الفصل السادس فی عدم شمول أخبار العلاج للعامّین من وجه
قد عرفت أنّ موضوع البحث فی المقام هو الخبران المتعارضان ، وأنّ الروایات الواردة فی هذا الباب موردها هو المتعارضان أو المختلفان عنواناً أو مصداقاً ، بمعنی أنّـه ورد فی بعضها عنوان الاختلاف والمختلفین ، وفی بعضها مصداق هذا العنوان ، مثل ما ورد فی بعضها من قول السائل فی بیان الخبرین الواردین : « أحدهما یأمر والآخر ینهی » .
ولا إشکال فی تحقّق هذین العنوانین فی الدلیلین المتعارضین ، مثل ما إذا دلّ أحدهما علی وجوب إکرام جمیع العلماء ، والآخر علی حرمـة إکرام جمیعهم .
کما أنّـه لا إشکال فی عدم تحقّقهما فی مثل : أکرم العلماء ، ولا تکرم الجهّال ، ولا فی عدمـه فی العموم والخصوص المطلق إذا کان بینهما جمع عقلائی بحیث لم یکن تخصیصـه بـه مستهجناً ولم یعدّ عندهم من المتعارضین .
إنّما الإشکال فی العامّ والخاصّ المطلق مع عدم کون الجمع بینهما مقبولاً عند العقلاء ، وکذا فی العموم والخصوص من وجـه ، وکذا فی المتعارضین بالعرض ، کما فی الدلیلین اللذین علم بکذب أحدهما من غیر أن یکونا بأنفسهما متناقضین ، کما إذا دلّ دلیل علی وجوب صلاة الجمعـة ، یوم الجمعـة ودلیل آخر
کتابمعتمد الاصول (ج. ۲): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 373
علی وجوب صلاة الظهر ذلک الیوم ، وعلم بعدم کون الواجب منهما إلاّ واحداً ، وکما فیما إذا ورد عامّ وخاصّان متباینان مثلاً وکان تخصیصـه بکلیهما مستلزماً للاستهجان ، فإنّک عرفت فی الفصل المتقدّم أنّ التعارض إنّما هو بین الخاصّین لا بینهما وبین العامِّ.
غایـة الأمر أنّ التعارض بینهما تعارض عرضی ، لعدم تناقضهما فی حدّ نفسهما أصلاً ، وکذا الإشکال فی المتعارضین بلازمهما بأن لم یکن الدلیلان متعارضین أصلاً إلاّ من حیث لازم مدلولهما .
إذا عرفت ذلک فاعلم : أنّ الظاهر شمول تلک الأخبار الواردة فی المتعارضین أو المختلفین للعامّ والخاصّ المطلق اللذین لم یکن بینهما جمع عقلائی مقبول عندهم ، وذلک لأنّـه بعدما لم یکن الجمع بینهما مقبولاً عند العقلاء فلا محالـة یکونان عندهم متعارضین ، وقد عرفت سابقاً أنّ المرجع فی تشخیص هذا العنوان کسائر العناوین المأخوذة موضوعاً للأحکام الشرعیّـة هو العرف والعقلاء ، والمفروض أنّهم یرونهما متعارضین .
وأمّا العامّان من وجـه فالظاهر عدم شمول تلک الأخبار لهما ، لعدم کونهما متعارضین عند العقلاء بعد کونهما عنوانین متغایرین متعلّقین للحکم . غایـة الأمر أنّـه اتّفق اجتماع ذلکما العنوانین فی بعض الموارد .
هذا مضافاً إلی أنّ الجواب الوارد فیها بطرح ما خالف الکتاب ، أو مـا وافق العامّـة یشهد بخـروج العامّین مـن وجـه ، لأنّـه لا وجـه لطرح شیء منهما . غایـة الأمر إخراج مورد الاجتماع عن تحت واحـد منهما لا طرحـه بالکلّیـة ،
کتابمعتمد الاصول (ج. ۲): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 374
وإذا لم یکـن العامّان مـن غیر وجـه مشمولاً لتلک الأخبار فعـدم شمولهما للمتعارضین بالعرض بکلا قسمیـه وکـذا للمتعارضین باللازم بطریق أولـی ، کمالایخفی .
ثمّ إنّـه یظهر من تقریرات المحقّق النائینی قدس سره فی آخر هذا الباب أنّـه التزم بشمول الأخبار العلاجیّـة للعامّین من وجـه أیضاً ، ولکنّ الفاضل المقرّر ذکر قبل ذلک فی الحاشیـة أنّ عنوان المخالفـة ظاهر فی المخالفـة بالتباین ، ولا یشمل العامّین من وجـه ، فإن کان هذا أیضاً تقریراً لشیخـه قدس سره ولم یکن من عند نفسـه یلزم التهافت والمناقضـة فی کلامـه قدس سره ، کما لایخفی .
کتابمعتمد الاصول (ج. ۲): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 375