البُعْد والقرب المکانی حتّیٰ یستحیل‏‎ ‎‏أن یکون المقرّب مبعّداً أو بالعکس ، بل معناهما هو القرب والبُعْد بحسب المکانـة‏‎ ‎‏والمنزلـة ، ومن المعلوم أنّ تحصیل المنزلـة والقرب بساحـة المولیٰ بسبب‏‎ ‎‏الإطاعـة إنّما هو لکون الفعل الخارجی مصداقاً للعنوان الذی یکون متعلّقاً لأمر‏‎ ‎‏المولیٰ ، کما أنّ حصول البُعْد عن ساحتـه إنّما هو للإتیان بالفعل الذی یکون‏‎ ‎‏مصداقاً للعنوان المزجور عنـه ، وحینئذٍ فأیّ مانع یلزم من أن یکون فعل واحد‏‎ ‎‏مقرّباً للعبد من حیث مصداقیّتـه للمأمور بـه ، ومبعّداً لـه أیضاً من حیث تحقّق‏‎ ‎‏العنوان المزجور عنـه بـه ، وحینئذٍ فلایتمّ ما اشتهر فی ألسن المتأخّرین من أنّ‏‎ ‎‏المبعّد لایمکن أن یکون مقرّباً .‏

‎ ‎

کتابمعتمد الاصول (ج. ۱): تقریر ابحاث روح‏ الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 197