فی مقام ا‏لإثبات وإمکان رجوع ا‏لقید إ‏لی ا‏لهیئـة

فی مقام الإثبات وإمکان رجوع القید إلی الهیئـة

‏ ‏

‏وأمّا المقام الثانی فقد یقال : ـ کما قیل ـ بامتناع رجوع القیود إلی الهیئـة‏‎ ‎‏وإن کان بحسب ظاهر اللّفظ راجعاً إلیها .‏

‏إمّا لأنّ الهیئـة من المعانی الحرفیـة ، وهی غیر قابلـة للتقیید .‏

‏وإمّا لأنّ الوضع فیها علیٰ نحو الوضع العامّ والموضوع لـه الخاصّ ، ومن‏‎ ‎‏المعلوم امتناع تقیید الجزئیّات .‏

‏وإمّا للزوم التناقض بعد کون المنشأ أوّلاً هو الوجوب مطلقاً ، فتقییده بثبوتـه‏‎ ‎‏علیٰ تقدیر وعدم ثبوتـه علیٰ تقدیر اُخریٰ مناقض للمنشأ أوّلاً .‏

‏هذا ، ولایخفیٰ ما فی هذه الوجوه من النظر بل المنع .‏

أمّا الوجـه الأوّل‏ : فیرد علیـه أنّ التقیید أمر واقعی ، غایـة الأمر أنّ المتکلّم‏‎ ‎‏لابدّ لـه أن یأتی بالألفاظ طبقاً لـه ؛ لوضوح أن کلّ لفظ لایحکی إلاّ عن معناه‏‎ ‎‏الموضوع لـه ، وقد عرفت فی وضع الحروف أنّ القضایا الخبریـة أکثرها یرجع‏‎ ‎‏إلی الإخبار عن المعانی الحرفیـة ، فإنّ المعنّی بقول : «زید قائم» لیس إلاّ الإخبار‏‎ ‎‏عن انتساب القیام إلیـه ، واتّحاد القائم معـه ، وهذا المعنی لا إشکال فی کونـه‏‎ ‎‏معنیً حرفیّاً ، کما أنّ القیود الواقعـة فی الکلام راجعـة إلیٰ ذلک المعنی الحرفی ،‏‎ ‎‏فقولـه : ضربت زیداً یوم الجمعـة ، مثلاً یکون الظرف راجعاً إلیٰ تحقّق الضرب‏‎ ‎‏علیـه الذی یکون من المعانی الحرفیـة .‏

‏وبالجملـة فالإخبارات والتقییدات أکثرها مرتبطـة بالمعانی الحرفیـة‏‎ ‎‏وراجعـة إلیـه ، وقد عرفت أنّ التقیید أمر واقعی لا ارتباط لـه باللّفظ حتّی یحتاج‏‎ ‎‏تقیید المعانی الحرفیـة إلیٰ لحاظها ثانیاً بالاستقلال ، فیلزم فی الجملـة المشتملـة‏‎ ‎‏علیٰ تقییدات عدیدة لحاظ تلک المعانی بقدر القیود ، بل یکون فی المثال تحقّق‏

کتابمعتمد الاصول (ج. ۱): تقریر ابحاث روح‏ الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 39
‏الضرب فی یوم الجمعـة واقعاً ، والمتکلّم لابدّ أن یأتی بالألفاظ علیٰ طبق المعانی‏‎ ‎‏الواقعیـة ، لا أن یکون لفظ الضرب المأتی بـه أوّلاً مطلقاً ، فیلاحظ تقییده ثانیاً ، کما‏‎ ‎‏لایخفیٰ .‏

وأمّا الوجـه الثانی‏ : فلأنّ التحقیق فی وضع الحروف وإن کان ما ذکر إلاّ‏‎ ‎‏أنّـه لا امتناع فی تقیید الجزئی أصلاً باعتبار الحالات والعوارض الطارئـة لـه‏‎ ‎‏ألیس التقیید فی قولـه : «أکرم زیداً إن جاءک» راجعاً إلیٰ زید الذی هو فرد جزئی‏‎ ‎‏بناء علیٰ ما ذکره من رجوع القید إلی المادّة دون الهیئـة .‏

وأمّا الوجـه الثالث‏ : فبطلانـه أظهر من أن یخفیٰ .‏

‏فانقدح من جمیع ما ذکرنا أوّلاً أنّ القیود بحسب الواقع علیٰ قسمین ، وثانیاً‏‎ ‎‏إمکان رجوعها إلی الهیئـة ، فلا وجـه لرفع الید عمّا هو ظاهر القضیّـة الشرطیـة‏‎ ‎‏من توقّف التالی علی المقدّم ، کما لایخفیٰ .‏

‎ ‎

کتابمعتمد الاصول (ج. ۱): تقریر ابحاث روح‏ الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 40