هل ا‏لمرجّحات جاریة فی ا‏لعامّین من وجه أم لا‏؟

هل المرجّحات جاریة فی العامّین من وجه أم لا ؟

‏ ‏

‏وکیف کان : فعلی تقدیر الشمول فهل یجری فیـه جمیع المرجّحات‏‎ ‎‏الصدوریّـة والجهتیّـة والمضمونیّـة ، أو یختصّ بخصوص الأخیرتین ولا یجوز‏‎ ‎‏الرجوع فیهما إلی المرجّحات الصدوریّـة ؟ صرّح المحقّق النائینی بالثانی ،‏‎ ‎‏واستدلّ علیـه : بأنّ التعارض فی العامّین من وجـه إنّما یکون فی بعض مدلولهما‏‎ ‎‏وهو مادّة الاجتماع فقط . ومع هذا الفرض لا وجـه للرجوع إلی المرجّحات‏‎ ‎‏الصدوریّـة ، لأنّـه إن اُرید من الرجوع إلیها طرح ما یکون راویـه غیر أعـدل أو‏‎ ‎‏غیر أصدق مثلاً ، فهو ممّا لا وجـه لـه ، لأنّـه لا معارض لـه فی مـادّة الافتراق ،‏‎ ‎‏وإن اُرید طرحـه فی خصوص مادّة الاجتماع فهو غیر ممکن ، لأنّ الخبر الواحـد‏‎ ‎‏لا یقبل التبعیض من حیث الصدور .‏


کتابمعتمد الاصول (ج. ۲): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 375
‏ودعوی أنّ الخبر الواحد ینحلّ إلی أخبار متعدّدة حسب تعدّد أفراد‏‎ ‎‏الموضوع ـ کما هو الشأن فی جمیع القضایا الحقیقیّـة ـ  واضحـة الفساد ؛ لأنّ‏‎ ‎‏الانحلال فی تلک القضایا لا یقتضی تعدّد الروایـة بل لیس فی البین إلاّ روایـة‏‎ ‎‏واحدة ، کما لایخفی‏‎[1]‎‏ ، انتهی ملخّص ما أفاده علی ما فی التقریرات .‏

‏ویرد علیـه : أنّ دعوی عدم إمکان التبعیض إن کان المراد منها عدم إمکانـه‏‎ ‎‏عقلاً فهی ممنوعـة فی محیط التشریع والتعبّد ، ضرورة أنّـه لا مانع فی ذلک‏‎ ‎‏المحیط من التعبّد بمثل ذلک .‏

‏ألا تری أنّـه من المسلّم عندهم عدم حجّیـة الاُصول المثبتـة ، ومرجعها‏‎ ‎‏إلی عدم ثبوت اللوازم والملزومات العقلیّـة والعادیّـة ، مع أنّ التفکیک بینهما فی‏‎ ‎‏عالم التکوین مخالف مع فرض اللزوم ، وکذا التعبّد بأحد المتلازمین لا یستلزم‏‎ ‎‏التعبّد بالآخر وإن کانا متلازمین فی الواقع ، فالتعبّد بصدور الخبر الواحد من جهـة‏‎ ‎‏دون اُخری لا مانع منـه فی محیط التشریع وإن کان بحسب الواقع إمّا صادراً‏‎ ‎‏بتمامـه وإمّا غیر صادر کذلک .‏

‏وإن کـان المـراد منها عـدم إمکانـه عرفـاً ومـرجعـه إلی کونـه خـلاف‏‎ ‎‏ظاهـر الأخبـار العلاجیـة الـدالّـة علـی طـرح الخبـر المـرجـوح ، لأنّ المنسبق‏‎ ‎‏إلـی الـذهن منها هو طرح الخبر المرجـوح فی تمام مدلولـه ، فنقول : لا نسلّم‏‎ ‎‏کـون الترجیح فـی المتعارضین بالعموم والخصوص مـن وجـه مرجعـه إلی‏‎ ‎‏ذلک ، لأنّ الأخـذ بالراجح منهما لا یلازم الحکم بعدم صدور الآخر ، بل یمکن‏‎ ‎‏أن یکون صادراً .‏


کتابمعتمد الاصول (ج. ۲): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 376
‏غایـة الأمر أنّ الراوی لم یتحفّظ قیده المخرج لـه عن المعارضـة مـع‏‎ ‎‏الآخر ، والدلیل علیـه هو أنّ المرجّح هو مثل الأوثقیّـة ، فإنّ هذه الصفـة تقتضی‏‎ ‎‏کون المتّصف بها متحفّظاً فی مقام أخذ الحکم الصادر عن الإمام ‏‏علیه السلام‏‏ بحیث لم‏‎ ‎‏یغب عن ذهنـه الخصوصیّات المأخوذة والقیود المذکورة . فترجیح مثل قولـه :‏‎ ‎‏« أکرم العلماء » مرجعـه إلی کون من یجب إکرامـه هو العالم بدون خصوصیـة‏‎ ‎‏اُخری ، فقولـه : « لا تکرم الفسّاق » حینئذٍ یکون علی تقدیر الصدور مشتملاً علی‏‎ ‎‏قید ، وهو عدم کونهم من العلماء ، فترجیح الأوّل علیـه لا یقتضی الحکم بعدم‏‎ ‎‏صدوره من رأس ، کما لایخفی .‏

‏ثمّ إنّ الفصول التی عقدناها إلی هنا کلّها تحوم حول تشخیص عنوان‏‎ ‎‏المتعارضین الذی هو الموضوع فی هذا الکتاب ، وبعدها لابدّ من الورود فی‏‎ ‎‏المباحث والمقاصد ونقول : یقع الکلام فیما یتعلّق بذلک العنوان من الأحکام فی‏‎ ‎‏ضمن مقصدین :‏


کتابمعتمد الاصول (ج. ۲): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 377

کتابمعتمد الاصول (ج. ۲): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 378

  • )) فوائد الاُصول ( تقریرات المحقّق النائینی ) الکاظمی 4 : 792 ـ 794 .