المبحث الثانی: فی أقسام البیع بحسب الأسباب

حول جواب المحقّق النائینی عن الشبهة

حول جواب المحقّق النائینی عن الشبهة

وقد تصدّی‏ لتصحیح الاستدلال المحقّق النائینی ‏‏رحمه الله‏‏ حتّی لا یرد علیه هذا‏‎ ‎‏الإشکال فقال: لو کان المجعول بالأصالة الحکم التکلیفی وکان الحکم الوضعی‏‎ ‎‏منتزعاً منه ولم یکن له جعل مستقلّ ـ کاللزوم فی المقام ـ فیجب أن یکون‏‎ ‎‏الحکم التکلیفی المستتبع للحکم الوضعی، مناسباً له ومجعولاً علی نحو ینتزع‏‎ ‎‏منه المطلوب، فعلی هذا یکون مفاد الآیة وجوب الوفاء بالعقد والعمل بما اقتضاه‏‎ ‎‏مطلقاً؛ أی فی جمیع الأزمنة حتّی بعد الفسخ، لاقتضاء مقدّمات الحکمة ذلک.‏

‏کما أنّ المناسب للفظ «الوفاء» أن یکون متعلّقه المعنی المصدری؛ أی‏‎ ‎‏الإیجادی لا الاسم المصدری، وبعبارة أوضح یکون المناسب لوجوب الوفاء‏‎ ‎‏نفس تعهّده والتزامه، لا ماتعهّد به والتزمه، فیجب الوفاء بالتعقید والتعهّد، لا‏‎ ‎‏بالعقد الحاصل منه، وعلی هذا ففی کلّ زمان یجب العمل بذلک التعهّد والالتزام.‏

‏ولا یرد: أ نّه بعد الفسخ لیس لنا عقد مفروض التحقّق حتّی یجب الوفاء به؛‏‎ ‎‏للشکّ فی ارتفاعه بالفسخ ‏‎[1]‎‏.‏

‏لأنّک قد عرفت أنّ الحکم ـ بناءً علی الانتزاعیة ـ لابدّ أن یکون بحیث‏‎ ‎‏یناسب انتزاع اللزوم منه، والمناسب له أن یتعلّق الوفاء بالمعنی المصدری؛ أی‏‎ ‎‏الالتزام والتعقید، لا العقدة والملتزم به.‏


کتابالبیع (ج. ۱): تقریر لما افاده الاستاذ الاکبر آیة الله العظمی الامام الخمینی (س)صفحه 224
‏فإذا کان الالتزام بما التزم به واجباً، فمعناه أنّ کلّ واحد من المتعاقدین لیس‏‎ ‎‏مالکاً لالتزامه الذی ملک صاحبه، فیسلب بالأمر بالوفاء القدرة علی انحلاله‏‎ ‎‏وإن کان الحکم الوضعی متأصّلاً فی الجعل، فمفاد قوله تعالی: ‏‏«‏أوْفُوا‎ ‎بِالْعُقُودِ‏»‏‎[2]‎‏ هو أنّ العقد لازم لا ینحلّ، فیکون  الأمر فیه إرشاداً إلی هذا المعنی‏‎ ‎‏وکنایة عنه‏‎[3]‎‏.‏

أقول أوّلاً:‏ هل للآیة ـ مع قطع النظر عن البناءین المذکورین ـ ظهور أم لا؟‏‎ ‎‏فإن کان لها ظهور منحاز عنهما ـ کما هو کذلک ـ فیجب البحث فیه، ولا ینبغی‏‎ ‎‏تفریع ظهور الآیة علی البناءین، وبالجملة لابدّ لنا من النظر فی الآیة مع قطع‏‎ ‎‏النظر عن أصالة الوضع وعدمها.‏

وثانیاً:‏ ما المعنی لسلب القدرة من المالک؟ فمن المعلوم عدم إرادة القدرة‏‎ ‎‏التکوینیة، فلابدّ أن یراد بسلب القدرة سلبها تشریعاً، ولیس لسلب القدرة‏‎ ‎‏تشریعاً محصّل إلاّ أ نّه یجب علیه العمل بتعهّده والتزامه، وهذا لا یدلّ علی عدم‏‎ ‎‏نفوذ فسخه ولزوم العقد؛ إذ یمکن وجوب العمل بالتعهّد مع جواز المعاملة‏‎ ‎‏وقابلیتها للفسخ، واللازم هنا إثبات مسلوبیة القدرة وضعاً لا تکلیفاً، وأ نّی له‏‎ ‎‏بإثباته؟! فلیس کلّ حکم تکلیفی ینتزع منه الوضع.‏

‎ ‎

کتابالبیع (ج. ۱): تقریر لما افاده الاستاذ الاکبر آیة الله العظمی الامام الخمینی (س)صفحه 225

  • ـ حاشیة المکاسب، المحقّق الأصفهانی 4: 30 .
  • ـ المائدة (5): 1.
  • ـ منیة الطالب 1: 155 ـ 156 .