ا‏لقول فی أدلّـة ا‏لقائلین با‏لملازمـة

القول فی أدلّـة القائلین بالملازمـة

‏ ‏

‏ذکر فی الکفایـة ـ بعد الاعتراض علی الأفاضل المتصدّین لإقامـة البرهان‏‎ ‎‏علی الملازمـة بأنّـه ما أتیٰ منهم بواحد خالٍ عن الخلل ـ أنّ الأولی إحالـة ذلک‏‎ ‎‏إلی الوجدان حیث إنّـه أقویٰ شاهد علی أنّ الإنسان إذا أراد شیئاً لـه مقدّمات أراد‏‎ ‎‏تلک المقدّمات لو التفت إلیها بحیث ربّما یجعلها فی قالب الطلب مثلـه ، ویقول‏‎ ‎‏مولویّاً : ادخل السوق واشتر اللحم ، مثلاً ، بداهـة أنّ الطلب المنشأ بخطاب‏‎ ‎‏«ادخل» مثل المنشأ بخطاب «اشتر» فی کونـه بعثاً مولویّاً ، وأنّـه حیث تعلّقت‏‎ ‎‏إرادتـه بإیجاد عبده الاشتراء ترشّحت منها إرادة اُخریٰ بدخول السوق بعد‏‎ ‎‏الالتفات إلیـه ، وأنّـه یکون مقدّمـة لـه ، کما لایخفیٰ‏‎[1]‎‏ . انتهیٰ موضع الحاجـة .‏

‏واستدلّ فی التقریرات علی الملازمـة بأنّ الإرادة التشریعیـة تابعـة للإرادة‏‎ ‎‏التکوینیّـة إمکاناً وامتناعاً ووجوداً وعدماً ، فکلّ ما أمکن تعلّق الإرادة التکوینیـة‏

کتابمعتمد الاصول (ج. ۱): تقریر ابحاث روح‏ الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 103
‏بـه أمکن تعلّق التشریعیـة بـه ، وکلّ ما استحال تعلّق الاُولی استحال أن یکون‏‎ ‎‏متعلّقاً للتشریعیـة ، وهکذا کلّ ما یکون مورداً للإرادة التکوینیـة عند تحقّقـه من‏‎ ‎‏نفس المرید یکون مورداً للتشریعیـة عند صدوره من غیر المرید ، ومن الواضح أنّ‏‎ ‎‏المرید لفعل بإرادة تکوینیّـة تتعلّق إرادتـه أیضاً بالتبع بإیجاد مقدّماتـه وإن کان‏‎ ‎‏غافلاً عن مقدّمیتها لذلک الفعل ، ولازم ذلک بمقتضی التبعیّـة المتقدّمـة أن یکون‏‎ ‎‏تعلّق الإرادة التشریعیـة من الآمر بفعل مستلزماً لتعلّق الإرادة التشریعیّـة التبعیّـة‏‎ ‎‏بمقدّمات ذلک الفعل‏‎[2]‎‏ . انتهیٰ موضع الحاجـة .‏

أقول‏ : لایخفیٰ أنّ قیاس الإرادة التشریعیـة بالإرادة التکوینیـة فی غیر‏‎ ‎‏محلّـه ، فإنّـه إذا أراد الشخص الإتیان بفعل بنفسـه ، فلا محالـة تتعلّق إرادة اُخریٰ‏‎ ‎‏بإتیان المقدّمات ؛ لأنّ المفروض استحالـة الإتیان بـه بدونها ، وهو إنّما یرید أن‏‎ ‎‏یأتی بـه بنفسـه ولا محالـة یرید المقدّمات ، لا نقول بأنّ إرادتـه للمقدّمات‏‎ ‎‏معلولـة لإرادة ذلک الفعل مترشّحـة عنها صادرة عنها قهراً ، فإنّ ذلک باطل ، کما مرّ‏‎ ‎‏مراراً ، بل نقول : کما تتوقّف إرادة الفعل علیٰ مبادئها ، کذلک تتوقّف إرادة مقدّماتـه‏‎ ‎‏علیٰ سنخ مبادئ إرادة الفعل ، غایـة الأمر أنّ محبوبیّـة الفعل وتعلّق الاشتیاق‏‎ ‎‏إلیـه إنّما هو لنفسـه ، ومحبوبیّـة المقدّمات إنّما هو للوصول إلیـه .‏

‏هذا فی الإرادة التکوینیـة .‏

وأمّا الإرادة التشریعیـة‏ : فحیث إنّ المطلوب فیها صدور المراد من الغیر ،‏‎ ‎‏فلا استحالـة فی عدم تعلّق الإرادة بالمقدّمات ، وامتناع تحقّقـه بدونها إنّما یوجب‏‎ ‎‏أن تتعلّق إرادة الأمر بها أیضاً ، فلایلزم بل لا وجـه لـه أصلاً ؛ لأنّک عرفت عدم‏‎ ‎‏الفرق بین إرادة الفعل وإرادة المقدّمات فی توقّف کلٍّ منهما علیٰ مبادئها ، ومن‏

کتابمعتمد الاصول (ج. ۱): تقریر ابحاث روح‏ الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 104
‏المعلوم عدم تحقّق المبادئ بالنسبـة إلی المقدّمات فی الإرادة التشریعیّـة ، فإنّ‏‎ ‎‏من جملتها التصدیق بفائدتها ، والحال أنّـه لا فائدة لها بالنسبـة إلی الأمر حتّیٰ‏‎ ‎‏یرید صدورها من الغیر ، فإنّ المأمور إذا أراد الامتثال فلا محالـة یأتی بالمقدّمات‏‎ ‎‏وإن لم تکن مورداً لإرادة الآمر ، وإذا لم یکن قاصداً لامتثال الأمر بالفعل فتعلّق‏‎ ‎‏الإرادة بالمقدّمات لغو غیر مؤثّر .‏

‏نعم لو قلنا بترشّح إرادتها من إرادتـه بحیث لا تتوقّف إرادة المقدّمات علیٰ‏‎ ‎‏مبادٍ أصلاً ، لکان لما ذکر وجـه ؛ لأنّ العلّـة یترتّب علیها المعلول قهراً إلاّ أنّک‏‎ ‎‏عرفت أنّ هذا الکلام بمکان من البطلان ، کما لایخفیٰ .‏

‏ثمّ إنّـه استدلّ أبو الحسن البصری‏‎[3]‎‏ لثبوت الملازمـة بما یرد علیـه ـ‏‎ ‎‏مضافاً إلی النقض بالمتلازمین فی الوجود إذا وجب أحدهما دون الآخر ـ ما أورد‏‎ ‎‏علیـه فی الکفایـة‏‎[4]‎‏ ، فراجعها .‏

‏ ‏

‎ ‎

کتابمعتمد الاصول (ج. ۱): تقریر ابحاث روح‏ الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 105

  • )) نفس المصدر : 156 ـ 157 .
  • )) بدائع الأفکار (تقریرات المحقّق العراقی) الآملی 1 : 399 / السطر 13 .
  • )) المعتمد : 95 ، راجع مناهج الوصول 1 : 413 ، الهامش 4 .
  • )) کفایـة الاُصول : 157 ـ 158 .