إشکال الشیخ الأعظم علی سببیة الإقدام للضمان
و قد أورد الشیخ رحمه الله علی سببیة الإقدام ـ بعد إیراده «بأنّ هذا دلیل لم نحصّله» ـ : بأ نّه منقوض طرداً وعکساً؛ إذ قد یکون الإقدام موجوداً ولا ضمان أصلاً، وقد یکون الضمان ولا إقدام:
مثال الأوّل کما قبل القبض، فإنّه لا ضمان وقد أقدما علی الضمان المعاملی، ووجه عدم الضمان أنّ التلف قبل القبض من مال البائع.
کتابالبیع (ج. ۱): تقریر لما افاده الاستاذ الاکبر آیة الله العظمی الامام الخمینی (س)صفحه 383
ومثال الضمان بلا إقدام أن یشترط فی البیع کون تلف المبیع وخسارته علی البائع، أو باع بلا ثمن، أو آجر بلا اُجرة، فإنّ فی جمیع هذه الموارد، لا إقدام علی الضمان مع وجود الضمان.
أقول: أمّا مثال العقد قبل القبض، فلیس هنا إقدام معاملی فی صورة تلف المبیع؛ حتّی یقال بثبوت الإقدام دون الضمان؛ فإنّ العقد ینفسخ بالتلف، فینعدم الإقدام بانفساخه، فلم یفرض وجود الإقدام مع عدم الضمان؛ فإنّ موضوع الإقدام وما یتحقّق به هو العقد، ومع فرض انتفائه ینتفی الإقدام معه، کما فیما إذا انتفی العقد بخیار المجلس؛ فإنّ عدم الضمان بالمسمّی مثلاً، لأجل انتفاء موضوع الإقدام؛ وهو العقد. هذا علی مختار الشیخ فی معنی الضمان.
وأمّا علی ما اخترناه، فالضمان الاقتضائی حاصل قبل التلف؛ علی ما عرفت تفصیله، فإنّه لو تلف وکان العقد باقیاً، لاقتضی العقد الضمان بالمثل، أو القیمة، فالانفساخ بالتلف مزیل للإقدام المعاملی، فلا ضمان علی
کتابالبیع (ج. ۱): تقریر لما افاده الاستاذ الاکبر آیة الله العظمی الامام الخمینی (س)صفحه 384
المشتری؛ حیث لا إقدام بقاءً، لزواله شرعاً، فلم یتخلّف الإقدام عن ضمان المعاوضة.
وأمّا مثال الثانی وهو اشتراط ضمان المبیع علی البائع إذا تلف فی ید المشتری، ففیه: أنّ الإقدام علی الضمان المعاوضی ـ أعنی ضمان المسمّی؛ کما هو مفروض شیخ الطائفة رحمه الله ـ موجود؛ لأنّ الفرض وجود الثمن فی مقابل المبیع، إنّما اشترط خسارة المبیع علی البائع لو تلف فی ید المشتری ، کما إذا باع زید فرسه لعمرو بدرهم، واشترط فیه ضمان الفرس لو تلف فی ید عمرو، فإنّ الإقدام علی الضمان ـ أعنی المسمّی؛ وهو درهم فی مقابل الفرس ـ حاصل.
وإن اُرید من الإقدام إقدامه علی الضمان بالمثل أو القیمة، فانتفاؤه مسلّم، إلاّ أ نّه خارج عن مفروض کلام الشیخ رحمه الله وما تمسّک به فیه.
وأمّا البیع بلا ثمن والإجارة بلا اُجرة، فإن کان المقصود إیجاد البیع الذی حقیقته مبادلة المال بالمال وتملیک عین بعوض، فلا یعقل صدوره هکذا من عاقل ملتفت؛ إذ لا معنی للبیع بلا ثمن، فإنّ حقیقة البیع متقوّمة بالثمن ولیس بیعاً فاسداً؛ فإنّ الفساد إنّما یکون فی صورة تحقّق عقد بعنوان من عناوین المعاملات، ویکون فاسداً من جهة فقد شرط، أو منع شرعی، أو غیر ذلک، وأمّا ما لا یصدق علیه البیع أصلاً فلا یکون بیعاً فاسداً.
وهکذا لو صدر من غیر الملتفت؛ فإنّه لغو لا یفرض فیه الفساد، حتّی یقال بأ نّه لا إقدام مع الضمان.
کتابالبیع (ج. ۱): تقریر لما افاده الاستاذ الاکبر آیة الله العظمی الامام الخمینی (س)صفحه 385