الاستدلال علی الاقتضاء فی الضدّ الخاصّ من طریق التلازم
ویظهر من بعضهم الاستدلال لـه بلزوم توافق حکمی المتلازمین ، وهذا أیضاً یبتنی علیٰ ثلاث مقدّمات : الاُولیٰ : ثبوت التلازم بین الشیء وترک ضدّه ، الثانیـة : لزوم اتّحاد المتلازمین من حیث الحکم ، الثالثـة : اقتضاء الأمر بالشیء للنّهی عن ضدّه العامّ بمعنی النقیض .
أمّا المقدّمـة الاُولیٰ : فلأنّ الشیء لایمکن أن یصدق علیـه ضدّه ، وإلاّ یلزم اجتماع المتضادّین الممتنع بالبدیهـة ، فالواجب أن یصدق علیـه نقیض الضدّ ، وإلاّ یلزم ارتفاع النقیضین ، فالبیاض مثلاً لایمکن أن یصدق علیـه السواد ؛ للزوم
کتابمعتمد الاصول (ج. ۱): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 122
اجتماع الضدّین ، فیجب أن یصدق علیـه اللاّسواد ، وإلاّ یلزم ارتفاع النقیضین .
وأمّا المقدّمـة الثانیـة : فلأنّـه لو کان أحد المتلازمین واجباً ، فالآخر لابدّ إمّا أن یکون واجباً فهو المطلوب ، وإمّا أن یکون جائزاً ترکـه بالجواز بالمعنی الأعمّ من الأحکام الأربعـة الاُخر ، فاللازم جواز ترکـه المستلزم لجواز ترک الواجب لفرض التلازم ، فیخرج الواجب عن کونـه واجباً ، ومن المعلوم أیضاً أنّـه یستحیل خلوّ الواقعـة عن حکم من الأحکام الخمسـة .
وأمّا المقدّمـة الثالثـة : فقد عرفت إثباتها سابقاً ، فراجع .
هذا ، ولکن لایخفیٰ بطلان جمیع المقدّمات الثلاثـة .
أمّا بطلان الاُولیٰ : فلأنّ نقیض صدق السواد علی البیاض الممتنع بدیهـة لیس هو صدق اللاّسواد علیـه بل نقیضـه عدم صدق السواد علیـه علیٰ نحو السالبـة المحصّلـة ، وذلک لأنّـه لو کان نقیضـه هو صدق اللاّسواد علیـه علیٰ نحو الموجبـة المعدولـة ، یلزم ارتفاع النقیضین ؛ لکذب القضیّتین معاً .
أمّا کذب قضیّـة : «البیاض سواد» فواضح .
وأمّا کذب قضیّـة : «البیاض لا سواد» فلما عرفت من أنّ العدم لیس بشیء حتّیٰ یمکن أن یحمل علیٰ شیء أو یحمل علیـه شیء ، وقد عرفت أنّ جمیع القضایا التی یکون العدم فیها موضوعاً أو محمولاً لابدّ أن ترجع إلی السالبـة المحصّلـة ، کما هو واضح .
وأمّا بطلان الثانیـة : فلأنّ کون الترک والعدم واقعـة حتّیٰ یستحیل خلوّه عن حکم من الأحکام الخمسـة ، ممنوع ؛ فإنّـه لیس بشیء حتّیٰ یکون فعلاً للمکلّف ویتعلّق الحکم بـه .
هذا ، مضافاً إلی أنّ استحالـة خلوّ الوقائع عن الحکم ممنوعـة ؛ فإنّ هذا لو
کتابمعتمد الاصول (ج. ۱): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 123
سلّم فإنّما هو بحسب الحکم الواقعی لا الفعلی ، مع إمکان أن یقال بعدم استحالـة خلوّها عن الحکم بحسب الواقع أیضاً ؛ فإنّ الإباحـة التی منشأها عدم تعلّق حکم شرعی بـه بمعنی أنّ جواز فعلـه لعدم تعلّق النهی التحریمی ولا التنزیهی بـه وجواز ترکـه ؛ لعدم تعلّق الأمر الوجوبی ولا الاستحبابی بـه أیضاً فی الحقیقـة لیست بحکم .
نعم الإباحـة التی منشأها خلوّ الفعل عن المصلحـة والمفسدة أو تساویهما الراجعـة إلی جعل الشارع إیّاها لذلک ، حکم من الأحکام الخمسـة ، بخلاف الإباحـة بالمعنی الأوّل ، کما لایخفیٰ .
وأمّا بطلان الثالثـة : فقد عرفت تفصیلـه ، وأنّ الأمر بالشیء لایقتضی النهی عن نقیضـه ، لابنحو العینیـة ، ولا علیٰ طریق الجزئیـة ، ولا علیٰ سبیل اللزوم ، فتأمّل جیّداً .
کتابمعتمد الاصول (ج. ۱): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 124