المبحث الثانی: فی أقسام البیع بحسب الأسباب

الدلیل السادس: آیة الوفاء بالعقود

الدلیل السادس: آیة الوفاء بالعقود

‏وممّا یستدلّ به علی لزوم المعاطاة قوله تعالی: ‏‏«‏یَا أیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا أوْفُوا‎ ‎بِالعُقُودِ‏»‏‎[1]‎‏ وقد ذکرنا‏‎[2]‎‏ بعض ما یتعلّق بالآیة فی الاستدلال بها علی الملکیة،‏‎ ‎‏ونذکر الآن منها ما یناسب المقام، ثمّ تقریب الاستدلال.‏

فنقول:‏ معنی الوفاء بالعهد والنذر عند العرف، لیس إلاّ العمل بالمعاهد علیه‏‎ ‎‏والمنذور علی نحو التمام، فمن نذر أو عاهد مثلاً صوم أیّام، لا یتحقّق الوفاء‏‎ ‎‏بنذره وعهده حتّی یعمل به ویصوم الأیّام کلّها، ولو صام بعضها وقلنا بالاستقلال‏‎ ‎‏فی کلّ یوم، یقال: «قد وفی ببعض ما نذر أو عاهد» ولا یقال لمن لم یعمل شیئاً‏‎ ‎‏ولم یصم مثلاً ولم ینحلّ نذره وعهده: «أ نّه وفی بالنذر أو العهد» أو «أ نّه وفی‏‎ ‎‏بجزء منه، ولم یف بتمامه».‏

‏وبالجملة: الوفاء دائر مدار العمل وترتیب الآثار. ویتمّ الوفاء بالعقد أیضاً‏‎ ‎‏ـ عند العرف والعقلاء ـ بالتسلیم والتسلّم فیما هو بالصیغة، وبالتسلیم أیضاً فی‏‎ ‎

کتابالبیع (ج. ۱): تقریر لما افاده الاستاذ الاکبر آیة الله العظمی الامام الخمینی (س)صفحه 210
‏المعاطاة السلفیة والنسیئة، فإنّه یتحقّق بالأخذ والإعطاء فی طرف والعهدة فی‏‎ ‎‏طرف آخر، فمعنی الوفاء بالعقد لیس عدم حلّه وفسخه، بل العمل علی ما‏‎ ‎‏یقتضیه من التسلیم والتسلّم وترتیب الآثار. ولا یقال لمن باع شیئاً ولم یسلّم‏‎ ‎‏المبیع: «إنّه وفی بالعقد» لعدم فسخه بل تحقّق الوفاء عندهم موقوف علی العمل‏‎ ‎‏بمقتضی العقد، وقد ذکرناه مفصّلاً فیما سبق‏‎[3]‎‏.‏

‎ ‎

کتابالبیع (ج. ۱): تقریر لما افاده الاستاذ الاکبر آیة الله العظمی الامام الخمینی (س)صفحه 211

  • ـ المائدة (5): 1.
  • ـ تقدّم فی الصفحة 120 .
  • ـ تقدّم فی الصفحة 125 ـ 126 .