ا‏لفصل ا‏لسادس : فی عدم شمول أخبار ا‏لعلاج للعامّین من وجه

الفصل السادس فی عدم شمول أخبار العلاج للعامّین من وجه

‏ ‏

‏قد عرفت‏‎[1]‎‏ أنّ موضوع البحث فی المقام هو الخبران المتعارضان ، وأنّ‏‎ ‎‏الروایات الواردة فی هذا الباب موردها هو المتعارضان أو المختلفان عنواناً أو‏‎ ‎‏مصداقاً ، بمعنی أنّـه ورد فی بعضها عنوان الاختلاف والمختلفین ، وفی بعضها‏‎ ‎‏مصداق هذا العنوان ، مثل ما ورد فی بعضها من قول السائل فی بیان الخبرین‏‎ ‎‏الواردین : « ‏أحدهما یأمر والآخر ینهی‏ »‏‎[2]‎‏ .‏

‏ولا إشکال فی تحقّق هذین العنوانین فی الدلیلین المتعارضین ، مثل ما إذا‏‎ ‎‏دلّ ‏‏أحدهما علی وجوب إکرام جمیع العلماء ، والآخر علی حرمـة إکرام جمیعهم .‏

‏کما أنّـه لا إشکال فی عدم تحقّقهما فی مثل : أکرم العلماء ، ولا تکرم‏‎ ‎‏الجهّال ، ولا فی عدمـه فی العموم والخصوص المطلق إذا کان بینهما جمع عقلائی‏‎ ‎‏بحیث لم یکن تخصیصـه بـه مستهجناً ولم یعدّ عندهم من المتعارضین .‏

‏إنّما الإشکال فی العامّ والخاصّ المطلق مع عدم کون الجمع بینهما مقبولاً‏‎ ‎‏عند العقلاء ، وکذا فی العموم والخصوص من وجـه ، وکذا فی المتعارضین‏‎ ‎‏بالعرض ، کما فی الدلیلین اللذین علم بکذب أحدهما من غیر أن یکونا بأنفسهما‏‎ ‎‏متناقضین ، کما إذا دلّ دلیل علی وجوب صلاة الجمعـة ، یوم الجمعـة ودلیل آخر‏‎ ‎


کتابمعتمد الاصول (ج. ۲): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 373
‏علی وجوب صلاة الظهر ذلک الیوم ، وعلم بعدم کون الواجب منهما إلاّ واحداً ،‏‎ ‎‏وکما فیما إذا ورد عامّ وخاصّان متباینان مثلاً وکان تخصیصـه بکلیهما مستلزماً‏‎ ‎‏للاستهجان ، فإنّک عرفت فی الفصل المتقدّم أنّ التعارض إنّما هو بین الخاصّین لا‏‎ ‎‏بینهما وبین العامِّ.‏

‏غایـة الأمر أنّ التعارض بینهما تعارض عرضی ، لعدم تناقضهما فی حدّ‏‎ ‎‏نفسهما أصلاً ، وکذا الإشکال فی المتعارضین بلازمهما بأن لم یکن الدلیلان‏‎ ‎‏متعارضین أصلاً إلاّ من حیث لازم مدلولهما .‏

‏إذا عرفت ذلک فاعلم : أنّ الظاهر شمول تلک الأخبار الواردة فی‏‎ ‎‏المتعارضین أو المختلفین للعامّ والخاصّ المطلق اللذین لم یکن بینهما جمع‏‎ ‎‏عقلائی مقبول عندهم ، وذلک لأنّـه بعدما لم یکن الجمع بینهما مقبولاً عند العقلاء‏‎ ‎‏فلا محالـة یکونان عندهم متعارضین ، وقد عرفت سابقاً‏‎[3]‎‏ أنّ المرجع فی‏‎ ‎‏تشخیص هذا العنوان کسائر العناوین المأخوذة موضوعاً للأحکام الشرعیّـة هو‏‎ ‎‏العرف والعقلاء ، والمفروض أنّهم یرونهما متعارضین .‏

‏وأمّا العامّان من وجـه فالظاهر عدم شمول تلک الأخبار لهما ، لعدم کونهما‏‎ ‎‏متعارضین عند العقلاء بعد کونهما عنوانین متغایرین متعلّقین للحکم . غایـة الأمر‏‎ ‎‏أنّـه اتّفق اجتماع ذلکما العنوانین فی بعض الموارد .‏

‏هذا مضافاً إلی أنّ الجواب الوارد فیها بطرح ما خالف الکتاب ، أو مـا وافق‏‎ ‎‏العامّـة یشهد بخـروج العامّین مـن وجـه ، لأنّـه لا وجـه لطرح شیء منهما .‏‎ ‎‏غایـة الأمر إخراج مورد الاجتماع عن تحت واحـد منهما لا طرحـه بالکلّیـة ،‏‎ ‎


کتابمعتمد الاصول (ج. ۲): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 374
‏وإذا لم یکـن العامّان مـن غیر وجـه مشمولاً لتلک الأخبار فعـدم شمولهما‏‎ ‎‏للمتعارضین بالعرض بکلا قسمیـه وکـذا للمتعارضین باللازم بطریق أولـی ،‏‎ ‎‏کمالایخفی .‏

‏ثمّ إنّـه یظهر من تقریرات المحقّق النائینی ‏‏قدس سره‏‏ فی آخر هذا الباب أنّـه التزم‏‎ ‎‏بشمول الأخبار العلاجیّـة للعامّین من وجـه أیضاً ، ولکنّ الفاضل المقرّر ذکر قبل‏‎ ‎‏ذلک فی الحاشیـة أنّ عنوان المخالفـة ظاهر فی المخالفـة بالتباین ، ولا یشمل‏‎ ‎‏العامّین من وجـه‏‎[4]‎‏ ، فإن کان هذا أیضاً تقریراً لشیخـه ‏‏قدس سره‏‏ ولم یکن من عند نفسـه‏‎ ‎‏یلزم التهافت والمناقضـة فی کلامـه ‏‏قدس سره‏‏ ، کما لایخفی .‏

‏ ‏

‎ ‎

کتابمعتمد الاصول (ج. ۲): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 375

  • )) تقدّم فی الصفحـة 319 .
  • )) وسائل الشیعـة 27 : 108 ، کتاب القضاء ، أبواب صفات القاضی ، الباب 9 ، الحدیث 5 .
  • )) تقدّم فی الصفحـة 333 .
  • )) فوائد الاُصول ( تقریرات المحقّق النائینی ) الکاظمی 4 : 793 ، الهامش 1 .