کلام المحققّ الخراسانی ونقده
ثانیها : ما أفاده المحقّق الخراسانی قدس سره من أنّ الوجـه فی تقدّم الخاصّ علی العامّ والمقیّد علی المطلق هو کون أحدهما قرینـة علی التصرّف فی الآخر ، لکونـه النصّ أو الأظهر والآخر ظاهر دائماً ، وبناء العرف علی کون النصّ أو الأظهر قرینـة علی التصرّف فی الظاهر ، وبهذا ترتفع المعارضـة من بینهما وإن کانت متنافیـة بحسب مدلولاتها ، لعدم تنافیهما فی الدلالـة وفی مقام الإثبات بحیث تبقی أبناء المحاورة متحیّرة ، ولا فرق فی ذلک بین أن یکون السند فیهما قطعیّاً أو ظنّیاً أو مختلفاً ، فیقدّم النصّ أو الأظهر وإن کان بحسب السند ظنّیاً علی الظاهر وإن کان بحسبـه قطعیّاً ، انتهی .
ویرد علیه : أنّـه لو فرض کون العامّ والخاصّ من قبیل : أکرم کلّ عالم وأهن کلّ عالم فاسق ، فلا ترجیح لظهور أحدهما علی الآخر ، ضرورة أنّ دلالـة کلّ منهما علی الوجوب إنّما هو لأجل صیغـة الأمـر الظاهرة فی الوجـوب ، کما أنّ دلالـة کلّ منهما علی العموم إنّما هـو لأجـل الإتیان بکلمـة « کلِّ» الظاهـرة فی
کتابمعتمد الاصول (ج. ۲): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 325
العموم حسب ما مرّ فی مبحثـه ومدخولها فی کلّ منهما هو المشتقّ الموضوع بالوضع العامّ والموضوع له کذلک . ومن المعلوم أنّه لا یکون لمجموع الجملة وضع آخر ما عدا وضع مفرداتها ، وعلی تقدیره لا فرق بین الجملتین ، کما هو واضح .
ودعوی : أنّ الأظهریّـة إنّما هی باعتبار أنّ دلالـة کلّ عالم علی أفراده الفاسقین أضعف من دلالـة کلّ فاسق منهم علی تلک الأفراد ، لأنّ الدلالـة الاُولی إنّما هی الدلالـة بالعرض ، والثانیـة إنّما هی بالذّات ، ومن المعلوم أظهریّتها بالنسبـة إلی الاُولی ، کما لایخفی .
مدفوعـة : بمنع دلالـة العامّ علی الأفراد بخصوصیّاتها ، بل امتناعها ، ضرورة أنّ شمولـه لمثل زید وعمرو وبکر وغیرهم من أفراد العلماء إنّما هو لأجل کونهم عالمین ، لا لأجل تشخّصهم بتلک الخصوصیات ، کما أنّ دلالـة کلّ فاسق منهم علی الأفراد أیضاً کذلک .
نعم تبقی دعوی الاختلاف فی الانطباق ، لأنّ انطباق العامّ علی أفراد الخاصّ لیس بمثابـة انطباق الخاصّ علی أفراده .
ولکنّـه یرد علیها : أنّ الانطباق أمر لا ربط لـه بمقام الدلالـة والإثبات والظهور وأخواه من حالات الدلالـة ، کما هو واضح . فانقدح أنّ التحلیل یقضی بعدم استلزام الخاصّ لکونـه نصّاً أو أظهر ، بل ربّما یتساوی الظهوران ، بل قد یکون ظهوره أضعف من ظهور العامِّ، ومن المعلوم الذی لا یشوبـه ریب أنّ تقدیم الخاصّ علی العامّ عند العرف والعقلاء لا یکون دائراً مدار قوّة ظهوره ، بل لابدّ من الالتزام بما ذکرنا ، فتدبّر جیّداً .
کتابمعتمد الاصول (ج. ۲): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 326