هل المرجّحات المنصوصة مرجّحات أصل الصدور أو جهة الصدور ؟
بقی الکلام فی أنّ المرجّحات المنصوصـة التی ذکرنا أنّها لا تـتجاوز عن اثنین هل تکون مرجّحات أصل الصدور ، أو جهـة الصدور ، أو المضمون ؟
فنقول : أمّا بحسب الثبوت فکلّ محتمل ، لأنّـه یحتمل عدم کون الخبر الموافق للعامّـة مثلاً صادراً أصلاً ، ویحتمل عدم کون صدوره لبیان الحکم الواقعی .
وأمّا بحسب الإثبات فظاهر الروایات الدالّـة علی مرجّحیّـة موافقـة الکتاب ومخالفـة العامّـة أنّ الخبر المخالف للکتاب أو الموافق للناس ممّا لم یصدر عنهم علیهم السلام أصلاً ، فمقتضی القاعدة حینئذٍ عدم تقدّم واحد منهما علی الآخر ، لکن قد عرفت صراحـة مصحّحـة عبد الرحمان بن أبی عبداللّٰه المتقدّمـة فی تقدّم الترجیح بموافقـة الکتاب علی الترجیح بمخالفـة العامّـة ، فما فی التقریرات من تقدّم مرجّحات أصل الصدور علی مرجّحات جهـة الصدور ، وتقدّم هذه علی مرجّحات المضمون ، وأنّ مخالفـة العامّـة من مرجّحات جهـة الصدور وموافقـة الکتاب من مرجّحات المضمون ، فهی مؤخّرة عن الترجیح بمخالفـة العامـة لتقدّم جهـة الصدور علی المضمون کتقدّم أصل الصدور علی جهـة الصدور ، ممنوع ، لأنّ المستند فی هذا التقدیم إن کان هو العقل فقد عرفت أنّ حکمـه فی المتعارضین هو السقوط رأساً ، وإن کان هو النقل فهو صریح فی
کتابمعتمد الاصول (ج. ۲): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 418
تقدّم الترجیح بموافقـة الکتاب علی الترجیح بمخالفـة العامّـة کما عرفت فی المصحّحـة التصریح بـه . والعجب منـه قدس سره أنّـه قال علی ما فی التقریرات : إنّ العمل بهذا الصحیح مشکل .
وکیف کان فلا ینبغی الإشکال فی لزوم مراعاة الترتیب بین هذین المرجّحین وفی أنّـه مع فقدهما یرجع إلی سائر المرجّحات بناءً علی التعدّی کما عرفت أنّـه لابدّ من المصیر إلیـه .
إلی هنا انتهی الکلام فیما یتعلّق بمباحث التعادل والترجیح ، وبذلک ینتهی ویتمّ البحث فی المسائل الاُصولیّـة ، والحمد للّٰه أوّلاً وآخراً وظاهراً وباطناً . وکان الفراغ من تسوید ذلک لیلـة الجمعـة المصادفـة للیلـة ولادة الإمام التاسع والنور الساطع محمّد بن علی الجواد سلام اللّٰه وصلواتـه علیـه وعلی آبائـه الطاهرین وأولاده المنتجبین . 10 رجب 1377 هـ . ق .
کتابمعتمد الاصول (ج. ۲): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 419
کتابمعتمد الاصول (ج. ۲): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 420