التطابق بین الإیجاب والقبول
لا إشکال فی المسألة من حیث الکبری؛ فإنّ التطابق بینهما لازم، إذ لا معنی لقبول ما لا یُنشأ. وإنّما الکلام فی صغریات المسألة، والظاهر أنّ کلّ ما یری العرف فیه انحلالاً، فهو لیس خارجاً عن التطابق.
بیان ذلک: أنّ الغرض قد یتعلّق ببیع أشیاء مجموعاً؛ بحیث لم یتعلّق الداعی ببیع کلّ واحد منها منفرداً عن المجموع، ففی هذه الصورة لو تعلّق القبول ببعضها فقد تعلّق بغیر ما تعلّق به الإیجاب، ولا تطابق بینهما. وکذا فی موارد لا یعقل الانحلال، مثل بیع الباب وأمثاله ممّا لا ینحلّ العقد إلی أجزائه.
وأمّا فیما کان الغرض بیع أشیاء؛ بحیث کان کلّ منها مورداً للمعاملة مستقلاًّ، ولا داعی إلی المجموع من حیث المجموع، وقد تقاولا علی بیع کلّ واحد منها، وتعیّن ثمن کلّ واحد منها، ولکن فی مقام التعبیر وإجراء الصیغة، جمعها فی التعبیر وقال: «بعت هذه الأشیاء بکذا» ولم یقبل المشتری إلاّ بعضها، فلا إشکال فی أ نّه من مصادیق التطابق؛ حیث إنّ العقد عند العرف یکون منحلاًّ إلی عقدین، أو عقود متعدّدة بعدد الأشیاء، ولکن فی مقام التعبیر جعلها عقداً واحداً، فالتطابق
کتابالبیع (ج. ۱): تقریر لما افاده الاستاذ الاکبر آیة الله العظمی الامام الخمینی (س)صفحه 325
بین الإیجاب المتعلّق بهذا البعض والقبول المتعلّق به حاصل، وأمّا الباقی فلا قبول له.
وکذا فیما إذا اشترط فی العقد شرطاً، وأوقع قبول نفس العقد، دون الشرط، فإنّ الشرط فی نظر العرف التزام فی التزام، ولیس مجموعهما التزاماً واحداً، وقد حصل منه الرضا بأحدهما دون الآخر، خصوصاً فیما کان الشرط فاسداً.
والحاصل: أنّ الکبری ـ وهی اعتبار التطابق ـ ممّا لاریب فیها، ولکن للتأمّل فی مصادیقها مجال.
کتابالبیع (ج. ۱): تقریر لما افاده الاستاذ الاکبر آیة الله العظمی الامام الخمینی (س)صفحه 326