الجهة الاُولی: بیان حقیقة الإجارة
وهی فی مقام التصوّر والاحتمال، علی وجوه:
الأوّل: أن تکون معاوضة بین المنفعة والاُجرة؛ بحیث یکون «ملّکت منفعة الدار» من الألفاظ الصریحة فی عقد الإجارة، ومثل «آجرتک الدار» أو «أکریتک الدابّة» من الألفاظ الکنائیة، فتکون ماهیة الإجارة تملیک المنفعة، وإذا کانت حقیقة الإجارة التی تقع فی الخارج وتتداول بین العقلاء ـ علی هذا الاحتمال ـ هی تملیک المنفعة والمعاوضة بین المنفعة والمال من دون دخالة للعین فی حقیقتها، فلابدّ من أن یکون لفظها الصریح المنعکسة فیه هذه الحقیقة والماهیة «ملّکت منفعة الدار» فقط، والباقی تکون ألفاظاً کنائیةً.
الثانی: أ نّها إضافة خاصّة بین العین والمستأجر، نظیر إضافة الملکیة فی البیع، فکما أنّ حقیقة البیع لیست إلاّ تبادل الإضافتین وتحقّق إضافة الملکیة بین العین والمالک؛ من دون نظر إلی نقل المنافع، ولا لحاظها فی نقل العین، وإنّما یلزم مالکیة العین مالکیة منافعها قهراً عند العقلاء؛ من غیر نقل فیها، فکذلک حقیقة الإجارة إضافة خاصّة فی العین تتحقّق بقوله: «آجرت الدار» أو «أکریت
کتابالبیع (ج. ۱): تقریر لما افاده الاستاذ الاکبر آیة الله العظمی الامام الخمینی (س)صفحه 427
الدابّة» فالعقد سبب لتحقّقها، والمنافع خارجة عن حقیقتها، ولیست مورداً للعقد، ولیس العقد سبباً لانتقالها، نظیر المنافع فی البیع.
وهذا الاحتمال مقابل للاحتمال الأوّل؛ حیث إنّ مقتضی الاحتمال الأوّل خروج العین عن العقد وحقیقة الإجارة، ومقتضی الثانی خروج المنافع من رأس.
الثالث: أن تکون المنافع غایة للإجارة؛ وأ نّها إضافة خاصّة غایتها استیفاء المنافع.
الرابع: أ نّها عبارة عن إضافة تتضمّن نقل المنافع؛ بحیث لا یکون تملیک المنافع فقط حقیقة الإجارة، کما هو مقتضی الأوّل، ولا تکون خارجة عن حقیقتها، کما هو الثانی، ولا غایةً لها، بل هی إضافة تتضمّن نقلها.
الخامس: أ نّها إضافة خاصّة یکون لازمها العرفی نقل المنفعة لزوماً بیّناً.
ولا ینبغی الإشکال فی عدم صحّة الاحتمال الأوّل؛ إذ لیس عمل العقلاء فی الإجارات والإکراءات علی نفس تملیک المنفعة؛ بحیث یکون مثل «آجرتک الدار» و «اکریتک الدابّة» کنایة عنها، بل کثیراً ما یقال: «استأجرت الدار واکتریت الدابّة؛ لرکوبها وسکناها» ویریدون بها نحو تعلّق إضافة لهم بالعین.
وکذا الثانی، إذ ما هو المسلّم من عمل العقلاء، هو انتقال المنافع إلی المستأجر.
ویظهر منه ما فی الثالث أیضاً؛ فإنّ اللازم من جعله غایةً للإجارة، هو عدم مالکیة المنفعة وعدم تملیکها، بل غایة الإجارة ونتیجتها استیفاء المنافع، وهو خلاف ارتکاز العقلاء فی إجاراتهم، ویلزمه عدم جواز تملیکها للغیر؛ لعدم مالکیته لها، فتعریفها: «بأ نّها تسلیط علی العین لینتفع بها» خلاف التحقیق.
فالمتعیّن إمّا الاحتمال الرابع، أو الخامس؛ من أ نّها إمّا إضافة تتضمّن نقل
کتابالبیع (ج. ۱): تقریر لما افاده الاستاذ الاکبر آیة الله العظمی الامام الخمینی (س)صفحه 428
المنافع، أو یلزمها ذلک لزوماً بیّناً عُرفیاً؛ بحیث تکون الإجارة متعلّقة بالعین وإضافة بینها وبین المستأجر مع تملیک منافعها.
کتابالبیع (ج. ۱): تقریر لما افاده الاستاذ الاکبر آیة الله العظمی الامام الخمینی (س)صفحه 429