ا‏لتنبیه ا‏لأوّل‏: فی کیفیة ا‏لثواب وا‏لعقاب ا‏لاُخروی

التنبیـه الأوّل : فی کیفیّـة الثواب والعقاب الاُخروی

‏ ‏

‏بقی فی المقام شیء ، وهو : أنّـه هل یترتّب العقاب والثواب علیٰ فعل‏‎ ‎‏الواجب الغیری وترکـه بعد الفراغ عن استحقاق الثواب والعقاب علیٰ فعل‏‎ ‎‏الواجب النفسی وترکـه ؟ وإلاّ فالأمرفیـه أیضاً مورد إشکال ، وینبغیبیان الحال‏‎ ‎‏فیـه علی نحوالاختصار .‏

فنقول‏ : لو کان الثواب عبارةً عن الصور البهیّـة التی تتمثّل الأعمال‏‎ ‎‏الحسنـة بتلک الصور ، وتصیر النفس بها مستعدّةً للکمالات ، والعقاب عبارة عن‏‎ ‎‏الصور الموحشـة التی تتمثّل الأعمال القبیحـة بتلک الصور الملازمـة للنفس‏‎ ‎‏المبتلیٰ بها ویکون لها مدخلیـة فی انحطاط النفس ونقصانها ، کما یقول بـه‏‎ ‎‏الأعاظم من الفلاسفـة‏‎[1]‎‏ ، فلا إشکال فی أنّهما من لوازم العمل بحیث یمتنع‏‎ ‎‏الانفکاک عنـه ؛ لأنّهما من الآثار الوضعیـة للأعمال الحسنـة والقبیحـة ، ولایعقل‏‎ ‎‏الانفکاک بینهما وبین تلک الصور ، وحینئذٍ فلایصحّ التعبیر بالاستحقاق بعدما عرفت‏‎ ‎‏من استحالـة الانفکاک ، کما لایخفیٰ لو کان الثواب عبارة عمّا تدلّ علیـه ظواهر‏

کتابمعتمد الاصول (ج. ۱): تقریر ابحاث روح‏ الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 67
‏الآیات والأخبار ، ولکن قلنا بکونـه جعلیاً بمعنیٰ أنّـه قد جعل للعمل الفلانی‏‎ ‎‏مقدار مخصوص من الأجر والثواب ، وللعمل الآخر مقدار کذلک من العقوبـة ، فلا‏‎ ‎‏إشکال فی صحّـة التعبیر بالاستحقاق ، ولکنّـه لایخفیٰ أنّ ذلک إنّما هو بالمقدار‏‎ ‎‏الذی دلّ الدلیل علیـه وقامت الحجّـة من قِبَل المولیٰ علیٰ ذلک المقدار ، کما‏‎ ‎‏لایخفیٰ .‏

‏وأمّا لو لم نقل بجعلیـة الثواب والعقاب ، فلا وجـه للقول بالاستحقاق أصلاً ،‏‎ ‎‏فإنّـه کیف یمکن أن یستحقّ العبد ـ الذی یکون مملوکاً لمولاه بجمیع جهاتـه‏‎ ‎‏خصوصاً إذا أعطاه من النعم الظاهریـة والباطنیـة ما لایحصیٰ ـ علیٰ مولاه شیئاً‏‎ ‎‏فی مقابل عملـه القلیل الذی لایقابل بعض تلک النعم فضلاً عن جمیعها ، کما هو‏‎ ‎‏واضح لایخفیٰ .‏

‏هذا کلّـه فی الواجبات النفسیـة .‏

‎ ‎

کتابمعتمد الاصول (ج. ۱): تقریر ابحاث روح‏ الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 68

  • )) مجموعـة مصنّفات شیخ الإشراق 2 : 229 ـ 235 ، الحکمـة المتعالیـة 9 : 4 ـ 5 و293 ـ 296 .