تتمّة : فی اعتبار صدق المیسور فی جریان القاعدة
قد اشتهر بینهم أنّـه لابدّ فی جریان قاعدة المیسور من صدق المیسور علی الباقی عرفاً ، ولابدّ من ملاحظـة أدلّتها لیظهر حال هذا الشرط .
فنقول : أمّا قولـه صلی الله علیه و آله وسلم : « إذا أمرتکم بشیء فأتوا منـه ما استطعتم »
کتابمعتمد الاصول (ج. ۲): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 293
فدلالتـه علی ذلک تـتوقّف علی أن یکون المراد منـه : إذا أمرتکم بطبیعـة لها أفراد ومصادیق فأتوا من تلک الطبیعـة ـ أی من أفرادها ـ ما یکون مستطاعاً لکم ، وحینئذٍ فالفرد المستطاع أیضاً فرد للطبیعـة صادق علیـه عنوانها کالصلاة والوضوء ونحوهما . وحینئذٍ فلو لم یکن عنوانها صادقاً علی الفاقد للأجزاء المعسورة لا یمکن إثبات وجوبـه بهذا الحدیث ، لأنّـه لابدّ أن یکون مصداقاً لها ، غایـة الأمر أنّـه مصداق ناقص والمعسور فرد کامل .
وأمّا بناءً علی ما استظهرنا من الحدیث من کون المراد منه هو الإتیان بالطبیعة المأمور بها زمان الاستطاعـة والقدرة ، فلا یستفاد منه هذا الشرط ، کما هو واضح .
وأمّا قولـه علیه السلام : « المیسور لا یسقط بالمعسور » ، ففیـه احتمالات أربعـة :
أحدها : أن یکون المراد : المیسور من أفراد الطبیعـة المأمور بها لا یسقط بالمعسور .
ثانیها : أن یکون المراد : المیسور من أجزاء الطبیعـة المأمور بها لا یسقط بالمعسور من تلک الأجزاء .
ثالثها : أن یکون المراد : المیسور من أفراد الطبیعـة المأمور بها لا یسقط بالمعسور من أجزائها .
رابعها : عکس الثالث وهو : أنّ المیسور من أجزاء الطبیعـة المرکّبـة المأمور بها لا یسقط بالمعسور من أفرادها .
ودلالـة هذا الحدیث علی الشرط المذکور مبنیّـة علی الاحتمال الأوّل والثالث ، وأمّا بناءً علی الاحتمال الثانی والرابع فلا دلالـة لـه علی ذلک . ولا یخفی أنّـه لیس فی البین ما یرجّح أحد الاحتمالین بعد سقوط الاحتمال الثالث والرابع ، لکونهما مخالفاً للظاهر ، والقدر المتیقّن هی صورة وجدان الشرط وکون
کتابمعتمد الاصول (ج. ۲): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 294
الباقی صادقاً علیـه أنّـه میسور المأمور بـه ، کما هو غیر خفی .
وأمّا قولـه علیه السلام : « ما لا یدرک کلّـه لا یترک کلّـه » فیحتمل أن یکون المراد بـه أنّ المرکّب الذی لا یدرک کلّـه لا یترک ذلک المرکّب بکلّیتـه ، ومعناه حینئذٍ لزوم الإتیان بالمرکّب الناقص بعد تعذّر درک التامِّ.
ویحتمل أن یکون المراد بـه أنّ المرکّب الذی لا یدرک کلّـه لا یترک کلّ ذلک المرکّب ؛ أی لا یترک کلّ جزء من أجزائـه . فعلی الأوّل یدلّ علی کون الباقی لابدّ وأن یکون مصداقاً للطبیعـة المأمور بها ، وعلی الثانی لا دلالـة لـه علی ذلک ، والظاهر هو المعنی الثانی .
کتابمعتمد الاصول (ج. ۲): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 295