الأمر الأوّل : فی إمکان بقاء الجواز
فنقول : أمّا الکلام فی الإرادة الحتمیـة فقد یقال بإمکان بقاء أصلها بعد نسخها بتلک المرتبـة القویّـة ، نظراً إلی أنّ الإرادة وإن کانت من البسائط إلاّ أنّ صدقها علی أفرادها إنّما هو علی سبیل التشکیک ، کما یظهر بمراجعـة الوجدان ، فإنّ الإنسان قد یرید شیئاً بحیث لایمکن ردعـه عنها ، وقد یرید شیئاً ولکنّـه یمکن أن ینصرف عنها لتحقّق بعض الموانع ، وحینئذٍ فإذا نسخت بتلک المرتبـة القویّـة ،
کتابمعتمد الاصول (ج. ۱): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 149
فلا مانع من بقائها ولو فی ضمن المرتبـة الضعیفـة .
هذا ، ولکن لایخفیٰ أنّ معنی البساطـة هو عدم کون تلک الحقیقـة البسیطـة مرکّبةً من شیء مشترک بین أفرادها بحیث کانت التفاوت الموجود بینها خارجاً عن الحقیقـة ، بل کانت تفاوت أفراد الطبیعـة من حیث القوّة والضعف ونظائرهما بحیث یکون ما بـه الاختلاف عین ما بـه الاشتراک ، وحینئذٍ فکیف یعقل ارتفاع بعض الأفراد وبقاء شیء منـه ؟ ! وهل یتوهّم أحد أ نّـه لو ارتفع الوجوب من الواجب الوجود یبقی أصل الوجود حتّیٰ یمکن أن یصیر مادیّاً ؟
وبالجملـة ، فمن الواضح عدم إمکان البقاء فی مثل البسائط .
هذا فی الإرادة ، وأمّا الوجوب فکذلک أیضاً ، فإنّـه مع بساطتـه ـ کما اعترف بـه القائل ـ کیف یمکن بقاء شیء منـه ، کما هو واضح .
فالتحقیق أنّـه لایمکن البقاء ثبوتاً حتّیٰ یبحث فی مقام الإثبات .
کتابمعتمد الاصول (ج. ۱): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 150