إذا ورد عامّ وخاصّان بینهما عموم وخصوص مطلق
وأمّا لو کانت النسبـة بین الخاصّین أیضاً العموم والخصوص مطلقاً ، کالنسبـة بین کلّ واحد منهما مع العامّ کقولـه : أکرم العلماء ، ولا تکرم النحویـین منهم ، ولا تکرم الکوفیّین من النحویـین ، فقد ذکر المحقّق النائینی قدس سره علی ما فی
کتابمعتمد الاصول (ج. ۲): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 368
التقریرات أنّ حکم هذا القسم حکم القسم السابق من وجوب تخصیص العامّ بکلّ من الخاصّین إن لم یلزم التخصیص المستهجن أو بقاء العامّ بلا مورد ، وإلاّ فیعامل مع العامّ ومجموع الخاصّین معاملـة المتعارضین .
والتحقیق أن یقال : إنّ لهذا الفرض صوراً متعدّدة ، فإنّـه قد یکون الخاصّان متوافقین من حیث الحکم إثباتاً أو نفیاً ، وقد یکونان متخالفین ، وعلی التقدیرین قد یلزم من تخصیص العامّ بکلّ منهما التخصیص المستهجن بمعنی استلزام التخصیص بکلّ ذلک ، وقد لا یلزم التخصیص المستهجن إلاّ من التخصیص بالخاصّ دون الأخصِّ، وقد لا یلزم من شیء منهما ، ومرجعـه إلی عدم لزوم التخصیص المستهجن من التخصیص بالخاصِّ، ضرورة أنّـه مع عدم استلزامـه ذلک یکون عدم استلزامـه من التخصیص بالأخصّ بطریق أولی ، ثمّ إنّـه فی صورة اختلاف الخاصّین من حیث الحکم قد یلزم من تخصیص الخاصّ بالأخصّ الاستهجان ، وقد لا یلزم .
وتفصیل حکم هذه الصور أن یقال : إذا کان الخاصّان متوافقین من حیث الحکم ولم یلزم من تخصیص العامّ بکلّ منهما الاستهجان ، فلا محیص عن تخصیص العامّ بهما ، فیقال فی المثال المذکور بوجوب إکرام العلماء غیر النحویّین مطلقاً ؛ کوفیّین کانوا أو بصریّین مثلاً .
وإن لزم منـه الاستهجان فتارةً یلزم الاستهجان من التخصیص بالخاصّ فقط دون الأخصِّ، فاللازم حینئذٍ تخصیص الخاصّ بالأخصّ ثمّ تخصیص العامّ بالخاصّ المخصّص ، لأنّـه الطریق المنحصر لرفع الاستهجان ، ومع إمکان ذلک لا
کتابمعتمد الاصول (ج. ۲): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 369
وجـه لطرح الخاصِّ، فإنّ الطرح إنّما هو مع عدم إمکان الجمع المقبول عند العقلاء ، وما ذکرنا مورد لقبولهم ، کما لایخفی .
واُخری یلزم الاستهجان من التخصیص بکلّ منهما ، غایـة الأمر أنّ التخصیص بالأخصّ أقلّ استهجاناً من التخصیص بالخاصِّ، فالعامّ حینئذٍ یعارض مع کلّ واحد منهما ، ولابدّ من الرجوع إلی المرجّحات المذکورة فی الأخبار العلاجیّـة .
هذا کلّه مع عدم إحراز اتّحاد الحکم فی الخاصّین من اتّحاد السبب أو من غیره .
وأمّا مع إحرازه فلا محالـة یکون الأخصّ مخصّصاً للخاصِّ، وهو بعد تخصیصـه بـه یخصّص العامّ الفوقانی من دون فرق بین عدم لزوم الاستهجان من تخصیصـه بـه قبل تخصیصـه بالأخصّ أو لزومـه ، کما لایخفی . هذا فی المتوافقین .
وأمّا الخاصّان المتخالفان من حیث الحکم کقولـه : أکرم العلماء ولا تکرم النحویـین منهم ، ویستحبّ إکرام الکوفیـین من النحویـین ، فإن لم یلزم من تخصیص الخاصّ بالأخصّ الاستهجان فاللازم تخصیصـه بـه ، ثمّ تخصیص العامّ الفوقانی بالخاصّ المخصّص بـه ، وإن لزم الاستهجان من تخصیصـه بـه فیقع التعارض بین الخاصّین ، وبعد إعمال قواعد التعارض وترجیح أحد الخاصّین یخصّص العامّ بما رجّح إن لم یلزم من تخصیصـه بـه الاستهجان ، وإلاّ فیقع التعارض بین مجموع الأدلّـة العامّ وکلّ واحد من الخاصّین ، ولابدّ معها من معاملـة المتعارضات ، کما لایخفی .
فانقدح ممّا ذکرنا من اختلاف حکم الصور أنّ ما أطلقـه المحقّق النائینی علی ما عرفت لیس بإطلاقـه صحیحاً .
کتابمعتمد الاصول (ج. ۲): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 370