هل ترجیح قول الأفضل عند العقلاء لزومی أم لا ؟
نعم یبقی فی المقام أمر ، وهو أنّـه هل بناء العقلاء علی ترجیح قول الأفضل لدی العلم بمخالفتـه مع غیره إجمالاً أو تفصیلاً یکون بنحو الإلزام ، أو من باب حسن الاحتیاط ولیس بنحو اللزوم ؟
لا یبعد الاحتمال الثانی ، لوجود تمام الملاک فی کلیهما ، واحتمال أقربیّـة قول الأعلم ـ علی فرض صحّتـه ـ لم یکن بمثابـة تری العقلاء ترجیحـه علیـه لزومیّاً ، ولهذا تراهم یراجعون إلی المفضول بمجرّد أعذار غیر وجیهـة کبعد الطریق وکثرة المراجعین ، ومشقّـة الرجوع إلیـه ولو کانت قلیلـة ، وأمثال ذلک ممّا یعلم أنّـه لو حکم العقل إلزاماً بالترجیح لما تکون تلک الأعذار وجیهـة لدی العقل والعقلاء .
هذا مع علمهم إجمالاً بمخالفـة أصحاب الفنّ فی الرأی فی الجملـة ، فلیس ترجیح الأفضل إلاّ ترجیحاً غیر ملزم واحتیاطاً حسناً ، ولهذا لو أمکن لأحد تحصیل اجتماع أصحاب فنّ فی أمر والاستفتاء منهم لَفَعَل ، لا لأجل عدم الاعتناء بقول الأفضل أو الفاضل ، بل للاحتیاط الراجح الحسن .
کتابمعتمد الاصول (ج. ۲): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 450
وبالجملـة : المناط کلّ المناط فی رجوعهم هو اعتقادهم بندرة الخطأ وإلغاء احتمال الخلاف ، وهو موجود فی کلیهما .
فحینئذٍ مع تعارض قولهما مقتضی القاعدة تساقطهما والرجوع إلی الاحتیاط مع الإمکان ، وإلاّ فالتخیـیر وإن کان ترجیح قول الأفضل حسناً علی أیّ حال ، تأمّل .
هذا ، ولکن مع ذلک فالذهاب إلی معارضـة قول المفضول قول الأفضل مشکل ، خصوصاً فی مثل ما نحن فیـه ـ أی باب الاحتجاج بین العبید والموالی ـ مع کون المقام من دوران الأمر بین التعیـین والتخیـیر ، والأصل یقتضی التعیـین ، فالقول بلزوم تقدیم قول الأفضل لعلّـه أوجـه ، مع أنّ الأصحاب أرسلوه إرسال المسلمات والضروریات ، مضافاً إلی عدم إحراز بناء العقلاء علی العمل بقول المفضول مع العلم التفصیلی بل الإجمالی المنجّز بمخالفتـه مع الفاضل لو لم یعلم بإحراز عدمـه . نعم لا یبعد ذلک مع العلم بأنّ فی أقوالهم اختلافاً ، لا مع العلم إجمالاً بأنّ فی هذا المورد أو مورد آخر مثلاً مختلفون .
وبعبارة اُخری : إنّ بنائهم علی العمل فی مورد العلم الإجمالی الغیر المنجّز نظیر أطراف الشبهـة الغیر المحصورة ، هذا حال بناء العقلاء .
وأمّا حال الأدلّـة الشرعیّـة فلابدّ من ذکر ما تشبّث بـه الطرفان والبحث فی أطرافهما .
کتابمعتمد الاصول (ج. ۲): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 451