تحقیق فی ا‏لاُصول ا‏لفظیة

‏ ‏

تحقیق فی الاُصول اللفظیة

‏ ‏

‏ومرجع ما ذکرنا إلی أنّ أصالـة تطابق الإرادة الجدّیـة والإرادة‏‎ ‎‏الاستعمالیـة التی لابدّ من الرجـوع إلیها لتشخیص مـراد المتکلّم بعد الاطّلاع‏‎ ‎‏علی ظهور کلامـه إنّما تجـری بالنسبـة إلی العامّ فیما إذا لم یکن صادراً علی‏‎ ‎‏سبیل القانون ، أو فیما إذا کان کذلک لکـن بعد الفحص عـن المخصّص والیأس‏‎ ‎‏عـن الظفر بـه ، وإلاّ فلا تجری فی العموم القانونی ، لبناء العرف والعقلاء علیـه ،‏‎ ‎‏ومرجع هذا الأصل إلی أصالـة عدم الخطأ والاشتباه الجاریـة عند العقلاء فی‏‎ ‎‏أفعالهم وأقوالهم ، وهو الأصل الوحید والأمر الفرید لتشخیص مراد المتکلّم .‏

‏وأمّا أصالـة العموم وأصالـة الظهور وأصالـة الحقیقـة وأصالـة عدم‏‎ ‎‏القرینـة وغیرها من الاُصول المتداولـة فی ألسنـة الاُصولیـین فمرجع جمیعها إلی‏‎ ‎‏أصالـة عدم الخطأ والاشتباه ، ولیست اُصولاً متعدّدة جاریـة فی مجاری مختلفـة ،‏‎ ‎


کتابمعتمد الاصول (ج. ۲): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 331
‏ضرورة أنّـه إن کان المراد بأصالـة الظهور هو کون المعنی الفلانی ظاهراً من‏‎ ‎‏اللفظ الفلانی ، فمن المعلوم ـ مضافاً إلی أنّـه لیس مرادهم منـه ذلک ـ أنّـه لا‏‎ ‎‏معنی لجعل أصل لتشخیص الظاهر عن غیره ، وإن کان المراد بهما هو کون المعنی‏‎ ‎‏الظاهر مراداً للمتکلّم فهو راجع إلی أصالـة الجدّ الراجعـة إلی أصالـة عدم الخطأ‏‎ ‎‏والاشتباه ، وکذا الحال فی غیرها من الاُصول .‏

‏ثمّ إنّ جریان هذا الأصل لا یختصّ بالاستعمالات الحقیقیّـة ، بل الظاهر‏‎ ‎‏جریانها فی الاستعمالات المجازیّـة ، فإنّـه لو قال : « رأیت أسداً یرمی » یکون‏‎ ‎‏استکشاف مراده متوقّفاً علی إجراء أصالـة عدم الخطأ وأنّ ذکر یرمی لا یکون من‏‎ ‎‏باب الاشتباه ، بل لـه دخل فی إفادة المراد .‏

‏ومن هنا یظهر : أنّ ما وقع فی عباراتهم من احتمال استناد أصالـة الظهور‏‎ ‎‏إلی أصالـة عدم القرینـة فاسد جدّاً ، ضرورة أنّـه فی المثال تجری أصالـة‏‎ ‎‏الظهور الراجعـة إلی کون الظهور مراداً للمتکلّم .‏

‏غایـة الأمر أنّ الظهور المنعقد إنّما هو الظهور الحاصل من مجموع الکلام‏‎ ‎‏المشتمل علی القرینـة وذیها ، مع أنّـه من الواضح أنّـه لا مجال لجریان أصالـة‏‎ ‎‏عدم القرینـة ، لأنّ المفروض اشتمال الکلام علیها ، فافهم واغتنم .‏

‎ ‎

کتابمعتمد الاصول (ج. ۲): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 332