ا‏لاستدلال علی ا‏لتخییر بین ا‏لمتساویین بأدلّة ا‏لعلاج

‏ ‏

الاستدلال علی التخییر بین المتساویین بأدلّة العلاج

‏ ‏

‏وقد یتمسّک للتخیـیر فی المتساویـین بأدلّـة علاج المتعارضین کموثّقـة‏‎ ‎‏سماعـة عن أبی عبداللّٰه ‏‏علیه السلام‏‏ قال : سألتـه عن رجل اختلف علیـه رجلان من أهل‏‎ ‎‏دینـه فی أمر کلاهما یرویـه ، أحدهما یأمر بأخذه ، والآخر ینهاه عنـه ، کیف یصنع ؟‏‎ ‎‏قال : « ‏یرجئـه حتّی یلقی من یخبره‏ ‏، فهو فی سعـة حتّی یلقاه‏ »‏‎[1]‎‏ .‏

‏تقریبـه : أنّ التخالف بینهما لا یتحقّق بصرف نقل الروایـة مع عدم الجزم‏‎ ‎‏بمضمونها ، ومعـه مساوق للفتوی ، فاختلاف الرجلین إنّما هو فی الفتوی ، ویشهد‏‎ ‎‏لـه قولـه : « أحدهما یأمر بأخذه والآخر ینهاه » . وهذا لا ینطبق علی صرف‏‎ ‎‏الروایـة والحکایـة ، فلابدّ من الحمل علی الفتوی ، فأجاب ‏‏علیه السلام‏‏ بأنّـه فی سعـة‏‎ ‎‏ومخیّر فی الأخذ بأحدهما .‏

‏بل یمکن التمسّک بسائر أخبار التخیـیر فی الحدیثین المختلفین بإلغاء‏‎ ‎‏الخصوصیـة ، فإنّ الفقیـه أیضاً یکون فتواه محصّل الأخبار بحسب الجمع‏‎ ‎‏والترجیح ، فاختلاف الفتوی یرجع إلی اختلاف الروایـة ، هذا .‏

‏وفیـه ما لا یخفی :‏

‏أ مّا التمسّک بموثّقـة سماعـة ، ففیـه أنّ قولـه : « ‏یرجئـه حتّی یلقی من‎ ‎یخبره‏ ‏» ‏معناه : یؤخّره ولا یعمل بواحد منهما ، کما صرّح بـه فی روایتـه‏‎ ‎‏الاُخری‏‎[2]‎‏ ، والمظنون أنّهما روایـة واحدة ، ومعنی « الإرجاء » لغةً وعرفاً هو‏‎ ‎


کتابمعتمد الاصول (ج. ۲): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 471
‏تأخیر الشیء ، فقولـه بعد ذلک : « ‏فهو فی سعـة‏ » . لیس معناه أنّـه فی سعـة فی‏‎ ‎‏الأخذ بأ یّهما شاء کما أفاد المستدلِّ، بل المراد أنّـه فی سعـة بالنسبـة إلی نفس‏‎ ‎‏الواقعـة ، ومحصّلـه : أنّ الروایتین أو الفتوائین لیستا بحجّـة ، فلا تعمل بواحدة‏‎ ‎‏منهما ، ولکنّـه فی سعـة فی الواقعـة ، فلـه العمل علی طبق الاُصول ، فهی علی‏‎ ‎‏خلاف المطلوب أدلِّ.‏

‏وأ مّا دعوی إلغاء الخصوصیّـة وفهم التخیـیر من الأخبار الواردة فی‏‎ ‎‏الخبرین المتعارضین ، ففیـه : مع الغضّ عن فقدان روایـة دالّـة علی التخیـیر‏‎ ‎‏جامعـة للحجّیـة کما مرّ فی باب التعارض ، أنّ إلغاء الخصوصیّـة عرفاً ممنوع ،‏‎ ‎‏ضرورة تحقّق الفرق الواضح بین اختلاف الأخبار واختلاف الآراء الاجتهادیّـة ،‏‎ ‎‏فما أفاد من شمول روایات العلاج لاختلاف الفتاوی محل منع ، مع أنّ لازمـه‏‎ ‎‏إعمال مرجّحات باب التعارض فیها ، وهو کما تری .‏

فتحصّل من جمیع ما ذکرناه :‏ أنّـه لیس فی أخبار الباب ما یستفاد منـه‏‎ ‎‏ترجیح قول الأعلم عند التعارض لغیره ، ولا تخیـیر الأخذ بأحد المتساویـین ، فلا‏‎ ‎‏محیص إلاّ العمل بالاُصول الأوّلیـة لولا تسالم الأصحاب علی عدم وجوب‏‎ ‎‏الاحتیاط ومع هذا التسالم لا محیص عن الأخذ بقول الأعلم ، لدوران الأمر بین‏‎ ‎‏التعیـین والتخیـیر مع کون وجوبـه أیضاً مورد تسالمهم ، کما أنّ الظاهر تسالمهم‏‎ ‎‏علی التخیـیر بین الأخذ بفتوی أحد المتساویـین وعدم وجوب الاحتیاط أو‏‎ ‎‏الأخذ بأحوط القولین .‏

‎ ‎

کتابمعتمد الاصول (ج. ۲): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 472

  • )) الکافی 1 : 66 / 7 ، وسائل الشیعـة 27 : 108 ، کتاب القضاء ، أبواب صفات القاضی ، الباب 9 ، الحدیث 5 .
  • )) وسائل الشیعـة 27 : 122 ، کتاب القضاء ، أبواب صفات القاضی ، الباب 9 ، الحدیث 42 .