ما أفاده ا‏لمحقّق ا‏لقوچانی فی ا‏لمقام

ما أفاده المحقّق القوچانی فی المقام

‏ ‏

‏والمستفاد ممّا ذکره بعض الأعاظم من تلامذتـه (هو الشیخ علی‏‎ ‎‏القوچانی ‏‏قدس سره‏‏) فی حاشیتـه علی الکفایـة فی شرح مراد العبارة : أنّ مقصوده من‏‎ ‎‏هذه العبارة أیضاً إثبات کون الشیء وترک ضدّه فی مرتبـة واحدة حیث قال ما‏‎ ‎‏ملخّصـه : إنّـه لا إشکال فی أنّ بین کلّ متقابلین من أقسام التقابل اتّحاد وتکافؤ فی‏‎ ‎‏المرتبـة ، أمّا المتناقضین : فلأنّ النقیض للوجود هو العدم البدلی الکائن فی رتبتـه‏‎ ‎‏لولاه الغیر المجتمع معـه لا السابقی ولا اللاّحقی المجتمع معـه فی دار التحقّق ،‏

کتابمعتمد الاصول (ج. ۱): تقریر ابحاث روح‏ الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 115
‏فالنقیض لوجود زید هو عدمـه فی مدّة وجوده الکائن مقامـه لولاه ، وإلاّ فالعدم‏‎ ‎‏قبل وجوده أو بعد وجوده لیس نقیضاً لـه مع اجتماعـه مع وجوده فی دار التحقّق .‏

‏وهکذا فی السابق واللاّحق بحسب الرتبـة ، فإنّ النقیض للمعلول هو‏‎ ‎‏عدمـه فی رتبـة وجوده ، لا العدم فی رتبـة العلّـة المجامع معـه فی التحقّق ، وإلاّ‏‎ ‎‏لزم ارتفاع النقیضین فی مرتبـة سلب أحدهما مقدّمـة للآخر ، ولما کان الوجود‏‎ ‎‏عین الرفع لعدمـه النقیض ، کما لایخفیٰ ، ولما کان متنافیاً معـه فی التحقّق ذاتاً .‏

‏وهکذا الکلام فی المتضادّین ، فإنّ المضادّة إنّما هو بین الوجودین فی رتبـة‏‎ ‎‏واحدة ، فالضدّ للوجود هو الوجود البدلی الثابت فی رتبتـه لولاه ، فإذا ثبت ذلک‏‎ ‎‏فی المتناقضین والمتضادّین یثبت اتّحاد الرتبـة فی المقام ، فإنّـه إذا کان نقیض‏‎ ‎‏أحد الضدّین فی رتبـة وجوده الذی هو فی رتبـة وجود الضدّ الآخر ، فاللاّزم‏‎ ‎‏کونـه فی رتبـة وجود الضدّ الآخر ، وهو المطلوب‏‎[1]‎‏ . انتهیٰ ملخّص کلامـه ‏‏قدس سره‏‏ .‏

‏ولکن لایخفیٰ بطلان جمیع المقدّمات الثلاثـة .‏

أمّا ما ذکره فی المتناقضین‏ : فلأنّ النقیض للوجود فی زمان مخصوص لیس‏‎ ‎‏عدمـه فی ذلک الزمان بأن یکون الظرف قیداً للعدم والرفع حتّیٰ یوجب ذلک کون‏‎ ‎‏العدم مقیّداً بذلک الوقت ، فیکون فی مرتبـة الوجود فیـه ، بل نقیض الوجود فی‏‎ ‎‏زمان مخصوص هو عدم هذا المقیّد علی أن یکون القید قیداً للمرفوع لا للرفع ،‏‎ ‎‏کیف ومعنیٰ تقیید العدم یرجع إلی الموجبـة المعدولـة ، فتصیر القضیـة کاذبةً ، فإنّ‏‎ ‎‏قولنا : لیس الوجود المقیّد بهذا الزمان متحقّقاً ، قضیّـة صادقـة ، بخلاف قولنا :‏‎ ‎‏الوجود فی هذا الزمان لیس فی هذا الزمان ، علی أن یکون الظرف قیداً للسلب‏‎ ‎‏الراجع إلیٰ حمل السلب المقیّد علی الوجود کذلک ، کما هو واضح ، فلابدّ من أن‏

کتابمعتمد الاصول (ج. ۱): تقریر ابحاث روح‏ الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 116
‏یکون علیٰ نحو السالبـة المحصّلـة ، ومعـه لایثبت اتّحاد الرتبـة أصلاً ، کما‏‎ ‎‏لایخفیٰ .‏

