فی مقام ا‏لثبوت وتصویر ا‏لواجب ا‏لمشروط

فی مقام الثبوت وتصویر الواجب المشروط

‏ ‏

‏أمّا المقام الأوّل ، فنقول : إنّـه قد یتعلّق إرادة الإنسان بشیء من دون التقیید‏‎ ‎‏بشیء آخر لتمامیّتـه فی حصول الغرض الباعث علیٰ تعلّق الإرادة بها ، مثل‏‎ ‎‏العطشان المرید لرفع عطشـه ، فإنّـه لایرید إلاّ مجرّد ذلک من غیر نظر إلیٰ أن‏

کتابمعتمد الاصول (ج. ۱): تقریر ابحاث روح‏ الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 37
‏یکون الماء واقعاً فی ظرف کذا أو مع خصوصیـة کذا ، ولا إشکال فی کون الإرادة‏‎ ‎‏المتعلّقـة بمراده إرادةً مطلقـة ، فلو أمر غلامـه بسقیـه ، یکون السقی واجباً مطلقاً‏‎ ‎‏من حیث خصوصیّات الماء أو الظرف الواقع فیـه ونظائرهما .‏

‏وقد یتعلّق إرادة الإنسان بشیء مقیّد بأمر کذا بحیث لایحصل غرضـه إلاّ‏‎ ‎‏بحصول الشیء مقیّداً ، کما إذا أراد السقی بالماء الخاصّ لترتّب الأثر المقصود‏‎ ‎‏علیـه مع الخصوصیـة ، فیأمر بالسقی بذلک الماء ، ولا إشکال أیضاً فی کون الإرادة‏‎ ‎‏المتعلّقـة بما یحصل بـه غرضـه إرادةً مطلقـة غیر مقیّدة بشیء ؛ إذ الإرادة لا تتعلّق‏‎ ‎‏إلاّ بما یؤثّر فی حصول غرضـه ، کیف ومن مقدّماتـه التصدیق بفائدة الشیء‏‎ ‎‏المراد ، والمفروض أنّ الفائدة مترتّبـة علی الشیء المقیّد بوصف کذا .‏

‏وقد یتعلّق إرادة الإنسان بشیء من دون التقیید بوصف ولکن لایتمکّن من‏‎ ‎‏الأمر بـه مطلقاً ؛ لمانع فیـه أو فی المأمور ، کما إذا أشرف ولده علی الغرق‏‎ ‎‏والهلاک ، فالإرادة المتعلّقـة بنجاة ولده إرادة مطلقـة غیر مقیّدة بشیء ولکن‏‎ ‎‏لایمکن لـه الأمر بذلک مطلقاً ؛ لأنّـه ربّما یکون العبد عاجزاً عن الإتیان بالمأمور‏‎ ‎‏بـه ، وربّما یکون المانع من قِبَل نفسـه .‏

‏وقد یتعلّق إرادة الإنسان بشیء علیٰ فرض حصول شیء آخر ؛ لأنّ الغرض‏‎ ‎‏یترتّب علیـه علیٰ ذلک التقدیر ، کما إذا أراد ضیافـة صدیقـه علیٰ فرض مجیئـه‏‎ ‎‏إلیٰ منزلـه ، فالإرادة المتعلّقـة بالضیافـة لیست إرادةً مطلقـة ، بل مقیّدة بحصول‏‎ ‎‏ذلک الشیء .‏

ومن جمیع ما ذکرنا ظهر‏ : أنّ القیود بحسب الواقع واللبّ مع قطع النظر عن‏‎ ‎‏ظاهر الدلیل علیٰ قسمین : قسم یتعلّق بالمادّة ، وهو الذی لـه دخل فی حصول‏‎ ‎‏الغرض المطلوب ، کالقسم الثانی من الأقسام المتقدّمـة ، وقسم یتعلّق بالهیئـة‏‎ ‎‏التی مفادها البعث والتحریک ، کالقسمین الأخیرین .‏

‎ ‎

کتابمعتمد الاصول (ج. ۱): تقریر ابحاث روح‏ الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 38