فی توقّف فعلیة ا‏لوجوب علی شرطـه

فی توقّف فعلیّـة الوجوب علی شرطـه

‏ ‏

‏ثمّ إنّـه یقع الکلام بعد هذا فی أنّـه هل یکون الواجب المشروط متعلّقاً‏‎ ‎‏للإرادة عند حصول شرطـه بمعنی أنّـه لا إرادة قبل تحقّقـه ، أو أنّ الإرادة تتعلّق بـه‏‎ ‎‏فعلاً ولکن علیٰ تقدیر حصول أمر خاص ؟ ویکون الفرق حینئذٍ بینـه وبین الواجب‏‎ ‎‏المعلّق هو أنّ الوجوب المطلق یتعلّق بأمر خاص فی الواجب المعلّق ، والوجوب‏‎ ‎‏الخاصّ یتعلّق بأمر مطلق فی الواجب المشروط .‏

‏ربّما ینسب إلی المشهور الأوّل‏‎[1]‎‏ ، واختار بعض الأعاظم ـ علیٰ ما فی‏‎ ‎‏التقریرات المنسوبـة إلیـه ـ الثانی‏‎[2]‎‏ .‏


کتابمعتمد الاصول (ج. ۱): تقریر ابحاث روح‏ الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 42
‏ولابدّ قبل الخوض فی ذلک من بیان حقیقـة الحکم .‏

فنقول‏ : هل الحکم عبارة عن نفس الإرادة التشریعیـة الکامنـة فی نفس‏‎ ‎‏الحاکم مطلقاً أو بشرط أن یظهرها المرید بأحد المظهرات من القول أو الفعل أو‏‎ ‎‏أنّـه منتزع من البعث أو الزجر اللَّذین هما مفاد هیئـة الأمر والنهی ؟ وجوه ،‏‎ ‎‏والظاهر هو الثالث ؛ لأنّ مجرّد تعلّق الإرادة التشریعیـة بشیء لایعدّ من باب تعلّق‏‎ ‎‏الحکم بـه وإن کانت ربّما یجب متابعتها ، فإنّ وجوب المتابعـة لیس متفرّعاً علیٰ‏‎ ‎‏خصوص حکم المولیٰ ، بل لو اطّلع العبد علیٰ تعلّق إرادة المولیٰ بإتیانـه شیئاً ،‏‎ ‎‏فاللازم ـ کما یحکم بـه العقل والعقلاء ـ متابعـة إرادتـه ، بل ربّما یجب تحصیل‏‎ ‎‏غرضـه وإن لم تنقدح إرادة متعلّقـة بـه فی نفس المولیٰ لغفلتـه أو نومـه أو‏‎ ‎‏غیرهما .‏

‏ألا تریٰ أنّـه لو أشرف ولد المولیٰ مثلاً علی الغرق فی البحر ولم یکن‏‎ ‎‏المولیٰ مطّلعاً علیـه حتیٰ یبعث العبد نحو خلاص ولده ، یکون علی العبد ذلک وأن‏‎ ‎‏ینجی ولده من الهلاک .‏

‏وبالجملـة ، فوجوب الإتیان عقلاً أعمّ من الحکم ، والذی یطابقـه الوجدان‏‎ ‎‏هو أنّ منشأ انتزاع الحکم هو نفس البعث والزجر المتوجّهین إلی العبد ، وحینئذٍ‏‎ ‎‏فلا إشکال فی عدم تحقّق الحکم قبل حصول الشرط ؛ لعدم ثبوت البعث قبلـه ،‏‎ ‎‏کما هو واضح .‏

إذا عرفت ما ذکرنا‏ : فاعلم أنّ بعض الأعاظم بعد اختیاره أنّ الحکم عبارة‏‎ ‎‏عن نفس الإرادة التشریعیّـة التی یظهرها المرید بالقول أو الفعل‏‎[3]‎‏ ذهب إلیٰ‏‎ ‎‏خلاف ما علیـه المشهور ، وأنّ الإرادة فی الواجب المشروط موجودة قبل تحقّق‏

کتابمعتمد الاصول (ج. ۱): تقریر ابحاث روح‏ الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 43
‏الشرط مدّعیاً أنّ الوجدان دلیل علیـه .‏

‏قال : فإنّا نجد من أنفسنا إرادة العمل الذی یکون فیـه مصلحـة لنا علیٰ‏‎ ‎‏تقدیر خاص وإن لم یکن ذلک التقدیر متحقّقاً بالفعل‏‎[4]‎‏ .‏

‏وأنت خبیر بأنّـه لو سلّم انتزاع الحکم عن نفس الإرادة المظهرة ، فلا نسلّم‏‎ ‎‏انتزاعـه عن هذا النحو من الإرادة المتحقّقـة فی الواجب المشروط ، کما لایخفیٰ .‏

‏ ‏

‎ ‎

کتابمعتمد الاصول (ج. ۱): تقریر ابحاث روح‏ الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 44

  • )) کفایـة الاُصول : 121 ، بدائع الأفکار (تقریرات المحقّق العراقی) الآملی 1 : 338 / السطر الأخیر .
  • )) بدائع الأفکار (تقریرات المحقّق العراقی) الآملی 1 : 338  / السطر 19 .
  • )) بدائع الأفکار (تقریرات المحقّق العراقی) الآملی 1 : 339  / السطر 2 .
  • )) نفس المصدر 1 : 342  / السطر 3 .