إشکال المحقّق الإیروانی علی الإعطاء من الطرفین ونقده
قد یقال: إنّ البیع المعاطاتی لا یتحقّق إلاّ بالأخذ والإعطاء، ولا یتصوّر فیه التعاطی؛ لأنّ الأخذ إن کان قبولاً للإعطاء ومطاوعةً له فیتمّ البیع والمعاملة بهما، وإعطاء الآخذ یکون وفاءً به، وإن لم یکن کذلک ـ بأن یقال: الأخذ محقّق لإعطاء المعطی، ولیس قبولاً ومطاوعةً، وإنّما القبول یتحقّق بإعطاء الثانی؛ أعنی
کتابالبیع (ج. ۱): تقریر لما افاده الاستاذ الاکبر آیة الله العظمی الامام الخمینی (س)صفحه 269
الآخذ ـ فحینئذٍ لا تتحقّق المعاملة؛ إذ یلزم تحقّقها بإیجابین فعلیـین؛ أعنی إعطاءهما، مع أنّ المعتبر فی وقوع المعاملة هو الإیجاب والقبول، فتبیّن أنّ المعاطاة لا یمکن وقوعها إلاّ بالإعطاء والأخذ، فیکون الإعطاء إیجاباً فعلیاً، والأخذ قبولاً له کذلک.
أقول: قد أسلفنا سابقاً أنّ حقیقة البیع العرفی، لیست إلاّ نفس مبادلة العینین، وأنّ المتداول بین المجتمع الإنسانی فی جمیع الأزمنة، هی هذه، وعناوین «البائع» و«المشتری» و«الموجب» و«القابل» قد حدثت بعد حدوث الثمن، وقبله لیست المعاملة إلاّ نفس المبادلة الواقعة بین العینین، کما أ نّه هو المتعارف الآن فی القری والقصبات، حیث یتبادلون الحنطة مثلاً بالعنب، وأمثال ذلک، وباعتبار حصول المبادلة یطلق «البیع» علی البیع بالصیغة، ولا یطلق علی ما لم تقع فیه المبادلة، فحقیقة البیع نفس المبادلة، وعلی هذا یصحِ عرفاً إیقاعه بإیقاع المبادلة فی الطرفین؛ بأن یقال: «بادلت هذا بهذا» فی کلّ من طرفی البائع والمشتری، فهو عند العرف والعقلاء بیع صحیح، کما یصحّ إیقاع الوکیل ذلک بقوله: «بادلت هذا بهذا» من غیر احتیاجه إلی المطاوعة، فاعتبار القبول والمطاوعة ساقط فی نظر العرف، ویحصل بإیجابین، وإیجاب وقبول.
وبالجملة: المعتبر هو تحقّق المبادلة عندهم، کما هو مقتضی حقیقة البیع، وعلیه فلا مانع من تصوّر إیقاع المعاملة البیعیة بإعطاءین من غیر احتیاج إلی القبول.
کتابالبیع (ج. ۱): تقریر لما افاده الاستاذ الاکبر آیة الله العظمی الامام الخمینی (س)صفحه 270
نعم، المتعارف المتداول بین الناس تحقّقه بالأخذ والإعطاء، کما فی النسیئة المتداولة بین العرف، ولکن تحقّقه بإعطاءین أیضاً لا یخلّ بالمقصود، ولا یلزم منه محذور.
کتابالبیع (ج. ۱): تقریر لما افاده الاستاذ الاکبر آیة الله العظمی الامام الخمینی (س)صفحه 271