الأمر الخامس : حول اعتبار وجود المناطین فی المجتمع
ذکر فی الکفایـة ما حاصلـه : أنّـه لایکاد یکون من باب الاجتماع إلاّ إذا کان فی کلّ واحد من متعلّقی الحکمین مناط حکمـه مطلقاً حتّیٰ فی مورد
کتابمعتمد الاصول (ج. ۱): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 172
التصادق والاجتماع ، وأمّا إذا لم یکن لهما مناط حکمـه کذلک ، فلایکون من هذا الباب . انتهیٰ موضع الحاجـة .
أقول : إن کان مراده من ذلک أنّ مورد النزاع فی المقام هو ما کان متعلّقا الحکمین ذا مناط مطلقاً حتّیٰ فی مورد الاجتماع بحیث کان مرجعـه إلیٰ تقیید فی عنوان النزاع ، فلایخفیٰ أنّـه لا ارتباط لذلک بما هو المهم فی مقصود البحث ومورد النزاع ؛ لما عرفت فی وجـه عدم تقیید النزاع بقید المندوحـة من أنّ المهم فی هذا المقام جواز الاجتماع واستحالتـه من هذه الحیثیّـة أی حیثیـة الاجتماع .
ویؤیّد کون مراده ذلک اختلاف التعبیر فی هذا المقام وفی مسأ لـة المندوحـة حیث إنّـه عبّر هنا بأنّـه لایکاد یکون من باب الاجتماع ، فإنّ ظاهره تطبیق عنوان النزاع علی الموارد الخارجیـة ، کما لایخفیٰ .
وإن کان مراده من ذلک بیان الفارق بین المقام الذی هو من قبیل التزاحم وبین باب التعارض ، ودفع توهّم التناقض بین الکلمات حیث إنّهم ذکروا فی باب التعارض أنّ من أقسامـه التعارض بالعموم والخصوص من وجـه ولم یذکروا فی وجـه العلاج فی ذلک المقام أنّ من جملـة وجوهـه الجمع بنحو یقولـه القائل بالاجتماع فی ذلک المقام ، بل ذکروا أنّ علاجـه الأخذ بالأظهر إن کان ، وإلاّ التوقّف ، أو الرجوع إلی المرجّحات السندیـة علی الخلاف ، وبیان الدفع علیٰ ما یظهر منـه أنّ مسأ لتنا هذه مبنیّ علی إحراز المناط فی مورد الاجتماع بالنسبـة إلی الحکمین ، بخلاف باب التعارض ، فإنّـه مبنی علیٰ وحدة الملاک والمناط فی الواقع ، ولکن لایعلم أنّ الملاک الموجود هَل هو ملاک الأمر أو النهی ، فإن کان مراده ـ أی صاحب الکفایـة ـ دفع هذا التوهّم ، فیرد علیـه : منع کون باب
کتابمعتمد الاصول (ج. ۱): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 173
التعارض مبنیّاً علی إحراز وحدة الملاک والمناط ، فإنّ التعارض والاختلاف موضوع عرفی وقع فی الروایات الواردة فی علاج المتعارضین المستدلّ بها فی ذلک الباب ، فکلّ ما صدق علیـه هذا العنوان بنظر العرف یترتّب علیـه أحکامـه المذکورة فی تلک الروایات ، سواء کان المناطان موجودین فی مورد الاجتماع أم لا ، فإنّـه لا ارتباط لـه بباب المناط أصلاً .
وبالجملـة ، فباب التعارض من الأبواب العرفیـة التی لا مجال للعقل ولا طریق لـه إلیـه أصلاً ، فکلّ مورد حکم العرف بصدق هذا الموضوع یترتّب علیـه أحکامـه ، بخلاف مسأ لتنا هذه ، فإنّها مسأ لـة عقلیـة محضـة لا طریق للعرف إلیها أصلاً .
نعم فی تطبیق هذه المسأ لـة علی الموارد الخارجیـة نحتاج إلی إحراز المناطین فی مورد الاجتماع ، بخلاف باب التعارض ، فإنّـه غیر مرتبط بباب المناط أصلاً ، بل لابدّ من الرجوع إلی العرف فی تشخیص الموضوع .
وبالجملـة ، فالفرق بین المقام وبین باب التعارض بهذا الوجـه الذی ذکره فی الکفایـة ممّا لم یعرف لـه وجـه أصلاً .
کتابمعتمد الاصول (ج. ۱): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 174