فی حا‏ل ا‏لمجتهدین ا‏لمتساویین مع اختلاف فتواهما

‏ ‏

فی حال المجتهدین المتساویین مع اختلاف فتواهما

‏ ‏

‏وأمّا فی المتساویـین فالقاعدة وإن اقتضت تساقطهما مع التعارض‏‎ ‎‏والرجوع إلی الاحتیاط لو أمکن ، وإلی غیره من القواعد مع عدمـه ، لکن الظاهر‏‎ ‎‏أنّ الاحتیاط مرغوب عنـه وأن المسلّم عندهم حجّیـة قولهما فی حال التعارض ،‏‎ ‎‏فلابدّ من الأخذ بأحدهما والقول بحجیّتـه التخیـیریّـة .‏

‏وقد یقال بدلالـة قولـه فی مثل روایـة أحمد بن حاتم بن ماهویـه :‏‎ ‎‏« ‏فاصمدا فی دینکما إلی کلّ مسنٍّ فی حبّنا‏ »‏‎[1]‎‏ وغیرها من الروایات العامّـة علی‏‎ ‎‏المطلوب ، فإنّ إطلاقها شامل لحال التعارض ، والفرق بینها وبین أدلّـة حجّیـة خبر‏‎ ‎‏الثقـة حیث أنکرنا إطلاقها لحال التعارض أنّ الطبیعـة فی حجّیـة خبر الثقـة‏‎ ‎‏اُخذت بنحو الوجود الساری ، فکلّ فرد من الأخبار مشمول أدلّـة الحجّیـة تعیـیناً‏‎ ‎‏ولا یعقل جعل الحجّیـة التعیـینیّـة فی المتعارضین ، ولا جعل الحجیّـة التعیـینیّـة‏‎ ‎‏فی غیرهما والتخیـیریّـة فیهما بدلیل واحد ، فلا مناص إلاّ القول بعدم الإطلاق‏‎ ‎‏لحال التعارض .‏


کتابمعتمد الاصول (ج. ۲): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 468
‏وأمّا الطبیعـة فی حجّیـة قول الفقهاء ، اُخذت علی نحو صِرف الوجود ،‏‎ ‎‏ضرورة عدم معنی لجعل حجّیـة قول کلّ عالم بنحو الطبیعـة الساریـة والوجوب‏‎ ‎‏التعیـینی حتّی یکون المکلّف فی کلّ واقعـة مأموراً بأخذ قول جمیع العلماء ، فإنّـه‏‎ ‎‏واضح البطلان ، فالمأمور بـه هو الوجود الصرف ، فإذا اُخذ بقول واحد منهم فقد‏‎ ‎‏أطاع ، فلا مانع حینئذٍ من إطلاق دلیل الحجّیـة لحال التعارض .‏

‏فقولـه : « ‏وأمّا الحوادث الواقعـة فارجعوا فیها إلی رواة أحادیثنا‏ » مفاده‏‎ ‎‏جعل حجّیـة قول العالم علی نحو البدلیّـة أو صرف الوجود ، کان مخالفاً لقول‏‎ ‎‏غیره أو لا ، یعلم مخالفتـه لـه تفصیلاً أو لا .‏

‏هذا ما أفاده شیخنا العلاّمـة علی ما فی تقریرات بعض فضلاء بحثـه‏‎[2]‎‏ .‏

‏وأنت خبیر بأنّ هذا بیان لإمکان الإطلاق علی فرض وجود دلیل مطلق‏‎ ‎‏یمکن الاتّکال علیـه .‏

‏ونحن بعد الفحص الأکید لم نجد دلیلاً یسلم دلالةً وسنداً عن الخدشـة ،‏‎ ‎‏مثلاً قولـه فی الروایـة المتقدّمـة : « ‏فاصمدا فی دینکما‏ . . . » إلی آخره ، بمناسبـة‏‎ ‎‏صدرها وهو قولـه : « عمّن آخذ معالم دینی ؟ » لا یستفاد منـه التعبّد ، بل الظاهر‏‎ ‎‏منـه هو الإرجاع إلی الأمر الارتکازی ، فإنّ السائل بعد مفروغیّـة جواز الرجوع‏‎ ‎‏إلی العلماء سأل عن الشخص الذی یجوز التعویل علی قولـه . ولعلّـه أراد أن یعیّن‏‎ ‎‏الإمام شخصاً معیّناً کما عیّن الرضا ‏‏علیه السلام‏‏ زکریا بن آدم‏‎[3]‎‏ ، والصادق ‏‏علیه السلام‏‎ ‎


کتابمعتمد الاصول (ج. ۲): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 469
‏الأسدی‏‎[4]‎‏ والثقفی‏‎[5]‎‏ وزرارة‏‎[6]‎‏ فأرجعـه إلی من کان کثیر القدم فی أمرهم ومسنّاً‏‎ ‎‏فی حبّهم .‏

‏والظاهر من « کثرة القدم فی أمرهم » کونـه ذا سابقـة طویلـة فی أمر‏‎ ‎‏الإمامـة ‏‏والمعرفـة ، ولم یذکر الفقاهـة ، لکونها أمراً ارتکازیاً معلوماً لدی السائل‏‎ ‎‏والمسؤول عنـه وأشار إلی صفات اُخر موجبـة للوثوق والاطمئنان بهم ،‏‎ ‎‏فلا یستفاد منها إلاّ تقریر الأمر الارتکازی .‏

‏ولو سلّم کونـه بصدد إعمال التعبّد والإرجاع إلی الفقهاء فلا إشکال فی‏‎ ‎‏عـدم إطلاقها لحـال التعارض ، بل قولـه ذلک کقول القائل : « المریض لابـدّ‏‎ ‎‏وأن یرجع إلی الطبیب ولیشرب الدواء » وقولـه : « إنّ الجاهل بالتقویم لابدّ وأن‏‎ ‎‏یرجع إلی المقوّم » .‏

‏ومعلوم أنّ أمثال ذلک لا إطلاق لها لحال التعارض هذا مع ضعف سندها ،‏‎ ‎‏وقد عرفت حال التوقیع‏‎[7]‎‏ ، وبالجملـة لا إطلاق فی الأدلّـة بالنسبـة إلی حال‏‎ ‎‏التعارض .‏

‎ ‎

کتابمعتمد الاصول (ج. ۲): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 470

  • )) اختیار معرفـة الرجال : 4 / 7 ، وسائل الشیعـة 27 : 151 ، کتاب القضاء ، أبواب صفات القاضی ، الباب 11 ، الحدیث 45 .
  • )) درر الفوائد ، المحقّق الحائری : 714 ـ 717 .
  • )) وسائل الشیعـة 27 : 146 ، کتاب القضاء ، أبواب صفات القاضی ، الباب 11 ، الحدیث 27 .
  • )) وسائل الشیعـة 27 : 142 ، کتاب القضاء ، أبواب صفات القاضی ، الباب 11 ، الحدیث 15 .
  • )) وسائل الشیعـة 27 : 144 ، کتاب القضاء ، أبواب صفات القاضی ، الباب 11 ، الحدیث 23 .
  • )) وسائل الشیعـة 27 : 143 ، کتاب القضاء ، أبواب صفات القاضی ، الباب 11 ، الحدیث 17 ، 19 .
  • )) تقدّم فی الصفحـة 460 ـ 461 .