وأمّا ما ذکره فی المتضادّین‏ : فکون التضادّ بین الوجودین فی زمان واحد‏‎ ‎‏فی محلّ واحد مسلّم ، ولکن لایثبت بذلک اتّحاد رتبتهما ، کیف والحکم باتّحاد‏‎ ‎‏الرتبـة وعدمـه من الأحکام العقلیـة المتوقّفـة علی إحراز ملاک التقدّم‏‎ ‎‏وصاحبیـه ، ومجرّد التقارن فی الخارج لایقتضی اتّحاد رتبتهما بحسب العقل ،‏‎ ‎‏کیف والمعلول مقارن لوجود العلّـة فی الخارج مع اختلافهما بحسب الرتبـة ، کما‏‎ ‎‏هو واضح .‏

‏وبالجملـة ، فالتقدّم والتأخّر والتقارن بحسب الخارج لا ربط لشیء منها‏‎ ‎‏بالرتب العقلیـة أصلاً .‏

‏ثمّ إنّـه لو سلّم اتّحاد رتبـة المتناقضین والمتضادّین فذلک لایستلزم اتّحاد‏‎ ‎‏رتبـة نقیض الشیء مع الضدّ بقیاس المساواة ، فإنّـه فیما إذا کان الملاک فی الثالث‏‎ ‎‏موجوداً ، وقد عرفت أنّ حکم العقل باتّحاد الرتبـة متوقّف علی إحراز ملاکـه ،‏‎ ‎‏ککونهما معلولین لعلّـة واحدة مثلاً ، أمّا مجرّد کون نقیض الشیء متّحداً معـه فی‏‎ ‎‏الرتبـة وهو مع ضدّه أیضاً کذلک ، فلایستلزم کون النقیض مع الضدّ الآخر متّحداً‏‎ ‎‏فی الرتبـة مع عدم ملاک لـه ، کما لایخفیٰ .‏

‏فانقدح من جمیع ما ذکرنا أنّـه لم یقم دلیل تامّ علی اتّحاد رتبـة الضدّ مع‏‎ ‎‏نقیض ضدّه الآخر ، ولنا أن نقول : بقیام الدلیل علی العدم ؛ لأنّ العدم لیس بشیء‏‎ ‎‏حتّیٰ یحکم علیـه بحکم إیجابی ، وهو اتّحاد رتبتـه مع الوجود ، کما أنّـه لیس فی‏‎ ‎‏رتبـة متقدّمـة ولا متأخّرة ، لأنّ کلّ ذلک من الأحکام الایجابیـة المبتنیـة علیٰ‏‎ ‎‏ثبوت الموضوع لقاعدة الفرعیـة المسلّمـة عند العقل والعقلاء ، فعدم الضدّ‏‎ ‎‏لایکون متأخّراً عن الضدّ ولا متقدّماً علیـه ولا مقارناً معـه .‏


کتابمعتمد الاصول (ج. ۱): تقریر ابحاث روح‏ الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 117
‏ولایخفیٰ أنّ حکمنا بنفی التأخّر وقسیمیـه إنّما هو علیٰ نحو السالبـة‏‎ ‎‏المحصّلـة الصادقـة مع انتفاء الموضوع ، کقولنا : شریک الباری ممتنع ، ونظائره ،‏‎ ‎‏وإلیٰ هذه ـ أی القضیـة السالبـة المحصّلـة ـ یرجع کلّ ما ورد فی الکتب العقلیـة‏‎ ‎‏ممّا یوهم بظاهره أنّ العدم لـه تقرّر ، ویکون من الاُمور النفس الأمریـة ، مثل‏‎ ‎‏قولهم : عدم العلّـة علّـة للعدم ، وکذا عدم المانع مصحّح لفاعلیـة الفاعل ، أو‏‎ ‎‏قابلیـة القابل ، وأشباههما ، فإنّـه لاینبغی الاغترار بظاهر هذه الجملات بعد کون‏‎ ‎‏الأمر فی محلّـه واضحاً ضروریّاً ، فإنّ التعبیر بأمثال هذه العبارات إنّما وقع علیٰ‏‎ ‎‏سبیل المسامحـة قیاساً إلی الوجود وتشبیهاً بـه ، والغرض منـه تسهیل الأمر علی‏‎ ‎‏المتعلّمین اتّکالاً علیٰ ما أوضحوه فی محلّـه ، کما لایخفیٰ .‏

‏وبالجملـة ، فالعدم لیس لـه تقرّر وواقعیّـة حتّیٰ یؤثّر فی شیء أو یتأثّر من‏‎ ‎‏شیء ، ومعـه فلایبقیٰ مجال للنزاع فی مقدّمیـة عدم الضدّ لوجود الضدّ الآخر‏‎ ‎‏وعدمها أصلاً ، کما لایخفیٰ .‏

‏ ‏

‎ ‎

کتابمعتمد الاصول (ج. ۱): تقریر ابحاث روح‏ الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 118

  • )) حاشیـة کفایـة الاُصول ، القوچانی : 112 .