بیان شأن القبول فی العقود
والذی ینبغی أن یقع البحث عنه، هو شأن القبول فی العقد، فالظاهر من
کتابالبیع (ج. ۱): تقریر لما افاده الاستاذ الاکبر آیة الله العظمی الامام الخمینی (س)صفحه 310
الشیخ رحمه الله أ نّه إیقاع فعلی فی الحال مع الرضا به؛ فی مقابل إیقاع البائع.
ویظهر من المحقّق النائینی: أ نّه إنشاء وإیقاع، عکس إیقاع البائع وإنشائه.
والتحقیق: أنّ القبول لیس إلاّ إنشاء الرضا بفعل البائع، ولیس فیه إیقاع المعاملة؛ إذ حقیقة البیع مثلاً ـ وهی مبادلة مال بمال، أو إنشاء تملیک عین بعوض، أو تملیک إنشائی، وأمثال ذلک ـ تتقوّم بفعل البائع فقط؛ من حیث إیقاع ماهیته وحقیقته، ولا تتقوّم به وبالقبول؛ وإن کان المؤثّر منه فی عالم الاعتبار موقوفاً علیه أیضاً، فالبائع إذا أنشأ وقال: «بعت هذا بهذا» فقد أوقع النقل بین المالین والمبادلة بینهما، وأوجد تملیک العین بعوض، ولا یحتاج فیه إلی إیقاع آخر، بل المعتبر رضا المشتری بفعله وإیقاعه هذا، فلیس فی حقیقة المعاملة إیقاعان علی شیئین؛ بحیث یفعل المشتری ما فعله البائع عیناً، أو عکساً، إذ فعل الثانی منهما یصیر لغواً وخارجاً عن حقیقة المعاملة، واللازم هو إمضاء فعل الأوّل؛ فإنّه تمام حقیقة المعاملة، فلیس شأن القبول من شأن الإیقاع والإنشاء.
وأمّا فی مثل «اشتریت» و«تملّکت» و«ملّکت» وأمثال ذلک ـ ممّا کان مفاده الإیقاع ـ فالظاهر أنّ کلّ واحد منها إیجاب لا قبول؛ إذا وقع قبل الإیجاب من البائع، فإذا ابتدأ المشتری بواحد من هذه الألفاظ، یکون هو الموجب، ویکفی فیه قبول البائع، کما هو مدلول روایة أبان المتقدّمة؛ وذلک لأنّ المعتبر فی تحقّق المعاملة، إیقاع المبادلة وإنشاؤها بین الشیئین؛ والرضا به من کلّ من المتعاملین، والحال أنّ المشتری فعل هذه، فیحتاج إلی القبول.
کتابالبیع (ج. ۱): تقریر لما افاده الاستاذ الاکبر آیة الله العظمی الامام الخمینی (س)صفحه 311
وعلی هذا فنقول: مثل «قبلت» و«رضیت» إذا تقدّم، فلا یخلو من أحد هذه الاُمور:
فإمّا أن یقصد به إنشاء قبول فعلی حالی؛ بحیث کان رضا به وقبولاً فعلاً، فهو لا یخلو من إشکال؛ لعدم تحقّق فعلی للإیجاب.
وإمّا أن یقصد به ذلک تعلیقاً؛ بأن کان قبولاً معلّقاً علی إنشاء البائع.
وإمّا أن ینشأ فعلاً قبول إنشاء البائع وإیجابه الآتی فی المستقبل؛ بحیث کان الإنشاء فعلیاً، والمنشأ استقبالیاً، فینشأ فعلاً القبول فی ظرفه من الزمان المستقبل، نظیر الواجب التعلیقی، والوصیة، والتدبیر، وغیرها من الإنشاآت الفعلیة التی کانت منشآتها فی الاستقبال، فهذا القسم وما قبله ـ مع الغضّ عن محذور التعلیق ـ ممّا لا إشکال فیه.
وأمّا الإشکال: بأنّ القبول سنخیته من سنخیة المطاوعة، نظیر الکسر والانکسار، ولا یعقل مطاوعة الأمر المستقبل.
فلا محصّل له؛ وذلک لإمکان مطاوعة الأمر المستقبل فی ظرفه مع إنشائه فعلاً، أو المطاوعة تعلیقاً، ولیس من الاُمور الواقعیة، نظیر الکسر والانکسار، بل من الاعتباریة الممکن فیها ذلک.
وکذا إشکال الشیخ رحمه الله: «بأنّ المعتبر فی القبول هو النقل الفعلی الحالی» إذ لیس النقل الحاصل بعد القبول لأجله، بل لأنّ ما هو موضوع اعتبار العقلاء وترتّب الأثر، یتوقّف علی إتمام العقد، فتحقّقه بعده لیس من جهة وقوع النقل الفعلی به، بل من جهة تمامیة العقد الذی یکون موضوعاً للاعتبار، وفی المتقدّم
کتابالبیع (ج. ۱): تقریر لما افاده الاستاذ الاکبر آیة الله العظمی الامام الخمینی (س)صفحه 312
أیضاً ـ إن قلنا بأ نّه متقدّم إنشاءً ومنشأً ـ یتحقّق بعد الإیجاب؛ لأنّ إتمامه بإتمام الإیجاب، وإن قلنا بأنّ المنشأ یکون فی المستقبل ـ أعنی بعد الإیجاب ـ یتحقّق النقل بعد القبول.
کتابالبیع (ج. ۱): تقریر لما افاده الاستاذ الاکبر آیة الله العظمی الامام الخمینی (س)صفحه 313