الکلام فی شروط المتعاقدین

بیع الفضولی للمالک مع عدم سبق المنع

بیع الفضولی للمالک مع عدم سبق المنع

‏القسم الأوّل: ما إذا باع عن المالک مع عدم سبق المنع منه، وهذا هو المتیقّن ‏‎ ‎‏من أقسام الفضولی للصحّة واستدلّ الشیخ‏‏ له بالإجماعات المدّعاة فی المقام ‏‎ ‎‏وأقوال القدماء‏‎[1]‎‏.‏

‏والظاهر أنّ المسألة محلّ خلافٍ بین الأعلام ولیس فیها إجماع، کما أنّه قد ‏‎ ‎‏ادّعی لبطلانه أیضاً‏‎[2]‎‏. ‏

‏والذی ینبغی الاستدلال به طائفتان من الأدلّة: أحدهما: العمومات ‏‎ ‎

کتابالبیع (ج. ۲): تقریر لما افاده الاستاذ الاکبر آیة الله العظمی الامام الخمینی (س)صفحه 445
‏والإطلاقات، والثانی: الأخبار الخاصّة الواردة فی المقام. ‏

أمّا الطائفة الاُولی ‏فطریق الاستدلال بها ما ذکرناه سابقاً‏‎[3]‎‏ من أنّ مقتضی ‏‎ ‎‏الأدلّة لیس تنفیذ خصوص العقود الصادرة مباشرةً أو تسبیباً عن المالک؛ إذ لیس ‏‎ ‎‏فیها ما یخصّ العقد به. وما ذکر من أنّ مفاد ‏أوْفُوا بِالْعُقُودِ‏ الوفاء بعقودکم لم ‏‎ ‎‏نعرف له وجهاً؛ إذ لا موجب لتقدیر ‏‏«‏‏کم‏‏»‏‏ وتقیّده به، وإنّما المستفاد منه وجوب ‏‎ ‎‏الوفاء بکلّ عقدٍ، لکن ینصرف عن العقد الأجنبیّ بالنسبة إلی المالک، والفضولی ‏‎ ‎‏ما لم یجزه لم یکن مشمولاً له؛ لکونه أجنبیّاً عنه، وأمّا عند الإجازة یصیر ‏‎ ‎‏مربوطاً به ومتعلّقاً به، فیشمله الدلیل. ‏

‏وبالجملة: إذا کان الفضولی عقداً عقلائیاً لازم الوفاء عندهم مع قطع النظر عن ‏‎ ‎‏الأدلّة فلا ینصرف عنه الأدلّة والإطلاقات، بل هی تشمل العقود کلّها، ولکنّه ‏‎ ‎‏منصرف عمّا هو أجنبیّ عنه. ‏

‏والشیخ‏‏ أیضاً قد تمسّک بها بما ذکرناه، حیث قال: لا یعتبر وجود الرضا ‏‎ ‎‏عند العقد فی صدق العقد علیه وإنّما المعتبر من الرضا فی ترتیب الآثار علیه ‏‎ ‎‏ولا ترتّب علیه إلا بعد الإجازة، فعموم العقد والبیع شامل له، والمسلّم من ‏‎ ‎‏خروجه منه العاری من الرضا والإجازة، وأمّا الواجد لها فلا موجب لخروجه ‏‎ ‎‏عنه‏‎[4]‎‏.‏

‏وقد یقال فی تقریب شمول الإطلاقات: بأنّ الأفعال علی ضربین: ضرب ‏‎ ‎‏یکون من التکوینیات کالضرب والقتل وأمثال ذلک، وهی لا یقبل الاستناد إلی ‏‎ ‎‏الفاعل إلا بالصدور منه تسبیباً أو مباشرةً، ولا یمکن الاستناد إلیه بالإجازة، ‏‎ ‎

کتابالبیع (ج. ۲): تقریر لما افاده الاستاذ الاکبر آیة الله العظمی الامام الخمینی (س)صفحه 446
‏وضرب یکون من الاعتباریات کالعقد الواقع من الوکیل أو النکاح الواقع بین ‏‎ ‎‏الزوجین من غیرهما؛ فإنّه یصدق إسناد النکاح إلیهما والعقد إلی مالکه بالإجازة ‏‎ ‎‏أو الوکالة وأمثاله وعلیه، فالمعنی الاعتباری الواقع بالعقد قابل للاستناد إلی ‏‎ ‎‏المالک بإجازته وإمضائه للفعل التکوینی الصادر من الغیر؛ أعنی الإنشاء‏‎[5]‎‏. ‏

‏نقول: إن اُرید من الاستناد نحو الإضافة والتعلّق علی ما قدّمناه‏‎[6]‎‏ فهو علی ‏‎ ‎‏العین والرأس ولا ننکره وأمّا لو اُرید من الاستناد صیرورة المعنی الاعتباری ‏‎ ‎‏المنشأ بإنشاء الفضول؛ أعنی النقل الإنشائی مستنداً إلیه، بحیث یکون العقد ‏‎ ‎‏بمعناه الاعتباری والإنشائی عقده، فلا نسلّم؛ لأنّه فعل الغیر وما ذکر من التمثیل ‏‎ ‎‏بعقد النکاح فلیس یقال: إنّهما أوقعا الزوجیة بینهما، بل یقال: أوقع الوکیل أو ‏‎ ‎‏الفضول الزوجیة بینهما. ‏

وأمّا الطائفة الثانیة ‏فهی الأخبار الخاصّة الواردة فی الموضوعات الخاصّة ‏‎ ‎‏المستدلّ بها فی الفضولی. ‏

‎ ‎

کتابالبیع (ج. ۲): تقریر لما افاده الاستاذ الاکبر آیة الله العظمی الامام الخمینی (س)صفحه 447

  • ـ المکاسب، ضمن تراث الشیخ الأعظم 16: 349.
  • ـ الخلاف: 3: 168.
  • ـ تقدّم فی الصفحة 442.  
  • ـ المکاسب، ضمن تراث الشیخ الأعظم 16: 350.
  • ـ البیع، المحقّق الکوهکمری: 279 ـ 282.
  • ـ تقدّم فی الصفحة 442.